(وَيَمْلِكُ) الْمُسْتَقْرِضُ (الْقَرْضَ بِنَفْسِ الْقَبْضِ عِنْدَهُمَا) أَيْ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ خِلَافًا لِلثَّانِي فَلَهُ رَدُّ الْمِثْلِ وَلَوْ قَائِمًا خِلَافًا لَهُ بِنَاءً عَلَى انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الْقَرْضِ وَفِيهِ تَصْحِيحَانِ وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ الِانْعِقَادِ لِإِفَادَتِهِ الْمِلْكَ لِلْحَالِ بَحْرٌ.
فَجَازَ شِرَاءُ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ وَلَوْ قَائِمًا مِنْ الْمُقْرِضِ
ــ
[رد المحتار]
الْجَدِيدِ لِيَصِلَ إلَى عَيْنِ حَقِّهِ، لِأَنَّ الِانْقِطَاعَ بِمَنْزِلَةِ الْهَلَاكِ، وَمِنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْحَقَّ لَا يَنْقَطِعُ عَنْ الْعَيْنِ بِالْهَلَاكِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: هَذَا لَا يُشْبِهُ كَسَادَ الْفُلُوسِ، لِأَنَّ هَذَا مِمَّا يُوجَدُ، فَيُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى التَّأْخِيرِ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْقِيمَةِ، وَهَذَا فِي الْوَجْهِ كَمَا لَوْ الْتَقَيَا فِي بَلَدٍ الطَّعَامُ فِيهِ غَالِبٌ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُهُ وَيُوَثِّقُ لَهُ بِكَفِيلٍ حَتَّى يُعْطِيَهُ إيَّاهُ فِي بَلَدِهِ، ذَخِيرَةٌ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ بِنَفْسِ الْقَبْضِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَسْتَهْلِكَهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلثَّانِي) حَيْثُ قَالَ لَا يَمْلِكُ الْمُسْتَقْرِضُ الْقَرْضَ مَا دَامَ قَائِمًا كَمَا فِي الْمِنَحِ آخِرَ الْفَصْلِ اهـ ح (قَوْلُهُ فَلَهُ رَدُّ الْمِثْلِ) أَيْ لَوْ اسْتَقْرَضَ كُرَّ بُرٍّ مَثَلًا وَقَبَضَهُ فَلَهُ حَبْسُهُ وَرَدُّ مِثْلِهِ، وَإِنْ طَلَبَ الْمُقْرِضُ رَدَّ الْعَيْنِ، لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِ الْمُقْرِضِ، وَثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُسْتَقْرِضِ مِثْلُهُ لَا عَيْنُهُ وَلَوْ قَائِمًا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى انْعِقَادِهِ إلَخْ) هَكَذَا نَقَلَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ هُنَا فِي الْمِنَحِ عَنْ الْبَحْرِ، وَنَقَلَ أَيْضًا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ: أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي انْعِقَادِهِ بِلَفْظِ الْقَرْضِ، قِيلَ يَنْعَقِدُ، وَقِيلَ لَا، وَقِيلَ الْأَوَّلُ قِيَاسُ قَوْلِهِمَا وَالثَّانِي قِيَاسُ قَوْلِهِ اهـ.
قُلْت: وَالْعِبَارَتَانِ غَيْرُ مَذْكُورَتَيْنِ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنْ الْبَحْرِ، وَشَرْحِ الزَّيْلَعِيِّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَيَنْعَقِدُ بِكُلِّ مَا وُضِعَ لِتَمْلِيكِ الْعَيْنِ فِي الْحَالِ فَالضَّمِيرُ فِي انْعِقَادِهِ فِي عِبَارَةِ الْبَحْرِ الْمَذْكُورَةِ فِي الشَّرْحِ، وَعِبَارَةِ الزَّيْلَعِيِّ الَّتِي نَقَلْنَاهَا عَائِدَةٌ عَلَى النِّكَاحِ لَا عَلَى الْقَرْضِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ تَبَعًا لِلْمِنَحِ، وَهَذَا أَمْرٌ عَجِيبٌ. نَعَمْ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُنَاسَبَةٌ هُنَا وَذَلِكَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمَتْنِ تَرْجِيحُ قَوْلِهِمَا، فَكَانَ الْمُنَاسِبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: وَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي اعْتِمَادُ انْعِقَادِ النِّكَاحِ بِلَفْظِ الْقَرْضِ، وَهُوَ أَحَدُ التَّصْحِيحَيْنِ لِإِفَادَتِهِ الْمِلْكَ لِلْحَالِ فَافْهَمْ.
