أَوْ وَارِثِهِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَلَوْ أَوْقَفَهُ السُّلْطَانُ عَامًا جَازَ، وَلَوْ لِجِهَةٍ خَاصَّةٍ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ لَا يَصِحُّ.
[مَطْلَبٌ مَتَى ذَكَرَ الْوَاقِفُ شَرْطَيْنِ مُتَعَارِضَيْنِ]
لَوْ شَهِدَ الْمُتَوَلِّي مَعَ آخَرَ بِوَقْفِ مَكَانِ كَذَا عَلَى الْمَسْجِدِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَبُولُهَا.
لَا تَلْزَمُ الْمُحَاسَبَةُ فِي كُلِّ عَامٍ وَيَكْتَفِي الْقَاضِي مِنْهُ بِالْإِجْمَالِ لَوْ مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ، وَلَوْ مُتَّهَمًا يُجْبِرُهُ عَلَى التَّعْيِينِ شَيْئًا فَشَيْئًا وَيَحْبِسُهُ بَلْ يُهَدِّدُهُ، وَلَوْ اتَّهَمَهُ يُحَلِّفُهُ قُنْيَةٌ.
قُلْت: وَقَدَّمْنَا فِي الشَّرِكَةِ أَنَّ الشَّرِيكَ وَالْمُضَارِبَ وَالْوَصِيَّ وَالْمُتَوَلِّيَ لَا يُلْزَمُ بِالتَّفْصِيلِ، وَأَنَّ غَرَضَ قُضَاتِنَا لَيْسَ إلَّا الْوُصُولَ لِسُحْتِ الْمَحْصُولِ. لَوْ ادَّعَى الْمُتَوَلِّي الدَّفْعَ قُبِلَ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ لَكِنْ أَفْتَى الْمُنْلَا أَبُو السُّعُودِ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى الدَّفْعَ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ
ــ
[رد المحتار]
أَنْ يَظْهَرَ الْحَالُ وَقَدَّمْنَا تَمَامَ تَحْقِيقِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَيَانُ الْمَصْرِفِ مِنْ أَصْلِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: أَوْ وَارِثِهِ) أَيْ إنْ مَاتَ مَالِكُهُ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ (قَوْلُهُ: فَلَوْ وَقَفَهُ السُّلْطَانُ) أَيْ بَعْدَمَا صَارَ لِبَيْتِ الْمَالِ بِمَوْتِ أَرْبَابِهِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ هَذَا إرْصَادٌ لَا وَقْفٌ حَقِيقِيٌّ (قَوْلُهُ: عَامًّا) كَالْمَسْجِدِ وَالْمَقْبَرَةِ وَالسِّقَايَةِ، وَمِثْلُهُ مَا وَظَّفَهُ فِي مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ لِلْعُلَمَاءِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ لَهُ حَقٌّ فِي بَيْتِ الْمَالِ، فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إبْطَالُهُ نَعَمْ لِلسُّلْطَانِ مُخَالَفَةُ شَرْطِ وَاقِفِهِ بِزِيَادَةٍ وَنَقْصٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا بِصَرْفِهِ عَنْ جِهَتِهِ إلَى غَيْرِ جِهَتِهِ كَمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَنُقِلَ عَنْ الْمَبْسُوطِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِجِهَةٍ خَاصَّةٍ) كَذُرِّيَّتِهِ أَوْ عُتَقَائِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ) لِأَنَّ فِيهِ تَعْطِيلَ حَقِّ بَقِيَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَقَدْ بَسَطَ الْمَقَامَ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ فَرَاجِعْهُ
(قَوْلُهُ: فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ قَبُولُهَا) كَمَا لَوْ شَهِدَ بِوَقْفِ مَدْرَسَةٍ وَهُوَ صَاحِبُ وَظِيفَةٍ بِهَا فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ، وَكَذَا شَهَادَةُ أَهْلِ الْمَحَلَّةِ بِوَقْفٍ عَلَيْهَا، وَأَبْنَاءُ السَّبِيلِ بِوَقْفٍ عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ، وَهَذَا فِي الشَّهَادَةِ بِأَصْلِ الْوَقْفِ لَا فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْغَلَّةِ كَشَهَادَةٍ بِإِجَارَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا تُقْبَلُ لِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِيهَا فَكَانَ مُتَّهَمًا كَمَا فِي شَهَادَاتِ الْبَحْرِ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَإِلَّا جُبِرَ الْخَاصُّ، وَوَجْهُ الْقَبُولِ أَنَّ الشَّهَادَةَ تُقْبَلُ فِي الْوَقْفِ حِسْبَةً بِدُونِ الدَّعْوَى كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: بَلْ يُهَدِّدُهُ) يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَإِنْ فَعَلَ وَإِلَّا يَكْتَفِي مِنْهُ بِالْيَمِينِ بَحْرٌ. مَطْلَبٌ فِي مُحَاسَبَةِ الْمُتَوَلِّي وَتَحْلِيفِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اتَّهَمَهُ يُحَلِّفُهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَمِينًا كَالْمُودَعِ يَدَّعِي هَلَاكَ الْوَدِيعَةِ أَوْ رَدِّهَا قِيلَ: إنَّمَا يَسْتَحْلِفُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ شَيْئًا مَعْلُومًا، وَقِيلَ يَحْلِفُ عَلَى كُلِّ حَالٍ بَحْرٌ عَنْ الْقُنْيَةِ.
قُلْت: وَسَيَأْتِي قُبَيْلَ كِتَابِ الْإِقْرَارِ أَنَّهُ لَا تَحْلِيفَ عَلَى حَقٍّ مَجْهُولٍ إلَّا فِي سِتٍّ: إذَا اتَّهَمَ الْقَاضِي وَصِيَّ يَتِيمٍ وَمُتَوَلِّيَ وَقْفٍ وَفِي رَهْنٍ مَجْهُولٍ وَدَعْوَى سَرِقَةٍ وَغَصْبٍ وَخِيَانَةِ مُودَعٍ اهـ (قَوْلُهُ: قُلْت وَقَدَّمْنَا إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَوْ مُتَّهَمًا يُجْبِرُهُ عَلَى التَّعْيِينِ، وَقَدْ يُجَابُ مَا قَدَّمَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَعْرُوفًا بِالْأَمَانَةِ. مَطْلَبٌ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمُتَوَلِّي فِي ضَيَاعِ الْغَلَّةِ وَتَفْرِيقِهَا
(قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ) مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ وَقْفِ النَّاصِحِي إذَا آجَرَ الْوَاقِفُ أَوْ قَيِّمُهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ أَمِينُهُ ثُمَّ قَالَ قَبَضْتُ الْغَلَّةَ فَضَاعَتْ أَوْ فَرَّقْتهَا عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَأَنْكَرُوا فَالْقَوْلُ لَهُ مَعَ يَمِينِهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْإِسْعَافِ وَكَذَا فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى عَنْ شُرُوطِ الظَّهِيرِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَسَيَجِيءُ فِي الْعَارِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَنْكَرُوهُ بَلْ يَدْفَعُهُ ثَانِيًا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ اهـ وَفِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ الْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي هَذَا الزَّمَانِ. اهـ.