للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ وَكَذَا الْخِلَافُ إذَا (اسْتَقْرَضَ طَعَامًا بِالْعِرَاقِ فَآخُذهُ صَاحِبُ الْقَرْضِ بِمَكَّةَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ بِالْعِرَاقِ يَوْمَ اقْتِرَاضِهِ عِنْدَ الثَّانِي وَعِنْدَ الثَّالِثِ يَوْمَ اخْتَصَمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ) مَعَهُ (إلَى الْعِرَاقِ فَيَأْخُذُ طَعَامَهُ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ الطَّعَامَ بِبَلَدٍ الطَّعَامُ فِيهِ رَخِيصٌ فَلَقِيَهُ الْمُقْرِضُ فِي بَلَدٍ الطَّعَامُ فِيهِ غَالٍ فَأَخَذَهُ الطَّالِبُ بِحَقِّهِ فَلَيْسَ لَهُ حَبْسُ الْمَطْلُوبِ وَيُؤْمَرُ الْمَطْلُوبُ بِأَنْ يُوَثِّقَ لَهُ)

بِكَفِيلٍ (حَتَّى يُعْطِيَهُ طَعَامَهُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ اسْتَقْرَضَ شَيْئًا مِنْ الْفَوَاكِهِ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى انْقَطَعَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ صَاحِبُ الْقَرْضِ عَلَى تَأْخِيرِهِ إلَى مَجِيءِ الْحَدِيثِ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى الْقِيمَةِ) لِعَدَمِ وُجُودِهِ بِخِلَافِ الْفُلُوسِ إذَا كَسَدَتْ وَتَمَامُهُ فِي صَرْفِ الْخَانِيَّةِ

ــ

[رد المحتار]

ثُمَّ إنَّهُمَا اخْتَلَفَا فِي وَقْتِ الضَّمَانِ قَالَ فِي صَرْفِ الْفَتْحِ: وَأَصْلُهُ اخْتِلَافُهُمَا فِيمَنْ غَصَبَ مِثْلِيًّا فَانْقَطَعَ فَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْغَصْبِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ: يَوْمَ الْقَضَاءِ وَقَوْلُهُمَا: أَنْظِرْ لِلْمُقْرِضِ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ، لِأَنَّ فِي رَدِّ الْمِثْلِ إضْرَارٌ بِهِ ثُمَّ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ: أَنْظِرْ لَهُ أَيْضًا، لِأَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَرْضِ أَكْثَرُ مِنْ يَوْمِ الِانْقِطَاعِ وَهُوَ أَيْسَرُ أَيْضًا فَإِنَّ ضَبْطَ وَقْتِ الِانْقِطَاعِ عَسِرٌ اهـ مُلَخَّصًا. وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْغَلَاءِ وَالرُّخْصِ، وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْبُيُوعِ أَنَّهُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ تَجِبُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْقَبْضِ أَيْضًا، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالذَّخِيرَةِ وَالْخُلَاصَةِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ تَرْجِيحَ قَوْلِهِ فِي الْكَسَادِ أَيْضًا وَحُكْمُ الْبَيْعِ كَالْقَرْضِ، إلَّا أَنَّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ يَبْطُلُ الْبَيْعُ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لَا يَبْطُلُ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْبَيْعِ فِي الْكَسَادِ وَالرُّخْصِ وَالْغَلَاءِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبُيُوعِ.

(قَوْلُهُ فَآخَذَهُ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ أَيْ طَلَبَ أَخْذَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِالْعِرَاقِ يَوْمَ اقْتَرَضَهُ) مُتَعَلِّقَانِ بِقَوْلِهِ قِيمَتُهُ، وَالثَّانِي يُغْنِي عَنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَعِنْدَ الثَّالِثِ يَوْمَ اخْتَصَمَا) وَعِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ: قِيمَتُهُ بِالْعِرَاقِ يَوْمَ اخْتَصَمَا فَأَفَادَ أَنَّ الْوَاجِبَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِاخْتِصَامِ الَّتِي فِي بَلَدِ الْقَرْضِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَ قَوْلِهِ بِالْعِرَاقِ هُنَا وَإِسْقَاطَهُ مِنْ الْأَوَّلِ كَمَا فَعَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ (قَوْلُهُ فَيَأْخُذُ طَعَامَهُ) أَيْ مِثْلَهُ فِي بَلَدِ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَقْرَضَ الطَّعَامَ إلَخْ) هَذِهِ هِيَ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَهِيَ مَا لَوْ ذَهَبَ إلَى بَلْدَةٍ غَيْرِ بَلْدَةِ الْقَرْضِ وَقِيمَةُ الْبَلْدَتَيْنِ مُخْتَلِفَةٌ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الطَّعَامَ فِي مَكَّةَ أَغْلَى مِنْهُ فِي الْعِرَاقِ، وَهَذِهِ رِوَايَةٌ أُخْرَى وَهِيَ قَوْلُ الْإِمَامِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَوَّلًا مَا مَرَّ مِنْ حِكَايَةِ الْقَوْلَيْنِ.

