للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ فَقِيرًا (أَحَدٌ فِي ذَلِكَ كَنَفَقَةِ أَبَوَيْهِ وَعُرْسِهِ) بِهِ يُفْتَى مَا لَمْ يَكُنْ مُعْسِرًا فَيَلْحَقُ بِالْمَيِّتِ، فَتَجِبُ عَلَى غَيْرِهِ بِلَا رُجُوعٍ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَّا لِأُمٍّ مُوسِرَةٍ بَحْرٌ. قَالَ: وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إصْلَاحِ الْمُتُونِ جَوْهَرَةٌ.

ــ

[رد المحتار]

مِنْ الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي تَجِبُ لِطِفْلِهِ الْفَقِيرِ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَقِيرًا) هَذَا مُجَارَاةٌ لِظَاهِرِ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ الْأَبَ تَبَعًا لِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُعْسِرًا تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي نَفَقَةِ طِفْلِهِ وَوَلَدِهِ الْكَبِيرِ الْعَاجِزِ عَنْ الْكَسْبِ (قَوْلُهُ كَنَفَقَةِ أَبَوَيْهِ وَعُرْسِهِ) أَيْ كَمَا لَا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِي نَفَقَةِ أَبَوَيْهِ وَلَا فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ الْفُرُوعِ، وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ نَفَقَةَ الْوَلَدِ عَلَى الْأَبِ وَالْأُمِّ أَثْلَاثًا يَعْنِي الْكَبِيرَ، أَمَّا الصَّغِيرُ فَعَلَى أَبِيهِ خَاصَّةً بِلَا خِلَافٍ: قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ: وَوَجْهُ الْفَرْقِ أَنَّهُ اجْتَمَعَ لِلْأَبِ فِي الصَّغِيرِ وِلَايَةٌ وَمُؤْنَةٌ حَتَّى وَجَبَ عَلَيْهِ صَدَقَةُ فِطْرِهِ فَاخْتَصَّ بِلُزُومِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ، وَلَا كَذَلِكَ الْكَبِيرُ لِانْعِدَامِ الْوِلَايَةِ فَتُشَارِكُهُ الْأُمُّ. اهـ. ط وَصَرَّحَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ بِأَنَّ عَدَمَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَبِأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى فَلِذَا تَبِعَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ مُعْسِرًا إلَخْ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْأَبِ. قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَلَوْ كَانَ لِلْفَقِيرِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ وَجَدٌّ مُوسِرٌ يُؤْمَرُ الْجَدُّ بِالْإِنْفَاقِ صِيَانَةً لِوَلَدِ الْوَلَدِ وَيَكُونُ دَيْنًا عَلَى وَالِدِهِمْ هَكَذَا ذَكَرَ الْقُدُورِيُّ، فَلَمْ يَجْعَلْ النَّفَقَةَ عَلَى الْجَدِّ حَالَ عُسْرَةِ الْأَبِ، وَهَذَا قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ. وَالصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَبَ الْفَقِيرَ يَلْحَقُ بِالْمَيِّتِ فِي اسْتِحْقَاقِ النَّفَقَةِ عَلَى الْجَدِّ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ زَمِنًا يُقْضَى بِهَا عَلَى الْجَدِّ بِلَا رُجُوعٍ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ الْأَبِ حِينَئِذٍ عَلَى الْجَدِّ فَكَذَا نَفَقَةَ الصِّغَارِ. اهـ. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا قَبْلَ هَذَا: وَلَوْ لَهُمْ أُمٌّ مُوسِرَةٌ أُمِرَتْ أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِمْ فَيَكُونُ دَيْنًا تَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَبِ إذَا أَيْسَرَ وَهِيَ أَوْلَى بِالتَّحَمُّلِ مِنْ سَائِرِ الْأَقَارِبِ إلَخْ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوُجُوبَ عَلَى الْأَبِ الْمُعْسِرِ إنَّمَا هُوَ إذَا أَنْفَقَتْ الْأُمُّ الْمُوسِرَةُ، وَإِلَّا فَالْأَبُ كَالْمَيِّتِ وَالْوُجُوبُ عَلَى غَيْرِهِ لَوْ كَانَ مَيِّتًا وَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ فِي الصَّحِيحِ. وَعَلَى هَذَا فَلَا بُدَّ مِنْ إصْلَاحِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ: إنَّ الْأَبَ لَا يُشَارِكُهُ فِي نَفَقَةِ وَلَدِهِ أَحَدٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا وَأَمَرَ الْقَاضِي غَيْرَهُ بِالْإِنْفَاقِ يَرْجِعُ سَوَاءٌ كَانَ أُمًّا أَوْ جَدًّا أَوْ غَيْرَهُمَا، إذْ لَوْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ لَحَصَلَتْ الْمُشَارَكَةُ وَأَجَابَ الْمَقْدِسِيَّ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُتُونِ عَلَى حَالَةِ الْيَسَارِ، لَكِنْ قَالَ الرَّمْلِيُّ: لَا حَاجَةَ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْمُتُونِ مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ، وَقَدْ اخْتَارَهَا أَهْلُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ مُقْتَصِرِينَ عَلَيْهَا. اهـ. قُلْت: وَعَلَى هَذَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُنْفِقِ أُمًّا أَوْ جَدًّا أَوْ غَيْرَهُمَا فِي ثُبُوتِ الرُّجُوعِ عَلَى الْأَبِ، مَا لَمْ يَكُنْ الْأَبُ زَمِنًا فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فِي حُكْمِ الْمَيِّتِ اتِّفَاقًا وَقَدَّمْنَا عَنْ جَوَامِعِ الْفِقْهِ مَا يُؤَيِّدُ مَا فِي الْمُتُونِ، وَمِثْلُهُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ نَفَقَةَ الصِّغَارِ وَالْإِنَاثِ الْمُعْسِرَاتِ عَلَى الْأَبِ لَا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ وَلَا تَسْقُطُ بِفَقْرِهِ. اهـ وَكَذَا مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ لَهُمْ جَدٌّ مُوسِرٌ لَمْ تُفْرَضْ عَلَيْهِ بَلْ يُؤْمَرُ بِهَا لِيَرْجِعَ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الْجَدِّ عِنْدَ وُجُودِ الْأَبِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْجَدِّ نَفَقَةُ ابْنِهِ الْمَذْكُورِ فَنَفَقَةُ أَوْلَادِهِ أَوْلَى، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَبُ زَمِنًا قُضِيَ بِنَفَقَتِهِمْ وَنَفَقَةِ الْأَبِ عَلَى الْجَدِّ. اهـ عَلَى أَنَّ مَا صَحَّحَهُ فِي الذَّخِيرَةِ يَرِدُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُهُ رُجُوعَ الْأُمِّ مَعَ أَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى أَوْلَادِهَا مِنْ الْجَدِّ وَالْعَمِّ وَالْخَالِ، فَكَيْفَ يَرْجِعُ الْأَقْرَبُ دُونَ الْأَبْعَدِ؟ . وَمَسْأَلَةُ رُجُوعِ الْأُمِّ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَغَيْرِهِ، وَهِيَ تُثْبِتُ رُجُوعَ غَيْرِهَا بِالْأَوْلَى، وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِمَا فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ.

[تَنْبِيهٌ] فِي الْبَحْرِ: الْفَقِيرُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ غَيْرِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَالزَّوْجَةِ. اهـ وَشَمِلَ الْفُرُوعُ الْوَلَدَ الْكَبِيرَ الْعَاجِزَ وَالْأُنْثَى، وَتَقَدَّمَ آنِفًا فِي عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ (قَوْلُهُ جَوْهَرَةٌ) كَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَلَا وَجْهَ لَهُ، فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>