للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَجَابَ: يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ الشَّدِيدُ وَالْحَبْسُ فَفِي الْخَانِيَّةِ: وَيُؤْمَرُونَ بِمَا كَانَ اسْتِخْفَافًا لَهُمْ وَكَذَا تُمَيَّزُ دُورِهِمْ عَنْ دُورِنَا انْتَهَى فَلْيُحْفَظْ ذَلِكَ

[مَطْلَبٌ فِي سُكْنَى أَهْلِ الذِّمَّةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمِصْرِ]

(وَإِذَا تَكَارَى أَهْلُ الذِّمَّةِ دُورًا فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ لِيَسْكُنُوا فِيهَا) فِي الْمِصْرِ (جَازَ) لِعَوْدِ نَفْعِهِ إلَيْنَا وَلِيَرَوْا تَعَامُلَنَا فَيُسْلِمُوا (بِشَرْطِ عَدَمِ تَقْلِيلِ الْجَمَاعَاتِ لِسُكْنَاهُمْ) شَرَطَهُ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ (فَإِنْ لَزِمَ ذَلِكَ مِنْ سُكْنَاهُمْ أُمِرُوا بِالِاعْتِزَالِ عَنْهُمْ وَالسُّكْنَى بِنَاحِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمُونَ) وَهُوَ مَحْفُوظٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ بَحْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَفِي الْأَشْبَاهِ: وَاخْتُلِفَ فِي سُكْنَاهُمْ بَيْنَنَا فِي الْمِصْرِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ انْتَهَى وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، لَكِنْ رَدَّهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ جَوَى زَادَهْ وَجَزَمَ بِأَنَّهُ فَهِمَ خَطَأً فَكَأَنَّهُ فَهِمَ مِنْ النَّاحِيَةِ الْمَحَلَّةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَعْدَمَا نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ يُؤْمَرُونَ بِبَيْعِ دُورِهِمْ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ وَبِالْخُرُوجِ عَنْهَا، وَبِالسُّكْنَى خَارِجَهَا لِئَلَّا يَكُونَ لَهُمْ مَحَلَّةٌ خَاصَّةٌ

ــ

[رد المحتار]

الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ إنَّ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُعَوَّلَ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ، فَلَا نَقُولُ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا وَلَا بِعَدَمِهِ مُطْلَقًا بَلْ يَدُورُ الْحُكْمُ عَلَى الْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَالضَّرَرِ وَالْمَنْفَعَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِلْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. (قَوْلُهُ فَأَجَابَ إلَخْ) هَذَا الْجَوَابُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِيَارِ الْحَلْوَانِيِّ وَغَيْرِهِ قَالَ ط: وَلَمْ يُجِبْ عَنْ الْمَسْئُولِ عَنْهُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُمَا يَسْتَحِقَّانِ الْوَظِيفَةَ لِقِيَامِهِمَا بِالْعَمَلِ. اهـ. قُلْت: وَإِنَّمَا تَرَكَهُ لِظُهُورِهِ وَتَنْبِيهًا عَلَى مَا هُوَ الْأَهَمُّ فَهُوَ مِنْ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} [البقرة: ١٨٩]- الْآيَةَ (قَوْلُهُ فَفِي الْخَانِيَّةِ إلَخْ) أَيْ وَالِاسْتِخْدَامُ الْمَذْكُورُ يُنَافِي الِاسْتِخْفَافَ.

