فُرُوعٌ] لَوْ لَمْ يَقْدِرْ إلَّا عَلَى نَفَقَةِ أَحَدِ وَالِدَيْهِ فَالْأُمُّ أَحَقُّ، وَلَوْ لَهُ أَبٌ وَطِفْلٌ فَالطِّفْلُ أَحَقُّ بِهِ، وَقِيلَ يَقْسِمُهَا فِيهِمَا.
وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ بَلْ وَتَزْوِيجُهُ أَوْ تَسَرِّيهِ، وَلَوْ لَهُ زَوْجَاتٌ فَعَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ يَدْفَعُهَا لِلْأَبِ لِيُوَزِّعَهَا عَلَيْهِنَّ. وَفِي الْمُخْتَارِ وَالْمُلْتَقَى: وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ إنْ كَانَ صَغِيرًا فَقِيرًا أَوْ زَمِنًا. وَفِي وَاقِعَاتِ الْمُفْتِينَ لِقَدْرِي أَفَنْدِي: وَيُجْبَرُ الْأَبُ -
ــ
[رد المحتار]
لَمْ يَنْقُلْهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَوْهَرَةِ وَلَا هُوَ مَوْجُودٌ فِيهَا. وَفِي نُسْخَةِ الرَّحْمَتِيِّ: وَفِي الْجَوْهَرَةِ فُرُوعٌ إلَخْ وَهِيَ الصَّوَابُ، فَإِنَّ هَذِهِ الْفُرُوعَ إلَى قَوْلِهِ. وَفِي الْمُخْتَارِ ذَكَرَهَا فِي الْجَوْهَرَةِ فَيَكُونُ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرًا مُقَدَّمًا وَفُرُوعٌ مُبْتَدَأً مُؤَخَّرًا (قَوْلُهُ فَالْأُمُّ أَحَقُّ) ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَبُ أَحَقُّ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الِابْنِ فِي صِغَرِهِ دُونَ الْأُمِّ، وَقِيلَ يَقْسِمُهَا بَيْنَهُمَا جَوْهَرَةٌ. قُلْت: وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ «عَنْ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبَرُّ؟ قَالَ أُمُّك، قُلْت: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ أُمُّك. قُلْت، ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: أَبَاك، ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ» أَوْرَدَ الْحَدِيثَ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَقْسِمُهَا فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.
[مَطْلَبٌ فِي نَفَقَةِ زَوْجَةِ الْأَبِ]
ِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ نَفَقَةُ زَوْجَةِ أَبِيهِ) أَيْ فِي رِوَايَةٍ. وَفِي أُخْرَى إنْ كَانَ الْأَبُ مَرِيضًا أَوْ بِهِ زَمَانَةٌ يَحْتَاجُ لِلْخِدْمَةِ. قَالَ فِي الْمُحِيطِ: فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ، فَإِنَّ الِابْنَ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ خَادِمِهِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ وُجُوبِ نَفَقَةِ امْرَأَةِ الْأَبِ أَوْ جَارِيَتِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِالْأَبِ عِلَّةٌ، وَأَنَّ الْوُجُوبَ مُطْلَقًا عَنْ رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ. وَفِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ: وَاَلَّذِي تَحَرَّرَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ وَأَنَّهُ إذَا احْتَاجَ أَحَدُهُمَا لِخَادِمٍ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ كَمَا وَجَبَتْ نَفَقَةُ الْمَخْدُومِ فَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ نَفَقَتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، فَاعْلَمْ ذَلِكَ وَاغْتَنِمْهُ فَإِنَّهُ كَثِيرُ الْوُقُوعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ. اهـ
قُلْت: بَقِيَ مَا إذَا كَانَتْ الزَّوْجَةُ أُمَّ الِابْنِ فَهَلْ تَجِبُ نَفَقَتُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الِابْنِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَتْ مُعْسِرَةً فَالظَّاهِرُ وُجُوبُهَا عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَبُ مُحْتَاجًا إلَيْهَا لِقَوْلِهِمْ لَا يُشَارِكُ الْوَلَدَ فِي نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ أَحَدٌ؛ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُوسِرَةً وَالْأَبُ مُحْتَاجٌ إلَيْهَا فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهَا لِيَرْجِعَ عَلَى أَبِيهِ أَوْ تُنْفِقُ هِيَ لِتَرْجِعَ عَلَى الْأَبِ، وَهَذَا أَقْرَبُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَلْ وَتَزْوِيجُهُ أَوْ تَسَرِّيهِ) ذَكَرَهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَيْضًا عَنْ الْجَوْهَرَةِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ فِي بَابِ نِكَاحِ الرَّقِيقِ وَعَزَوْنَاهُ إلَى الزَّيْلَعِيِّ وَالدُّرَرِ وَشُرُوحِ الْهِدَايَةِ فَيُقَدَّمُ عَلَى مَا هُنَا (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ) بِالْإِضَافَةِ، فَلَوْ مُوسِرَاتٍ فَالْوَسَطُ، أَوْ مُعْسِرَاتٍ فَالدُّونُ، وَلَوْ مُخْتَلِفَاتٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَدْفَعُ نِصْفَ نَفَقَةِ الْوَسَطِ وَنِصْفَ الدُّونِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ لِيُوَزِّعَهَا عَلَيْهِنَّ) وَلَهُنَّ رَفْعُ أَمْرِهِنَّ لِلْقَاضِي لِيَأْمُرَهُنَّ بِاسْتِدَانَةِ الْبَاقِي مِنْ كِفَايَتِهِنَّ لِتَكُونَ دَيْنًا عَلَى الزَّوْجِ. وَتَجِبُ الْإِدَانَةُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُنَّ كَمَا تَقَدَّمَ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَفِي الْمُخْتَارِ وَالْمُلْتَقَى إلَخْ) هَذَا خِلَافُ نَصِّ الْمَذْهَبِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَوَّلَ الْبَابِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ زَمِنًا) أَيْ أَوْ كَبِيرًا زَمِنًا (قَوْلُهُ لِقَدْرِي أَفَنْدِي) هُوَ مِنْ مُتَأَخِّرِي عُلَمَاءِ الرُّومِ، اسْمُهُ عَبْدُ الْقَادِرِ (قَوْلُهُ وَيُجْبَرُ الْأَبُ إلَخْ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِي الْقُنْيَةِ وَالْمُجْتَبَى، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute