يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ بِهِ) بِالرَّهْنِ (إذَا كَانَ الطَّرِيقُ أَمْنًا) كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ (وَإِنْ كَانَ لَهُ حِمْلٌ وَمُؤْنَةٌ) وَكَذَا الِانْتِقَالُ عَنْ الْبَلَدِ، وَكَذَا الْعَدْلُ الَّذِي الرَّهْنُ فِي يَدِهِ كَمَا فِي الْعِمَادِيَّةِ مَعْزِيًّا لِلْعُدَّةِ عَلَى خِلَافِ مَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِيَيْنِ، وَلَعَلَّ مَا فِي الْعُدَّةِ قَوْلُ الْإِمَامِ، وَمَا فِي الْفَتَاوَى قَوْلُهُمَا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْقُنْيَةِ.
[فَائِدَةٌ] فِي الْحَدِيثِ «إذَا عَمَّى الرَّهْنَ فَهُوَ بِمَا فِيهِ» قَالُوا: مَعْنَاهُ إذَا اشْتَبَهَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ هَلَاكِهِ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ لَا أَدْرِي كَمْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ضَمِنَ بِمَا فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ كَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْبَابِ.
بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ (لَا يَصِحُّ رَهْنُ مَشَاعٍ) لِعَدَمِ كَوْنِهِ مُمَيَّزًا كَمَا مَرَّ (مُطْلَقًا)
ــ
[رد المحتار]
وَأَمَّا مَا عَارَضَ بِهِ كَلَامَ الْمِعْرَاجِ فَلَا يَخْفَى عَدَمُ وُرُودِهِ، لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي عِنْدِهِ إنْ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْقَوْلِ لَهُ لِأَنَّ الدَّيْنَ يَسْقُطُ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَلَا مُعَارَضَةَ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفِ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ، وَفِي دَعْوَاهُ الرَّدَّ يَنْفِي الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ الضَّمِيرُ لِلرَّاهِنِ فَإِنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ بِيَمِينِهِ إذَا ادَّعَى الْهَلَاكَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ دَعْوَى مُجَرَّدِ الرَّدِّ بَعْدَ الْقَبْضِ أَظْهَرُ مِنْ أَنْ يَخْفَى.
وَرَأَيْتُ فِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ مَا نَصُّهُ: سُئِلَ عَنْ الْمُرْتَهِن إذَا ادَّعَى رَدَّ الْعَيْنِ الْمَرْهُونَةِ وَكَذَّبَهُ الرَّاهِنُ هَلْ الْقَوْلُ قَوْلُهُ؟ أَجَابَ: لَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْأَمَانَاتِ لَا الْمَضْمُونَاتِ بَلْ الْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ فِي عَدَمِ رَدِّهِ إلَيْهِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ وَفَتَاوَى ابْنِ نُجَيْمٍ وَهُوَ عَيْنُ مَا فِي الْمِعْرَاجِ فَلَزِمَ اتِّبَاعُ الْمَنْقُولِ، كَيْفَ وَهُوَ الْمَعْقُولُ، وَمُقْتَضَى عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ ضَمَانُهُ الْجَمِيعُ، لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّهْنُ غَيْرُ زَائِدٍ عَلَى الدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ زَائِدًا لَا يَضْمَنُ الزِّيَادَةَ لِتَمَحُّضِهَا أَمَانَةً غَيْرَ مَضْمُونَةٍ فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيهَا سَوَاءٌ ادَّعَى مُجَرَّدَ الرَّدِّ أَوْ مَعَ الْهَلَاكِ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَهَذَا التَّحْرِيرُ مِنْ خَوَاصِّ كِتَابِنَا هَذَا، وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ
(قَوْلُهُ إذَا كَانَ الطَّرِيقُ أَمْنًا) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْمِصْرِ، أَمَّا إذَا قَيَّدَ بِهِ لَا يَمْلِكُهُ وَتَمَامُهُ فِي ط (قَوْلُهُ وَكَذَا الِانْتِقَالُ عَنْ الْبَلَدِ) أَيْ الِانْتِقَالُ عَنْ بَلَدٍ لِلسُّكْنَى فِي بَلَدٍ آخَرَ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَكَذَا الْعَدْلُ) أَيْ كَالْمُرْتَهِنِ فِيمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ عَلَى خِلَافِ مَا فِي فَتَاوَى الْقَاضِيَيْنِ) أَيْ قَاضِي خَانٍ وَالْقَاضِي ظَهِيرِ الدِّينِ حَيْثُ قَالَا: لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُسَافِرَ بِالرَّهْنِ، وَزَادَ الْأَوَّلُ وَهَذَا عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَعَلَّ مَا فِي الْعُدَّةِ) سَبَقَهُ إلَى هَذَا التَّوْفِيقِ صَاحِبُ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
وَاعْتَرَضَهُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى التَّوْفِيقِ، فَإِنَّ مَا فِي قَاضِي خَانْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ قَوْلُهُمَا
(قَوْلُهُ إذَا عَمِيَ الرَّهْنُ) عَمِيَ عَلَيْهِ الْخَبَرُ: أَيْ خَفِيَ مَجَازٌ مِنْ عَمِيَ الْبَصَرُ مُغْرِبٌ.
قَالَ ط: لَمْ أَقِفْ عَلَى ضَبْطِهِ، وَقَدْ قُرِئَ قَوْله تَعَالَى {فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ} [هود: ٢٨] بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ، وَالْمُرَادُ إذَا خَفِيَ حَالُهُ وَلَمْ تَدْرِ قِيمَتَهُ وَقَدْ اتَّفَقَا عَلَى هَلَاكِهِ اهـ (قَوْلُهُ فَهُوَ بِمَا فِيهِ) الْبَاءُ لِلْمُقَابَلَةِ وَالْمُعَاوَضَةِ سَعْدِيٌّ (قَوْلُهُ ضَمِنَ بِمَا فِيهِ مِنْ الدَّيْنِ) فَيَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الرَّاهِنِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ أَقَلُّ فَإِنْ عَلِمَ وَاشْتَبَهَتْ قِيمَتُهُ يُرَاجَعُ حُكْمُهُ ط (قَوْلُهُ كَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) وَكَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَالْعِنَايَةِ.
وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ حَاكِيًا هَذَا التَّأْوِيلَ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ اهـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَابُ مَا يَجُوزُ ارْتِهَانُهُ وَمَا لَا يَجُوزُ]
ُ (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ رَهْنُ مُشَاعٍ) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ عَبْدًا بَيْنَهُمَا رَهْنَاهُ عِنْدَ رَجُلٍ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رَهْنًا وَاحِدًا، فَلَوْ رَهَنَ كُلٌّ نُصِيبَهُ مِنْ الْعَبْدِ لَمْ يَجُزْ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَإِلَّا إذَا ثَبَتَ الشُّيُوعُ فِيهِ ضَرُورَةٌ كَمَا يَأْتِي آخِرَ السَّوَادَةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) يُفَسِّرُهُ مَا بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ مُوجِبَ الرَّهْنِ الْحَبْسُ الدَّائِمُ، وَفِي الْمُشَاعِ يَفُوتُ