للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَطْلَبٌ سَكَنَ دَارًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ]

(وَلَا يُقْسَمُ) بَلْ يَتَهَايَئُونَ (إلَّا عِنْدَهُمَا)

ــ

[رد المحتار]

مَسْأَلَةِ ابْنِ النَّقَّارِ فِي سِوَادَةِ الْفَصْلِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُقْسَمُ إلَّا عِنْدَهُمَا إلَخْ) أَيْ إذَا قَضَى قَاضٍ بِجَوَازِ وَقْفِ الْمَشَاعِ وَنَفَذَ قَضَاؤُهُ وَصَارَ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ كَسَائِرُ الْمُخْتَلِفَاتِ، فَإِنْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ الْقِسْمَةَ فَعِنْدَهُ لَا يُقْسَمُ، وَيَتَهَايَئُونَ وَعِنْدَهُمَا يُقْسَمُ: أَيْ إذَا كَانَتْ بَيْنَ الْوَاقِفِ وَالْمَالِكِ وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْكُلَّ لَوْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى الْأَرْبَابِ، فَأَرَادُوا الْقِسْمَةَ لَا يُقْسَمُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ دُرَرٌ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا عِنْدَهُمَا إذَا كَانَتْ بَيْنَ الْوَاقِفِ وَالْمَالِكِ لَا الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ. مَطْلَبٌ فِي التَّهَايُؤِ فِي أَرْضِ الْوَقْفِ بَيْنَ الْمُسْتَحِقِّينَ

(قَوْلُهُ: بَلْ يَتَهَايَئُونَ) قَالَ فِي فَتَاوَى ابْنِ الشَّلَبِيِّ الْقِسْمَةُ بِطَرِيقِ التَّهَايُؤِ، وَهُوَ التَّنَاوُبُ فِي الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ كَمَا إذَا كَانَ الْمَوْقُوفُ أَرْضًا مَثَلًا بَيْنَ جَمَاعَةٍ، فَتَرَاضَوْا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، يَأْخُذُ لَهُ مِنْ الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ قِطْعَةً مُعَيَّنَةً يَزْرَعُهَا لِنَفْسِهِ هَذِهِ السَّنَةَ، ثُمَّ فِي السَّنَةِ الْأُخْرَى يَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمْ قِطْعَةً غَيْرَهَا، فَذَلِكَ سَائِغٌ، وَلَكِنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ، فَلَهُمْ إبْطَالُهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْحَقِيقَةِ بِقِسْمَةٍ إذْ الْقِسْمَةُ الْحَقِيقَةُ أَنْ يَخْتَصَّ بِبَعْضٍ مِنْ الْعَيْنِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الدَّوَامِ اهـ وَنَحْوُهُ فِي الْبَحْرِ، عَنْ الْإِسْعَافِ، وَمُقْتَضَاهُ: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ اسْتِدَامَةُ هَذِهِ الْقِسْمَةِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ نَقْضُهَا، وَاسْتِبْدَالُ الْأَمَاكِنِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ إذْ لَوْ اُسْتُدِيمَتْ صَارَتْ مِنْ الْقِسْمَةِ الْمَمْنُوعَةِ بِالْإِجْمَاعِ، لِتَأَدِّيهَا فِي طُولِ الزَّمَانِ إلَى دَعْوَى الْمِلْكِيَّةِ، أَوْ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمْ أَوْ بَعْضِهِمْ أَنَّ مَا فِي يَدِهِ مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ فِي الْوَقْفِ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِطَلَبِ الْقِسْمَةِ، وَالْقِسْمَةُ فِي الْوَقْفِ مُتَعَذِّرَةٌ، فَهُوَ مَمْنُوعٌ، بَلْ يُمْكِنُ نَقْضُهَا وَإِبْطَالُهَا بِإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ أَوْ بِاسْتِبْدَالِ الْأَمَاكِنِ كَمَا قُلْنَا، وَلَوْ ثَبَتَ عَدَمُ إمْكَانِ إبْطَالِهَا لَبَطَلَ مَا نَقَلُوهُ مِنْ الْإِجْمَاعِ، عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ لَا يُقْسَمُ أَيْ قِسْمَةً مُسْتَدَامَةً، فَقَدْ ظَهَرَ لَك أَنَّ هَذَا كَلَامٌ نَاشِئٌ عَنْ عَدَمِ التَّدَبُّرِ، لِمُخَالَفَتِهِ لِلْإِجْمَاعِ فَتَدَبَّرْ.

