حَتَّى يُثْبِتُوا عَلَيْهِ خِيَانَةً وَكَذَا الْوَصِيُّ وَالنَّاظِرُ إذَا آجَرَ إنْسَانًا فَهَرَبَ وَمَالُ الْوَقْفِ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ فَرَّطَ فِي خَشَبِ الْوَقْفِ حَتَّى ضَاعَ ضَمِنَ.
[مَطْلَبٌ تَعْلِيقُ التَّقْرِيرِ فِي الْوَظَائِفِ]
لَا تَجُوزُ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ إلَّا إذَا اُحْتِيجَ إلَيْهَا لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ كَتَعْمِيرٍ وَشِرَاءِ بَذْرٍ فَيَجُوزُ بِشَرْطَيْنِ، الْأَوَّلُ: إذْنُ الْقَاضِي فَلَوْ بِبُعْدٍ مِنْهُ يَسْتَدِينُ بِنَفْسِهِ الثَّانِي: أَنْ لَا تَتَيَسَّرَ إجَارَةُ الْعَيْنِ وَالصَّرْفُ مِنْ أُجْرَتِهَا وَالِاسْتِدَانَةُ الْقَرْضُ وَالشِّرَاءُ نَسِيئَةً
ــ
[رد المحتار]
مَطْلَبٌ لِلْقَاضِي أَنْ يُدْخِلَ مَعَ النَّاظِرِ غَيْرَهُ بِمُجَرَّدِ الشِّكَايَةِ
(قَوْلُهُ: حَتَّى يُثْبِتُوا عَلَيْهِ خِيَانَةً) نَعَمْ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ مَعَهُ غَيْرَهُ بِمُجَرَّدِ الشِّكَايَةِ وَالطَّعْنِ كَمَا حَرَّرَهُ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْخَصَّافِ إنْ طُعِنَ عَلَيْهِ فِي الْأَمَانَةِ لَا يَنْبَغِي إخْرَاجُهُ إلَّا بِخِيَانَةٍ ظَاهِرَةٍ، وَأَمَّا إذَا أَدْخَلَ مَعَهُ رَجُلًا فَأَجْرُهُ بَاقٍ وَإِنْ رَأَى الْحَاكِمُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا بَأْسَ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ لِلرَّجُلِ رِزْقًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَيَقْتَصِدَ فِيهِ اهـ مُلَخَّصًا. وَسَيَأْتِي حُكْمُ تَصَرُّفِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَوْ ضَمَّ الْقَاضِي لِلْقَيِّمِ ثِقَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْوَصِيُّ) أَيْ وَصِيُّ الْمَيِّتِ لَيْسَ لِلْقَاضِي عَزْلُهُ بِمُجَرَّدِ الشِّكَايَةِ، بِخِلَافِ الْوَصِيِّ وَمِنْ جِهَةِ الْقَاضِي كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ آخِرَ الْكِتَابِ (قَوْلُهُ: إذَا آجَرَ إنْسَانًا) أَيْ وَامْتَنَعَ عَنْ مُطَالَبَتِهِ بَزَّازِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَرَّطَ فِي خَشَبِ الْوَقْفِ إلَخْ) وَعَلَى هَذَا إذَا قَصَّرَ الْمُتَوَلِّي فِي عَيْنٍ ضَمِنَهَا إلَّا فِيمَا كَانَ فِي الْبَحْرِ، فَلَوْ تَرَكَ بِسَاطَ الْمَسْجِدِ بِلَا نَفْضٍ حَتَّى أَكَلَتْهُ الْأَرَضَةُ ضَمِنَ إنْ كَانَ لَهُ أُجْرَةٌ، وَكَذَا خَازِنُ الْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ كَمَا فِي الصَّيْرَفِيَّةِ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ وَالْبِيرِيِّ.
مَطْلَبٌ فِي الِاسْتِدَانَةِ عَلَى الْوَقْفِ
(قَوْلُهُ: لَا تَجُوزُ الِاسْتِدَانَةُ عَلَى الْوَقْفِ) أَيْ إنْ لَمْ تَكُنْ بِأَمْرِ الْوَاقِفِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَصِيِّ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ لِلْيَتِيمِ شَيْئًا بِنَسِيئَةٍ بِلَا ضَرُورَةٍ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا يَثْبُتُ ابْتِدَاءً إلَّا فِي الذِّمَّةِ وَالْيَتِيمُ لَهُ ذِمَّةٌ صَحِيحَةٌ، وَهُوَ مَعْلُومٌ فَتُتَصَوَّرُ مُطَالَبَتُهُ أَمَّا الْوَقْفُ فَلَا ذِمَّةَ لَهُ وَالْفُقَرَاءُ، وَإِنْ كَانَتْ لَهُمْ ذِمَّةٌ لَكِنْ لِكَثْرَتِهِمْ لَا تُتَصَوَّرُ مُطَالَبَتُهُمْ، فَلَا يَثْبُتُ إلَّا عَلَى الْقَيِّمِ، وَمَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ قَضَاءً مِنْ غَلَّةٍ لِلْفُقَرَاءِ ذَكَرَهُ هِلَالٌ، وَهَذَا هُوَ الْقِيَاسُ لَكِنَّهُ تُرِكَ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو اللَّيْثِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ الِاسْتِدَانَةِ بُدٌّ تَجُوزُ بِأَمْرِ الْقَاضِي إنْ لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا عَنْهُ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ أَعَمُّ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَقِيلَ تَجُوزُ مُطْلَقًا لِلْعِمَارَةِ وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ الْأَوَّلُ. أَمَّا مَالَهُ مِنْهُ بُدٌّ كَالصَّرْفِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ فَلَا كَمَا فِي الْقُنْيَةِ إلَّا الْإِمَامَ وَالْخَطِيبَ، وَالْمُؤَذِّنَ فِيمَا يَظْهَرُ لِقَوْلِهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِضَرُورَةِ مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ اهـ وَإِلَّا لِلْحُصْرِ وَالزَّيْتِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا مِنْ الْمَصَالِحِ وَهُوَ الرَّاجِحُ هَذَا خُلَاصَةُ مَا أَطَالَ بِهِ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ إذْنُ الْقَاضِي) فَلَوْ ادَّعَى الْإِذْنَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَإِنْ كَانَ الْمُتَوَلِّي مَقْبُولَ الْقَوْلِ، لِمَا أَنَّهُ يُرِيدُ الرُّجُوعَ فِي الْغَلَّةِ وَهُوَ إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا فِي يَدِهِ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانَ الْوَاقِعُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَأْذِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ مِنْ الْغَلَّةِ لِأَنَّهُ بِلَا إذْنٍ مُتَبَرِّعٌ بَحْرٌ (قَوْلُهُ: الثَّانِي أَنْ لَا تَتَيَسَّرَ إجَارَةُ الْعَيْنِ إلَخْ) أَطْلَقَ الْإِجَارَةَ، فَشَمِلَ الطَّوِيلَةَ مِنْهَا، وَلَوْ بِعُقُودٍ فَلَوْ وَجَدَ ذَلِكَ لَا يَسْتَدِينُ أَفَادَهُ الْبِيرِيُّ، وَمَا سَلَف مِنْ أَنَّ الْمُفْتَى بِهِ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ الطَّوِيلَةِ فَذَاكَ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرُورَةِ، كَمَا حَرَّرْنَاهُ سَابِقًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِدَانَةُ الْقَرْضُ وَالشِّرَاءُ نَسِيئَةً) صَوَابُهُ الِاسْتِقْرَاضُ. اهـ. ح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute