لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ وَطْءَ الْأُمَّهَاتِ يُحَرِّمُ الْبَنَاتِ وَنِكَاحَ الْبَنَاتِ يُحَرِّمُ الْأُمَّهَاتِ، وَيَدْخُلُ بَنَاتُ الرَّبِيبَةِ وَالرَّبِيبِ. وَفِي الْكَشَّافِ وَاللَّمْسُ وَنَحْوُهُ كَالدُّخُولِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ (وَزَوْجَةَ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ مُطْلَقًا) وَلَوْ بَعِيدًا دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا. وَأَمَّا بِنْتُ زَوْجَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنُهُ فَحَلَالٌ (وَ) حَرُمَ (الْكُلُّ) مِمَّا مَرَّ تَحْرِيمُهُ نَسَبًا، وَمُصَاهَرَةً (رَضَاعًا) إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ فِي بَابِهِ. .
[فُرُوعٌ]
يَقَعُ مَغْلَطَةٌ فَيُقَالُ: طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ، وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَاعْتَدَّتْ، فَنَكَحَتْ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ، فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فَنَكَحَتْ آخَرَ فَدَخَلَ بِهَا
ــ
[رد المحتار]
(قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَبِنْتُ زَوْجَتِهِ بَنَاتُ الرَّبِيبَةِ وَالرَّبِيبَةُ وَثَبَتَ حُرْمَتُهُنَّ بِالْإِجْمَاعِ وقَوْله تَعَالَى {وَرَبَائِبُكُمُ} [النساء: ٢٣] بَحْرٌ (قَوْلُهُ: وَفِي الْكَشَّافِ إلَخْ) تَبِعَ فِي النَّقْلِ عَنْهُ صَاحِبَ الْبَحْرِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُتُونَ طَافِحَةٌ بِأَنَّ اللَّمْسَ وَنَحْوَهُ كَالْوَطْءِ فِي إيجَابِهِ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ مِنْ غَيْرِ اخْتِصَاصٍ بِمَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ، لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْآيَةُ مُصَرِّحَةً بِحُرْمَةِ الرَّبَائِبِ بِقَيْدِ الدُّخُولِ وَبِعَدَمِهَا عِنْدَ عَدَمِهِ كَانَ ذَلِكَ مَظِنَّةَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّ خُصُوصَ الدُّخُولِ هُنَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَأَنَّ تَصْرِيحَهُمْ بِأَنَّ اللَّمْسَ وَنَحْوَهُ يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ بِمَخْصُوصٍ بِمَا عَدَا الرَّبَائِبَ لِظَاهِرِ الْآيَةِ فَنَقْلُ التَّصْرِيحِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ بِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْوَطْءِ هُنَا لِدَفْعِ ذَلِكَ الْوَهْمِ، وَلِبَيَانِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَخْرِيجَاتِ الْمَشَايِخِ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ التَّصْرِيحَ بِهِ هُنَا عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إلَّا فِي الْكَشَّافِ فَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْهُ لِأَنَّ الزَّمَخْشَرِيّ مِنْ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ وَهُوَ حُجَّةٌ فِي النَّقْلِ، وَلِكَوْنِ الْمَوْضِعِ مَوْضِعَ خَفَاءٍ أَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَزَوْجَةُ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: ٢٢] وقَوْله تَعَالَى {وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ} [النساء: ٢٣] وَالْحَلِيلَةُ الزَّوْجَةُ وَأَمَّا حُرْمَةُ الْمَوْطُوءَةِ بِغَيْرِ عَقْدٍ فَبِدَلِيلٍ آخَرَ وَذَكَرَ الْأَصْلَابَ لِإِسْقَاطِ حَلِيلَةِ الِابْنِ الْمُتَبَنَّى لَا لِإِحْلَالِ حَلِيلَةِ الِابْنِ رَضَاعًا فَإِنَّهَا تَحْرُمُ كَالنَّسَبِ بَحْرٌ وَغَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعِيدًا إلَخْ) بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ أَيْ وَلَوْ كَانَ الْأَصْلُ أَوْ الْفَرْعُ بَعِيدًا كَالْجَدِّ، وَإِنْ عَلَا وَابْنُ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ. وَتُحَرَّمُ زَوْجَةُ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بِنْتُ زَوْجَةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ فَحَلَالٌ) وَكَذَا بِنْتُ ابْنِهَا بَحْرٌ.
قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: وَلَا تَحْرُمُ بِنْتُ زَوْجِ الْأُمِّ وَلَا أُمُّهُ وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الْأَبِ وَلَا بِنْتُهَا وَلَا أُمُّ زَوْجَةِ الِابْنِ وَلَا بِنْتُهَا وَلَا زَوْجَةُ الرَّبِيبِ وَلَا زَوْجَةُ الرَّابِّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: نَسَبًا) تَمْيِيزٌ عَنْ نِسْبَةِ تَحْرِيمٍ لِلضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: مُصَاهَرَةً، وَقَوْلُهُ: رَضَاعًا تَمْيِيزٌ عَنْ نِسْبَةِ تَحْرِيمٍ إلَى الْكُلِّ، يَعْنِي يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ أُصُولُهُ وَفُرُوعُهُ وَفُرُوعُ أَبَوَيْهِ وَفُرُوعُهُمْ، وَكَذَا فُرُوعُ أَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ الصُّلْبِيُّونَ، وَفُرُوعُ زَوْجَتِهِ وَأُصُولُهَا وَفُرُوعُ زَوْجِهَا وَأُصُولُهُ وَحَلَائِلُ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا مَا اسْتَثْنَى أَيْ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا، وَهُوَ تِسْعُ صُوَرٍ تَصِلُ بِالْبَسْطِ إلَى مِائَةٍ وَثَمَانِيَةٍ كَمَا سَنُحَقِّقُهُ ح.
[تَنْبِيهٌ]
مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَالْكُلُّ رَضَاعًا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَلَوْ مِنْ زِنًى حُرْمَةُ فَرْعِ الْمَزْنِيَّةِ وَأَصْلُهَا رَضَاعًا، وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ عَدَمُ الْحُرْمَةِ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ فِي النَّظْمِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يَحْرُمُ كُلٌّ مِنْ الزَّانِي وَالْمَزْنِيَّةِ عَلَى أَصْلِ الْآخَرِ وَفَرْعِهِ رَضَاعًا. اهـ.
وَمُقْتَضَى تَقْيِيدِهِ بِالْفَرْعِ وَالْأَصْلِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي عَدَمِ الْحُرْمَةِ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنْ الْحَوَاشِي كَالْأَخِ وَالْعَمِّ. وَفِي التَّنْجِيسِ زَنَى بِامْرَأَةٍ فَوَلَدَتْ فَأَرْضَعَتْ بِهَذَا اللَّبَنِ صَبِيَّةً لَا يَجُوزُ لِهَذَا الزَّانِي تَزَوُّجُهَا وَلَا لِأُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، وَالْعَمِّ الزَّانِي التَّزَوُّجُ بِهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ وَلَدَتْ لَهُ مِنْ الزِّنَى، وَالْخَالُ مِثْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهَا مِنْ الزَّانِي، حَتَّى يَظْهَرَ فِيهَا حُكْمُ الْقَرَابَةِ وَالتَّحْرِيمُ عَلَى أَبِي الزَّانِي وَأَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ لِاعْتِبَارِ الْجُزْئِيَّةِ وَلَا جُزْئِيَّةَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَمِّ، وَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فِي الْمُتَوَلِّدَةِ مِنْ الزِّنَى فَكَذَا فِي الْمُرْضَعَةِ بِلَبَنِ الزِّنَى. اهـ. قُلْت: وَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ مِنْ التَّعْمِيمِ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ: وَلَوْ مِنْ زِنًى كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ هُنَاكَ.
[فُرُوعٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ فَاعْتَدَّتْ فَنَكَحَتْ صَغِيرًا فَأَرْضَعَتْهُ فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ فَنَكَحَتْ آخَرَ فَدَخَلَ بِهَا]
(قَوْلُهُ: تَقَعُ مَغْلَطَةٌ) كَمَفْعَلَةٍ مَحَلُّ الْغَلَطِ أَوْ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَكْسُورَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ أَيْ مَسْأَلَةٌ تُغَلِّطُ مَنْ يُجِيبُ عَنْهَا بِلَا تَأَمُّلٍ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَهَا مِنْهُ لَبَنٌ) أَيْ نَزَلَ مِنْهَا بِسَبَبِ وِلَادَتِهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَحَرُمَتْ عَلَيْهِ) لِكَوْنِهَا صَارَتْ أُمَّهُ رَضَاعًا (قَوْلُهُ: فَدَخَلَ بِهَا)