ثُمَّ قَالَ مَا نَصُّهُ: بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ أَقْرَضَ رَجُلًا طَعَامًا أَوْ غَصَبَهُ إيَّاهُ وَلَهُ حَمْلٌ وَمُؤْنَةٌ وَالْتَقَيَا فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى الطَّعَامُ فِيهَا أَغْلَى أَوْ أَرْخَصُ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: يَسْتَوْثِقُ لَهُ مِنْ الْمَطْلُوبِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ طَعَامَهُ حَيْثُ غَصَبَ أَوْ حَيْثُ أَقْرَضَهُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ تَرَاضَيَا عَلَى هَذَا فَحَسَنٌ وَأَيُّهُمَا طَلَبَ الْقِيمَةَ أُجْبِرَ الْآخَرُ عَلَيْهِ: وَهِيَ الْقِيمَةُ فِي بَلَدِ الْغَصْبِ أَوْ الِاسْتِقْرَاضِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمَطْلُوبِ وَلَوْ كَانَ الْغَصْبُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِهِ لَا عَلَى الْقِيمَةِ اهـ وَفِيهَا أَيْضًا وَذَكَرَ الْقُدُورِيُّ فِي شَرْحِهِ إذَا اسْتَقْرَضَ دَرَاهِمَ بُخَارِيَّةً وَالْتَقَيَا فِي بَلْدَةٍ لَا يَقْدِرُ فِيهَا عَلَى الْبُخَارِيَّةِ فَإِنْ كَانَ يُنْفَقُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ، فَإِنْ شَاءَ صَاحِبُ الْحَقِّ أَجَّلَهُ قَدْرَ الْمَسَافَةِ ذَاهِبًا وَجَائِيًا وَاسْتَوْثَقَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَلَدُ لَا يُنْفَقُ فِيهَا وَجَبَ الْقِيمَةُ اهـ.

وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْبُيُوعِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ الْبُخَارِيَّةَ فُلُوسٌ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ، فَلِذَا أَوْجَبَ الْقِيمَةَ إذَا كَانَتْ لَا تُنْفَقُ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ لِبُطْلَانِ الثَّمَنِيَّةِ بِالْكَسَادِ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ فِضَّتُهَا خَالِصَةٌ أَوْ غَالِبَةٌ كَرِيَالِ الْفِرِنْجِيِّ فِي زَمَانِنَا فَالْوَاجِبُ رَدُّ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَا فِي بَلْدَةٍ أُخْرَى، لِأَنَّ ثَمَنِيَّةَ الْفِضَّةِ لَا تَبْطُلُ بِالْكَسَادِ، وَلَا بِالرُّخْصِ أَوْ الْغَلَاءِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ كَافِي الْحَاكِمِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ إلَى غَلَاءِ الدَّرَاهِمِ، وَلَا إلَى رُخْصِهَا هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْ وَانْظُرْ مَا كَتَبْنَاهُ أَوَّلَ الْبُيُوعِ (قَوْلُهُ اسْتَقْرَضَ شَيْئًا مِنْ الْفَوَاكِهِ إلَخْ) الْمُرَادُ مَا هُوَ كَيْلِيٌّ أَوْ وَزْنِيٌّ إذَا اسْتَقْرَضَهُ ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْ أَيْدِي النَّاسِ قَبْلَ أَنْ يُقْبِضَهُ إلَى الْمُقْرِضِ، فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى التَّأْخِيرِ إلَى إدْرَاكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>