(قَوْلُهُ وَإِذَا تَكَارَى إلَخْ) شُرُوعٌ فِي الْكِرَاءِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الشِّرَاءِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَبْرِ عَلَى الْبَيْعِ مُطْلَقًا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ بِالتَّفْصِيلِ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَالشِّرَاءِ بَلْ أَصْلُ الْعِبَارَةِ الْمَذْكُورَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الشِّرَاءِ كَمَا نَقَلْنَاهُ آنِفًا عَنْ السَّرَخْسِيِّ (قَوْلُهُ فِي الْمِصْرِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ غَيْرُ قَيْدٍ بَعْدَ اعْتِبَارِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِيهَا مُسْلِمُونَ) هُوَ فِي مَعْنَى مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ لَيْسَ فِيهَا لِلْمُسْلِمِينَ جَمَاعَةٌ لِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْمُسْلِمِينَ إقَامَةَ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ لَكِنْ رَدَّهُ إلَخْ) وَعِبَارَتُهُ كَمَا رَأَيْته فِي حَاشِيَةِ الْحَمَوِيِّ وَغَيْرِهَا قَوْلُهُ فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ، هَذَا اللَّفْظُ لَمْ أَجِدْهُ لِأَحَدٍ وَإِنَّمَا الْمَوْجُودُ فِي الْكُتُبِ أَنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِمَا ذَكَرَهُ الْحَلْوَانِيُّ بِقَوْلِهِ هَذَا إذَا قَلُّوا بِحَيْثُ لَا تَتَعَطَّلُ بِسَبَبِ سُكْنَاهُمْ جَمَاعَاتُ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَقَلَّلُ أَمَّا إذَا تَعَطَّلَتْ أَوْ تَقَلَّلَتْ، فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ السُّكْنَى فِيهَا، وَيَسْكُنُونَ فِي نَاحِيَةٍ لَيْسَ فِيهَا لِلْمُسْلِمِينَ جَمَاعَةٌ، فَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ فَهِمَ مِنْ النَّاحِيَةِ الْمَحَلَّةَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَدْ صَرَّحَ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ بَعْدَمَا نَقَلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُمْ يُؤْمَرُونَ بِبَيْعِ دُورِهِمْ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْخُرُوجِ عَنْهَا وَبِالسُّكْنَى خَارِجَهَا لِئَلَّا تَكُونَ لَهُمْ مَنَعَةٌ كَمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِمَنْعِهِمْ عَنْ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ مَحَلَّةٌ خَاصَّةٌ حَيْثُ قَالَ بَعْدَمَا ذَكَرْنَاهُ نَقْلًا عَنْ النَّسَفِيِّ، وَالْمُرَادُ أَيْ بِالْمَنْعِ الْمَذْكُورِ عَنْ الْأَمْصَارِ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي الْمِصْرِ مَحَلَّةٌ خَاصَّةٌ يَسْكُنُونَهَا وَلَهُمْ فِيهَا مَنَعَةٌ كَمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ فَأَمَّا سُكْنَاهُمْ بَيْنَهُمْ وَهُمْ مَقْهُورُونَ فَلَا كَذَلِكَ اهـ.

قُلْت: وَقَوْلُهُ بِمَنْعِهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ صَرَّحَ وَقَوْلُهُ: حَيْثُ قَالَ أَيْ التُّمُرْتَاشِيُّ وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَحَلَّةَ مِنْ جُمْلَةِ الْمِصْرِ مَعَ أَنَّ الْحَلْوَانِيَّ قَالَ: لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ السُّكْنَى فِيهَا أَيْ فِي الْمِصْرِ وَيَسْكُنُونَ فِي نَاحِيَةٍ إلَخْ فَهُوَ صَرِيحٌ بِأَنَّهُ إذَا لَزِمَ تَقْلِيلُ الْجَمَاعَةِ يَسْكُنُونَ فِي نَاحِيَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ الْمِصْرِ فَهِيَ غَيْرُ الْمَحَلَّةِ، وَصَرِيحُ كَلَامِ التُّمُرْتَاشِيِّ أَيْضًا مَنْعُهُمْ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مَحَلَّةٌ خَاصَّةٌ فِي الْمِصْرِ وَإِنَّمَا يَسْكُنُونَ بَيْنَهُمْ مَقْهُورِينَ، يَعْنِي إذَا لَمْ يَلْزَمْ تَقْلِيلُ الْجَمَاعَةِ، فَتَحَصَّلَ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِ الْحَلْوَانِيِّ وَالتُّمُرْتَاشِيّ: أَنَّهُ إذَا لَزِمَ مِنْ سُكْنَاهُمْ فِي الْمِصْرِ تَقْلِيلُ الْجَمَاعَةِ أُمِرُوا بِالسُّكْنَى فِي نَاحِيَةٍ خَارِجَ الْمِصْرِ، لَيْسَ فِيهَا جَمَاعَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ يَسْكُنُونَ فِي الْمِصْرِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَقْهُورِينَ لَا فِي مَحَلَّةٍ خَاصَّةٍ فِي الْمِصْرِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ فِي مِصْرِ الْمُسْلِمِينَ مَنَعَةٌ كَمَنَعَةِ الْمُسْلِمِينَ، بِسَبَبِ اجْتِمَاعِهِمْ فِي مَحَلَّتِهِمْ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَنَّهُمْ يُؤْمَرُونَ)

<<  <  ج: ص:  >  >>