[مَطْلَبٌ فِي شِرَاءِ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ مِنْ الْمُقْرِضِ]
ِ (قَوْلُهُ فَجَازَ شِرَاءُ الْمُسْتَقْرِضِ الْقَرْضَ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِمَا، وَالْمُرَادُ شِرَاؤُهُ مَا فِي ذِمَّتِهِ لَا عَيْنَ الْقَرْضِ الَّذِي فِي يَدِهِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ: وَلَوْ قَائِمًا فِيهِ اسْتِخْدَامٌ، لِأَنَّهُ عَائِدٌ إلَى عَيْنِ الْقَرْضِ الَّذِي فِي يَدِهِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ تَارَةً يَشْتَرِي مَا فِي ذِمَّتِهِ لِلْمُقْرِضِ وَتَارَةً وَمَا فِي يَدِهِ أَيْ عَيْنِ مَا اسْتَقْرَضَهُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَفِي الذَّخِيرَةِ اشْتَرَى مِنْ الْمُقْرِضِ الْكُرَّ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ جَازَ لِأَنَّهُ دَيْنٌ عَلَيْهِ لَا بِعَقْدِ صَرْفٍ وَلَا سَلَمٍ، فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا وَقْتَ الشِّرَاءِ فَالْجَوَازُ قَوْلُ الْكُلِّ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِالِاسْتِهْلَاكِ وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فِي ذِمَّتِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا فَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ مَا لَمْ يَسْتَهْلِكْهُ، فَلَمْ يَجِبْ مِثْلُهُ فِي ذِمَّتِهِ فَإِذَا أَضَافَ الشِّرَاءَ إلَى الْكُرِّ الَّذِي فِي ذِمَّتِهِ فَقَدْ أَضَافَهُ إلَى مَعْدُومٍ فَلَا يَجُوزُ اهـ وَهَذَا مَا فِي الشَّرْحِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَفِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا: اسْتَقْرَضَ مِنْ رَجُلٍ كُرًّا وَقَبَضَهُ ثُمَّ اشْتَرَى ذَلِكَ الْكُرَّ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمُقْرِضِ لَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِهِمَا، لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِنَفْسِ الْقَبْضِ فَيَصِيرُ مُشْتَرِيًا مِلْكَ نَفْسِهِ أَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَالْكُرُّ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُقْرِضِ فَيَصِيرُ الْمُسْتَقْرِضُ مُشْتَرِيًا مِلْكَ غَيْرِهِ فَيَصِحُّ وَبَقِيَ مَا لَوْ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ هُوَ الَّذِي بَاعَ الْكُرَّ مِنْ الْمُقْرِضِ، فَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِهِمَا، لِأَنَّهُ بَاعَ مِلْكَ نَفْسِهِ: وَاخْتَلَفُوا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ بَعْضُهُمْ قَالُوا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمُسْتَقْرِضَ عَلَى قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ الْكُرَّ بِنَفْسِ الْقَرْضِ، إلَّا أَنَّهُ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِيهِ بَيْعًا وَهِبَةً وَاسْتِهْلَاكًا لِيَصِيرَ مُتَمَلِّكًا لَهُ وَبِالْبَيْعِ مِنْ الْمُقْرِضِ صَارَ مُتَصَرِّفًا فِيهِ، وَزَالَ عَنْ مِلْكِ الْمُقْرِضِ فَصَحَّ الْبَيْعُ مِنْهُ اهـ مُلَخَّصًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute