للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَبَانَهَا فَهَلْ تَعُودُ لِلْأَوَّلِ بِوَاحِدَةٍ أَمْ بِثَلَاثٍ؟ الْجَوَابُ: لَا تَعُودُ إلَيْهِ أَبَدًا لِصَيْرُورَتِهَا حَلِيلَةَ ابْنِهِ رَضَاعًا. شَرَى أَمَةَ أَبِيهِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ وَطِئَهَا. تَزَوَّجَ بِكْرًا فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا وَقَالَتْ أَبُوك فَضَّنِي، إنْ صَدَّقَهَا بَانَتْ بِلَا مَهْرٍ، وَإِلَّا لَا شُمُنِّيٌّ (وَ) حَرُمَ أَيْضًا بِالصِّهْرِيَّةِ (أَصْلُ مَزْنِيَّتِهِ) أَرَادَ بِالزِّنَا فِي الْوَطْءِ الْحَرَامِ (وَ) أَصْلُ (مَمْسُوسَتِهِ بِشَهْوَةٍ) وَلَوْ لِشَعْرٍ عَلَى الرَّأْسِ بِحَائِلٍ لَا يَمْنَعُ الْحَرَارَةَ

ــ

[رد المحتار]

قَيَّدَ بِهِ لِيُمْكِنَ تَوَهُّمُ إحْلَالِهَا لِلْأَوَّلِ، وَالصَّغِيرُ لَا يُمْكِنُ مِنْهُ الدُّخُولُ (قَوْلُهُ: بِوَاحِدَةٍ أَمْ بِثَلَاثٍ) الْأَوَّلُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ لَا يَهْدِمُ مَا دُونَ الثَّلَاثِ، وَالثَّانِي بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَهْدِمُهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ.

(قَوْلُهُ: لِصَيْرُورَتِهَا حَلِيلَةَ ابْنِهِ رَضَاعًا) ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْبُنُوَّةِ بِالْإِرْضَاعِ مُقَارِنٌ لِلزَّوْجِيَّةِ، فَيَصِحُّ وَصْفُهَا بِكَوْنِهَا زَوْجَةَ ابْنِهِ وَابْنِهَا رَضَاعًا، وَكَذَا إنَّ قُلْنَا إنَّ ثُبُوتَ الْبُنُوَّةِ عَارِضٌ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ، وَمُعَاقِبٌ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ الْوَصْفَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَلِذَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ رَبِيبَتُهُ الْمَوْلُودَةُ بَعْدَ طَلَاقِهِ أُمَّهَا وَزَوْجَةَ أَبِيهَا مِنْ الرَّضَاعِ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ ارْتِضَاعَةِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: إنْ عُلِمَ أَنَّهُ وَطِئَهَا) فَإِنْ عُلِمَ عَدَمُ الْوَطْءِ أَوْ شُكَّ تَحِلُّ. اهـ.

ح وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ مَا يَشْمَلُ غَلَبَةَ الظَّنِّ إذْ حُصُولُ الْعِلْمِ الْيَقِينِيِّ فِي ذَلِكَ نَادِرٌ، وَمِنْهُ إخْبَارُ الْأَبِ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: رَجُلٌ لَهُ جَارِيَةٌ فَقَالَ قَدْ وَطِئْتهَا لَا تَحِلُّ لِابْنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ فَقَالَ: قَدْ وَطِئْتهَا يَحِلُّ لِابْنِهِ أَنْ يُكَذِّبَهُ وَيَطَأَهَا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ يَشْهَدُ لَهُ. اهـ.

أَيْ يَشْهَدُ لِلِابْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ الْوَطْءَ كَانَ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ بَاعَهَا ثُمَّ أَخْبَرَ بِأَنَّهُ وَطِئَهَا حِينَ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ لَا تَحِلُّ لِابْنِهِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا) أَيْ حِينَ أَرَادَ جِمَاعَهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْمِنَحِ وَذَلِكَ بِإِخْبَارِهَا أَوْ بِأَمْرٍ غَيْرِ الْجِمَاعِ، أَمَّا لَوْ جَامَعَهَا فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا وَجَبَ عَلَيْهِ مَهْرُ مِثْلِهَا لِوَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَالْوَطْءُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَخْلُو عَنْ عُقْرٍ أَوْ مَهْرٍ رَحْمَتِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَحَرُمَ أَيْضًا بِالصِّهْرِيَّةِ أَصْلُ مَزْنِيَّتِهِ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: أَرَادَ بِحُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ الْحُرُمَاتِ الْأَرْبَعَ حُرْمَةَ الْمَرْأَةِ عَلَى أُصُولِ الزَّانِي وَفُرُوعِهِ نَسَبًا وَرَضَاعًا وَحُرْمَةَ أُصُولِهَا وَفُرُوعِهَا عَلَى الزَّانِي نَسَبًا وَرَضَاعًا كَمَا فِي الْوَطْءِ الْحَلَالِ وَيَحِلُّ لِأُصُولِ الزَّانِي وَفُرُوعِهِ أُصُولُ الْمُزَنِيّ بِهَا وَفُرُوعُهَا. اهـ.

وَمِثْلُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ النَّظْمِ وَغَيْرِهِ. وَقَوْلُهُ: وَيَحِلُّ إلَخْ أَيْ كَمَا يَحِلُّ ذَلِكَ بِالْوَطْءِ الْحَلَالِ وَتَقْيِيدُهُ بِالْحُرُمَاتِ الْأَرْبَعِ مُخْرِجٌ لِمَا عَدَاهَا وَتَقَدَّمَ آنِفًا الْكَلَامُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: أَرَادَ بِالزِّنَى الْوَطْءَ الْحَرَامَ) ؛ لِأَنَّ الزِّنَى وَطْءُ مُكَلَّفٍ فِي فَرْجِ مُشْتَهَاةٍ وَلَوْ مَاضِيًا خَالٍ عَنْ الْمِلْكِ وَشُبْهَتِهِ، وَكَذَا تَثْبُتُ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ لَوْ وَطِئَ الْمَنْكُوحَةَ فَاسِدًا أَوْ الْمُشْتَرَاةَ فَاسِدًا أَوْ الْجَارِيَةَ الْمُشْتَرَكَةَ أَوْ الْمُكَاتَبَةَ أَوْ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا أَوْ الْأَمَةَ الْمَجُوسِيَّةَ أَوْ زَوْجَتَهُ الْحَائِضَ أَوْ النُّفَسَاءَ أَوْ كَانَ مُحْرِمًا أَوْ صَائِمًا، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالزِّنَى؛ لِأَنَّ فِيهِ خِلَافَ الشَّافِعِيِّ، وَلِيُفِيدَ أَنَّهَا لَا، تَثْبُتُ بِالْوَطْءِ بِالدُّبُرِ كَمَا يَأْتِي خِلَافًا لِلْأَوْزَاعِيِّ وَأَحْمَدَ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَبِقَوْلِنَا قَالَ مَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ وَأَحْمَدُ، وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْأَصَحِّ وَعِمْرَانِ بْنِ الْحُصَيْنِ وَجَابِرٍ وَأُبَيُّ وَعَائِشَةَ وَجُمْهُورِ التَّابِعِينَ كَالْبَصْرِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَطَاوُسٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءٍ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ وَحَمَّادٍ وَالثَّوْرِيِّ وَابْنِ رَاهْوَيْهِ وَتَمَامُهُ مَعَ بَسْطِ الدَّلِيلِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَصْلُ مَمْسُوسَتِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ الْمَسَّ وَالنَّظَرَ سَبَبٌ دَاعٍ إلَى الْوَطْءِ فَيُقَامُ مَقَامَهُ فِي مَوْضِعِ الِاحْتِيَاطِ هِدَايَةٌ. وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ فِي الْفَتْحِ بِالْأَحَادِيثِ وَالْآثَارِ عَنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ. (قَوْلُهُ: بِشَهْوَةٍ) أَيْ وَلَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِشَعْرٍ عَلَى الرَّأْسِ) خَرَجَ بِهِ الْمُسْتَرْسِلُ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ تَرْجِيحُ أَنَّ مَسَّ الشَّعْرِ غَيْرُ مُحَرِّمٍ وَجَزَمَ فِي الْمُحِيطِ بِخِلَافِهِ وَرَجَّحَهُ فِي الْبَحْرِ، وَفَصَّلَ فِي الْخُلَاصَةِ فَخَصَّ التَّحْرِيمَ بِمَا عَلَى الرَّأْسِ دُونَ الْمُسْتَرْسِلِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْجَوْهَرَةِ وَجَعَلَهُ فِي النَّهْرِ مَحْمَلَ الْقَوْلَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلِذَا جَزَمَ بِهِ فِي الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: بِحَائِلٍ لَا يَمْنَعُ الْحَرَارَةَ) أَيْ وَلَوْ بِحَائِلٍ إلَخْ، فَلَوْ كَانَ مَانِعًا لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ، كَذَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ، وَكَذَا لَوْ جَامَعَهَا بِخِرْقَةٍ عَلَى ذَكَرِهِ، فَمَا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ ظَهِيرَ الدِّينِ أَنَّهُ يُفْتَى بِالْحُرْمَةِ فِي الْقُبْلَةِ عَلَى الْفَمِ وَالذَّقَنِ وَالْخَدِّ وَالرَّأْسِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمِقْنَعَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>