للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا هُوَ مَوْجُودٌ قَبْلَ الشَّرِكَةِ فَكَانَ كَقَفِيزِ الطَّحَّانِ فَتَفْسُدُ (وَالثَّمَرُ وَالْغَرْسُ لِرَبِّ الْأَرْضِ) تَبِعَا لِأَرْضِهِ (وَلِلْآخَرِ قِيمَةُ غَرْسِهِ) يَوْمَ الْغَرْسِ (وَأَجْرُ) مِثْلِ (عَمَلِهِ) وَحِيلَةُ الْجَوَازِ أَنْ يَبِيعَ نِصْفَ الْغِرَاسِ بِنِصْفِ الْأَرْضِ وَيَسْتَأْجِرَ رَبُّ الْأَرْضِ الْعَامِلَ ثَلَاثَ سِنِينَ مَثَلًا بِشَيْءٍ قَلِيلٍ لِيَعْمَلَ فِي نَصِيبِهِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ.

[مُطْلَبٌ يُشْتَرَطُ فِي الْمُنَاصَبَةِ بَيَانُ الْمُدَّةِ]

(ذَهَبَتْ الرِّيحُ بِنَوَاةِ رَجُلٍ وَأَلْقَتْهَا فِي كَرْمِ آخَرَ فَنَبَتَ مِنْهَا شَجَرَةٌ) (فَهِيَ لِصَاحِبِ الْكَرْمِ) إذْ لَا قِيمَةَ لِلنَّوَاةِ (وَكَذَا لَوْ) (وَقَعَتْ خَوْخَةٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ فَنَبَتَ) لِأَنَّ الْخَوْخَةَ لَا تَنْبُتُ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِ لَحْمِهَا.

(وَتَبْطُلُ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ (كَالْمُزَارَعَةِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا وَمُضِيِّ مُدَّتِهَا وَالثَّمَرُ نِيءٌ) هَذَا قَيْدٌ لِصُورَتَيْ الْمَوْتِ وَمُضِيِّ الْمُدَّةِ (فَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ تَقُومُ وَرَثَتُهُ عَلَيْهِ) إنْ شَاءُوا حَتَّى يُدْرَكَ الثَّمَرُ (وَإِنْ كَرِهَ الدَّافِعُ) أَيْ رَبُّ الْأَرْضِ، وَإِنْ أَرَادُوا الْقَلْعَ لَمْ يُجْبَرُوا عَلَى الْعَمَلِ (وَإِنْ مَاتَ الدَّافِعُ يَقُومُ الْعَامِلُ كَمَا كَانَ وَإِنْ كَرِهَ وَرَثَةُ الدَّافِعِ) دَفْعًا لِلضَّرَرِ

ــ

[رد المحتار]

بِهَا بُسْتَانًا كَالصَّبْغِ لِلثَّوْبِ، فَإِذَا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ بَقِيَتْ الْآلَةُ مُتَّصِلَةً بِمِلْكِ صَاحِبِ الْأَرْضِ وَهِيَ مُتَقَوِّمَةٌ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا كَمَا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ قِيمَةُ مَا زَادَ الصَّبْغُ فِي ثَوْبِهِ وَأَجْرُ عَمَلِهِ اهـ (قَوْلُهُ فِيمَا هُوَ مَوْجُودٌ قَبْلَ الشَّرِكَةِ) وَهُوَ الْأَرْضُ (قَوْلُهُ فَكَانَ كَقَفِيزِ الطَّحَّانِ) إذْ هُوَ اسْتِئْجَارٌ بِبَعْضِ مَا يَخْرُجُ مِنْ عَمَلِهِ وَهُوَ نِصْفُ الْبُسْتَانِ هِدَايَةٌ.

هَذَا: وَأَمَّا وَجْهُ صِحَّةِ الْمُنَاصَبَةِ فَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لِأَنَّهُمَا شَرَطَا الشَّرِكَةَ فِي جَمِيعِ مَا يَخْرُجُ بِعَمَلِ الْعَامِلِ وَهَذَا جَائِزٌ فِي الْمُزَارَعَةِ فَكَذَا فِي الْمُعَامَلَةِ اهـ. وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ كَوْنَهَا فِي مَعْنَى قَفِيزِ الطَّحَّانِ لَا يَضُرُّ إذْ هُوَ جَارٍ فِي مُعْظَمِ مَسَائِلِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُعَامَلَةِ، وَلِهَذَا قَالَ الْإِمَامُ بِفَسَادِهِمَا، وَتَرَكَ صَاحِبَاهُ الْقِيَاسَ اسْتِدْلَالًا «بِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَامَلَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى نِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ» ، وَهَذَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْوَجْهِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ عَنْ النِّهَايَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْغَرْسِ) كَذَا أَفَادَهُ الرَّمْلِيُّ، وَقَالَ: لِأَنَّ الضَّمَانَ فِي مِثْلِهِ مِنْ وَقْتِ الِاسْتِهْلَاكِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ مِنْ وَقْتِهِ لَا مِنْ وَقْتِ صَيْرُورَتِهِ شَجَرًا مُثْمِرًا وَلَا مِنْ وَقْتِ الْمُخَاصَمَةِ، فَاعْلَمْ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَحَلَّ قَدْ يَشْتَبِهُ اهـ (قَوْلُهُ وَحِيلَةُ الْجَوَازِ إلَخْ) هَذِهِ الْحِيلَةُ وَإِنْ أَفَادَتْ صِحَّةَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْأَرْضِ وَالْغِرَاسِ لَكِنَّهَا تَضُرُّ صَاحِبَ الْأَرْضِ لِأَنَّ اسْتِئْجَارَ الشَّرِيكِ عَلَى الْعَمَلِ فِي الْمُشْتَرَكِ لَا يَصِحُّ وَلَا يَسْتَحِقُّ أَجْرًا إنْ عَمِلَ، فَقَدْ يَمْتَنِعُ عَنْ الْعَمَلِ وَيَأْخُذُ نِصْفَ الْأَرْضِ بِالثَّمَنِ الْيَسِيرِ، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُمَا أَفْرَزَا الْغِرَاسَ وَغَرَسَ كُلٌّ نِصْفَهُ فِي جَانِبٍ فَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ ذَهَابِ لَحْمِهَا) أَيْ وَبَعْدَ ذَهَابِهِ لَا قِيمَةَ لِلنَّوَاةِ فَكَانَتْ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى ط.

قَالَ فِي الْمِنَحِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: بِخِلَافِ الصَّيْدِ إذَا فَرَّخَتْ فِي أَرْضِ إنْسَانٍ أَوْ بَاضَتْ لِأَنَّ الصَّيْدَ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ وَلَا مُتَّصِلًا بِهَا

(قَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ بَطَلَ لَكِنَّهُ يَبْقَى حُكْمًا أَيْ اسْتِحْسَانًا كَمَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، فَانْدَفَعَ مَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ مِنْ دَعْوَى التَّنَافِي تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَرَادُوا الْقَلْعَ) التَّعْبِيرُ بِهِ يُنَاسِبُ الْمُزَارَعَةَ لَا الْمُسَاقَاةَ اهـ ح.

قُلْت: وَالْأَحْسَنُ الْقَطْعُ لِأَنَّهُ أَشْمَلُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَمْ يُجْبَرُوا عَلَى الْعَمَلِ) أَيْ بَلْ يُخَيَّرُ الْآخَرُ بَيْنَ أَنْ يَقْسِمَ الْبُسْرَ عَلَى الشَّرْطِ، وَبَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ قِيمَةَ نَصِيبِهِمْ مِنْ الْبُسْرِ، وَبَيْنَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى الْبُسْرِ حَتَّى يَبْلُغَ فَيَرْجِعَ بِذَلِكَ فِي حِصَّتِهِمْ مِنْ الثَّمَرِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ ح (قَوْلُهُ يَقُومُ الْعَامِلُ إلَخْ) وَلَوْ الْتَزَمَ الضَّرَرُ تُتَخَيَّرُ وَرَثَةُ الْآخَرِ كَمَا مَرَّ، وَنَظِيرُهُ فِي الْمُزَارَعَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ أَيْضًا.

وَاسْتَشْكَلَ الزَّيْلَعِيُّ الرُّجُوعَ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ وَرَثَتِهِ فِي حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرِ فَقَطْ، وَكَانَ يَنْبَغِي الرُّجُوعُ بِجَمِيعِ النَّفَقَةِ لِأَنَّ الْعَامِلَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بِالْعَمَلِ وَكَانَ الْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا إذَا اخْتَارَ الْمُضِيَّ أَوْ لَمْ يَمُتْ صَاحِبُهُ كَانَ الْعَمَلُ كُلُّهُ عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ الرُّجُوعُ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ يُؤَدِّي إلَى أَنَّ الْعَمَلَ يَجِبُ عَلَيْهِمَا حَتَّى تُسْتَحَقَّ الْمُؤْنَةُ بِحِصَّتِهِ فَقَطْ وَهَذَا خُلْفٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>