لِمَنْ نَصَّ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ فِي وَقْفِهِ كَأَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِهِ قُبِلَ قَوْلُهُ، وَإِنْ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَى الْإِمَامِ بِالْجَامِعِ وَالْبَوَّابِ وَنَحْوِهِمَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ شَخْصًا لِلْبِنَاءِ فِي الْجَامِعِ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ ثُمَّ ادَّعَى تَسْلِيمَ الْأُجْرَةِ إلَيْهِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَهُوَ تَفْصِيلٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ فَيُعْمَلُ بِهِ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُهُ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ.
قُلْت: وَسَيَجِيءُ فِي الْعَارِيَّةِ مَعْزِيًّا لِأَخِي زَادَهْ لَوْ آجَرَ الْقَيِّمُ، ثُمَّ عُزِلَ، فَقَبْضُ الْأُجْرَةِ لِلْمَنْصُوبِ فِي الْأَصَحِّ
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ إذَا كَانَ النَّاظِرُ مُفْسِدًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ
قُلْت: بَلْ نُقِلَ فِي الْحَامِدِيَّةِ عَنْ الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ أَنَّهُ أَفْتَى بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُفْسِدًا مُبَذِّرًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِصَرْفِ مَالِ الْوَقْفِ بِيَمِينِهِ، وَفِيهَا الْقَوْلُ فِي الْأَمَانَةِ قَوْلُ الْأَمِينِ مَعَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَمْرًا يُكَذِّبُهُ الظَّاهِرُ، فَحِينَئِذٍ تَزُولُ الْأَمَانَةُ وَتَظْهَرُ الْخِيَانَةُ، فَلَا يُصَدَّقُ بِيرِيٌّ عَنْ أَحْكَامِ الْأَوْصِيَاءِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ ظَهَرَتْ خِيَانَةُ نَاظِرٍ لَا يُصَدَّقُ قَوْلُهُ وَلَوْ بِيَمِينِهِ وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ اهـ وَفِيهَا عَنْ فَتَاوَى الشَّلَبِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ، وَمَنْ اتَّصَفَ بِهَذِهِ الصِّفَات الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرْعِ الَّتِي صَارَ بِهَا فَاسِقًا لَا يُقْبَلُ فِيمَا صَرَفَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ النَّاظِرِ الثِّقَةِ بَعْدَ الْعَزْلِ أَيْضًا ذَكَرَ الْحَمَوِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْأَشْبَاهِ مِنْ كِتَابِ الْأَمَانَاتِ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ الْقَبُولُ لِأَنَّ الْعَزْلَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ أَمِينًا، وَأَطَالَ فِيهِ فَرَاجِعْهُ وَبِهِ أَفْتَى الْمُصَنِّفُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيِّ لَوْ ادَّعَى بَعْدَ بُلُوغِ الْيَتِيمِ أَنَّهُ أَنْفَقَ كَذَا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ أَسْنَدَهُ إلَى حَالَةٍ مُنَافِيَةٍ لِلضَّمَانِ (قَوْلُهُ: فِي وَقْفِهِ) أَيْ وَقْفِ الْوَاقِفِ الْمَعْلُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ: قُبِلَ قَوْلُهُ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ كَمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى (قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ وَنَحْوُهُ، لَيْسَ مُجَرَّدَ صِلَةٍ، بَلْ فِيهِ شَوْبُ الْأُجْرَةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي فَتَاوَاهُ لَكِنْ قَالَ فِي كِتَابِهِ تُحْفَةُ الْأَقْرَانِ غَيْرَ أَنَّ الْعُلَمَاءَ عَلَى الْإِفْتَاءِ بِخِلَافِهِ اهـ وَفِي حَاشِيَةِ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ وَالْجَوَابُ عَمَّا قَالَهُ أَبُو السُّعُودِ: أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْأُجْرَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَمُقْتَضَى مَا قَالَهُ أَبُو السُّعُودِ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّ بَرَاءَةِ نَفْسِهِ لَا فِي حَقِّ صَاحِبِ الْوَظِيفَةِ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيمَا فِي يَدِهِ فَيُلْزَمُ الضَّمَانَ فِي الْوَقْفِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ وَفِيهِ ضَرَرٌ بِالْوَقْفِ فَالْإِفْتَاءُ بِمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ مُتَعَيِّنٌ، وَقَوْلُهُ يَعْنِي: الْمُصَنِّفُ هُوَ تَفْصِيلٌ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ إذْ يَلْزَمُ مِنْهُ تَضْمِينُ النَّاظِرِ إذَا دَفَعَ لَهُمْ بِلَا بَيِّنَةٍ لِتَعَدِّيهِ. اهـ.
قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الضَّمَانُ عَلَى الْوَقْفِ لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُ وَلَا تَعَدِّي مِنْهُ أَصْلًا لِأَنَّهُ دَفَعَ حَقًّا لِمَنْ يَسْتَحِقُّهُ فَأَيْنَ التَّعَدِّيَ إذَا لَمْ يُشْهَدْ، وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّهُ يَضْمَنُ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ اسْتِئْجَارِهِ شَخْصًا لِلْبِنَاءِ إذَا دَفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلِذَا قَالَ فِي الْحَامِدِيَّةِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْخَيْرِ الرَّمْلِيِّ قُلْت: تَفْصِيلُ أَبِي السُّعُودِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ بِاعْتِبَارِ التَّمْثِيلِ بِالْأُجْرَةِ فَهِيَ مِثْلُهَا، وَقَوْلُ الْعُلَمَاءِ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الدَّفْعِ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ أَرْبَابِ الْوَظَائِفِ الْمَشْرُوطِ عَلَيْهِمْ الْعَمَلُ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا لَا يَسْتَحِقُّونَ الْوَظِيفَةَ فَهِيَ كَالْأُجْرَةِ لَا مَحَالَةَ، وَهُوَ كَأَنَّهُ أَجِيرٌ فَإِذَا اكْتَفَيْنَا بِيَمِينِ النَّاظِرِ يَضِيعُ عَلَيْهِ الْأَجْرُ لَا سِيَّمَا نُظَّارُ هَذَا الزَّمَانِ، وَقَالَ الْمَوْلَى عَطَاءُ اللَّهِ أَفَنْدِي فِي مَجْمُوعَتِهِ سُئِلَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ زَكَرِيَّا أَفَنْدِي عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَأَجَابَ: بِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْوَظِيفَةُ فِي مُقَابَلَةِ الْخِدْمَةِ، فَهِيَ أُجْرَةٌ لَا بُدَّ لِلْمُتَوَلِّي مِنْ إثْبَاتِ الْأَدَاءِ بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا فَهِيَ صِلَةٌ وَعَطِيَّةٌ يُقْبَلُ فِي أَدَائِهِ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي مَعَ يَمِينِهِ، وَإِفْتَاءُ مَنْ بَعْدَهُ مِنْ الْمَشَايِخِ الْإِسْلَامِيَّةِ إلَى هَذَا الزَّمَانِ عَلَى هَذَا مُتَمَسِّكِينَ بِتَجْوِيزِ الْمُتَأَخِّرِينَ الْأُجْرَةَ فِي مُقَابَلَةِ الطَّاعَاتِ اهـ (قَوْلُهُ: قُلْت وَسَيَجِيءُ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا إذَا ادَّعَى الصَّرْفَ إلَى وَظَائِفِ الْمُرْتَزِقَةِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي حَقِّهِمْ، لَكِنْ لَا يَضْمَنُ مَا أَنْكَرُهُ لَهُ بَلْ يَدْفَعُهُ ثَانِيًا مِنْ مَالِ الْوَقْفِ كَمَا بُسِطَ فِي حَاشِيَةِ أَخِي زَادَهْ. اهـ.
قُلْت: وَسَيَجِيءُ قَبْلَهُ فِي الْوَدِيعَةِ حُكْمُ مَا لَوْ مَاتَ النَّاظِرُ مُجَهِّلًا غَلَّاتِ الْوَقْفِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) ذَكَرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute