للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُقْسَمُ الْمَشَاعُ وَبِهِ أَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ (إذَا كَانَتْ) الْقِسْمَةُ (بَيْنَ الْوَاقِفِ وَ) شَرِيكِهِ (الْمَالِكِ) أَوْ لِوَاقِفِ الْآخَرِ أَوْ نَاظِرِهِ إنْ اخْتَلَفَتْ جِهَةُ وَقْفِهِمَا قَارِئُ الْهِدَايَةِ،

ــ

[رد المحتار]

كَانَتْ الدَّارُ عَظِيمَةً فِيهَا بُيُوتٌ كُلُّ بَيْتٍ يَسْكُنُهُ أَهْلُ بَيْتٍ عَلَى حِدَتِهِمْ، وَيَسْتَغْنُونَ بِهِ اسْتِغْنَاءَ أَهْلِ الْمَنَازِلِ بِمَنَازِلِهِمْ عَنْ صَحْنِ الدَّارِ وَإِنَّمَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَهُمْ بِالسِّكَّةِ اهـ وَهَلْ الْمُرَادُ هُنَا بِالْحُجْرَةِ، كَذَلِكَ الظَّاهِرُ نَعَمْ، كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْخَصَّافِ لِكُلٍّ أَنْ يَسْكُنَ فِي حُجْرَةٍ بِأَهْلِهِ وَحَشَمِهِ وَجَمِيعِ مَنْ مَعَهُ.

ثُمَّ قَدْ صَرَّحَ الْخَصَّافُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا حُجَرٌ، لَا تُقْسَمُ، وَيَقَعُ فِيهَا مُهَايَأَةٌ بَيْنَهُمْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا حُجَرٌ لَا تَكْفِيهِمْ، فَهِيَ كَذَلِكَ أَيْ يَسْكُنُهَا الْمُسْتَحِقُّونَ فَقَطْ، دُونَ نِسَاءِ الرِّجَالِ وَرِجَالِ النِّسَاءِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الْخَصَّافِ، وَعَنْ هَذَا تَعْرِفُ أَنَّهُ لَوْ سَكَنَ بَعْضُهُمْ، فَلَمْ يَجِدْ الْآخَرُ مَوْضِعًا يَكْفِيهِ لَا يَسْتَوْجِبُ أُجْرَةَ حِصَّتِهِ عَلَى السَّاكِنِينَ، بَلْ إنْ أَحَبَّ أَنْ يَسْكُنَ مَعَهُ فِي بُقْعَةٍ مِنْ تِلْكَ الدَّارِ، بِلَا زَوْجَةٍ أَوْ زَوْجٍ وَإِلَّا تَرَكَ الْمُتَضَيِّقَ وَخَرَجَ، أَوْ جَلَسُوا مَعًا كُلٌّ فِي بُقْعَةٍ إلَى جَنْبِ الْآخَرِ، ثُمَّ ذُكِرَ أَنَّ الْخَصَّافَ لَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ فِيمَا ذُكِرَ كَيْفَ وَقَدْ نَقَلُوا إجْمَاعَهُمْ عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ أَيْ عَلَى قَوْلِهِمْ: لَوْ كَانَ الْكُلُّ وَقْفًا عَلَى أَرْبَابِهِ وَأَرَادُوا الْقِسْمَةَ لَا يَجُوزُ التَّهَايُؤُ اهـ لَكِنْ هَذَا يُشْكَلُ عَلَى قَوْلِ الشَّارِحِ بَلْ يَتَهَايَئُونَ وَالتَّوْفِيقُ كَمَا أَفَادَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِحَمْلِ مَا فِي الْخَصَّافِ وَغَيْرِهِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْقِسْمَةِ، وَالتَّهَايُؤُ عَلَى الْقِسْمَةِ تَمَلُّكٌ جَبْرًا، وَمَا فِي الشَّرْحِ تَبَعًا لِلْإِسْعَافِ وَغَيْرِهِ، عَلَى قِسْمَةِ التَّرَاضِي بِلَا لُزُومٍ، وَلِذَا قَالُوا وَلِمَنْ أَبَى مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ إبْطَالُهُ.

مَطْلَبٌ فِي قِسْمَةِ الْوَاقِفِ مَعَ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ: فَيُقْسَمُ الْمَشَاعُ) فَإِذَا تَقَاسَمَ الْوَاقِفُ مَعَ شَرِيكِهِ، فَوَقَعَ نَصِيبُ الْوَاقِفِ فِي مَوْضِعٍ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقِفَهُ ثَانِيًا لِأَنَّ الْقِسْمَةَ تَعْيِينُ الْمَوْقُوفِ، وَإِذَا أَرَادَ الِاجْتِنَابَ عَنْ الْخِلَافِ يَقِفُ الْمَقْسُومُ ثَانِيًا بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ: أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ مَحْكُومًا بِصِحَّتِهِ، إذْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يَبْقَ خِلَافٌ. مَطْلَبٌ قَاسَمَ وَجَمَعَ حِصَّةَ الْوَقْفِ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ جَازَ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَرْضُونَ وَدُورٌ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ آخَرَ فَوَقَفَ نَصِيبَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُقَاسِمَ شَرِيكَهُ، وَيَجْمَعَ الْوَقْفَ كُلَّهُ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ وَدَارٍ وَاحِدَةٍ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَهِلَالٍ. اهـ. مَطْلَبٌ لَوْ كَانَ فِي الْقِسْمَةِ فَضْلُ دَرَاهِمَ مِنْ الْوَقْفِ صَحَّ لَا مِنْ الشَّرِيكِ

وَفِي الْفَتْحِ: وَلَوْ كَانَ فِي الْقِسْمَةِ دَرَاهِمُ بِأَنْ كَانَ أَحَدُ النِّصْفَيْنِ أَجْوَدَ، فَجُعِلَ بِإِزَاءِ الْجَوْدَةِ دَرَاهِمَ، فَإِنْ كَانَ الْآخِذُ لِلدَّرَاهِمِ هُوَ الْوَاقِفَ بِأَنْ كَانَ غَيْرَ الْوُقُوفِ هُوَ الْأَحْسَنَ، لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَائِعًا بَعْضَ الْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ شَرِيكَهُ بِأَنْ كَانَ نَصِيبُ الْوَقْفِ أَحْسَنَ جَازَ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ مُشْتَرٍ لَا بَائِعٌ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَى بَعْضَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَوَقَفَهُ اهـ لَكِنْ فِي الْإِسْعَافِ، وَمَا اشْتَرَاهُ مِلْكٌ لَهُ وَلَا يَصِيرُ وَقْفًا، وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَكَذَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ تَأَمَّلْ. مَطْلَبٌ إذَا وَقَفَ كُلَّ نِصْفٍ عَلَى حِدَةٍ صَارَا وَقْفَيْنِ

(قَوْلُهُ: إنْ اخْتَلَفَتْ جِهَةُ وَقْفِهِمَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَقْفٍ مِنْهُمَا غَيْرَ الْجِهَةِ الْأُخْرَى، لَكِنَّ هَذَا التَّقْيِيدَ مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْإِسْعَافِ، حَيْثُ قَالَ: وَلَوْ وَقَفَ نِصْفَ أَرْضِهِ عَلَى جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَجَعَلَ الْوِلَايَةَ عَلَيْهِ لِزَيْدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>