مَطْلَبٌ فِيمَا إذَا ضَاقَتْ الدَّارُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ بَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ دَارًا شَرَطَ الْوَاقِفُ سُكْنَاهَا لِأَوْلَادِهِ وَنَسْلِهِ قَالَ فِي الْإِسْعَافِ: تَكُونُ سُكْنَاهَا لَهُمْ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَلَوْ لَمْ يَبْقَ إلَّا وَاحِدٌ، وَأَرَادَ أَنْ يُؤَجِّرَهَا أَوْ مَا فَضَلَ عَنْهُ مِنْهَا لَيْسَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَهُ السُّكْنَى فَقَطْ، وَلَوْ كَثُرَتْ أَوْلَادُ الْوَاقِفِ، وَضَاقَتْ الدَّارُ عَلَيْهِمْ، لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُؤَجِّرُوهَا وَإِنَّمَا تَسْقُطُ سُكْنَاهَا عَلَى عَدَدِهِمْ، وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بَطَلَ مَا كَانَ لَهُ مِنْ سُكْنَاهَا، وَيَكُونُ لِمَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ، وَلَوْ كَانُوا ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَأَرَادَ كُلٌّ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ أَنْ يُسْكِنُوا مَعَهُمْ نِسَاءَهُمْ وَأَزْوَاجَهُنَّ مَعَهُنَّ، جَازَ لَهُمْ ذَلِكَ إنْ كَانَتْ الدَّارُ ذَاتَ مَقَاصِيرَ وَحُجَرٍ يُغْلَقُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ بَابٌ، وَإِنْ كَانَتْ دَارًا وَاحِدَةً لَا يُمْكِنُ أَنْ تَسْقُطَ بَيْنَهُمْ لَا يَسْكُنُهَا إلَّا مَنْ جَعَلَ لَهُمْ الْوَاقِفُ السُّكْنَى دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ نِسَاءِ الرِّجَالِ وَرِجَالِ النِّسَاءِ اهـ: أَيْ لِأَنَّ الْوَاقِفَ قَصَدَ صِيَانَتَهُمْ، وَسَتْرَهُمْ، فَلَوْ سَكَنَ زَوْجُ امْرَأَةٍ مَعَهَا، وَلَهَا فِي هَذِهِ الدَّارِ أَخَوَاتٌ مَثَلًا كَانَ فِيهِ بِذْلَةٌ لَهُنَّ بِدُخُولِ الرَّجُلِ عَلَيْهِنَّ، كَمَا فِي الْخَصَّافِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ حُجْرَةٌ لَهَا بَابٌ يُغْلَقُ، فَإِنَّ لِكُلٍّ أَنْ يَسْكُنَ بِأَهْلِهِ وَحَشَمِهِ وَجَمِيعِ مَنْ مَعَهُ كَمَا فِي الْخَصَّافِ أَيْضًا وَقَدَّمْنَا فِي السَّرِقَةِ: أَنَّ الْمَقْصُورَةَ الْحُجْرَةَ بِلِسَانِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَإِنَّهُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ فِيمَا لَوْ أَخْرَجَ السَّارِقُ السَّرِقَةَ إلَى صَحْنِ الدَّارِ أَنَّهُ إنْ كَانَ فِيهَا مَقَاصِيرُ، فَأَخْرَجَهَا مِنْ مَقْصُورَةٍ إلَى صَحْنِ الدَّارِ قُطِعَ، قَالَ فِي الْفَتْحِ هُنَاكَ: أَيْ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>