(إذَا) كَانَ مَجْحُودًا أَوْ حَكَمَ مَالِكِيٌّ بِلُزُومِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ أَصْلِ الدَّيْنِ عِنْدَهُ أَوْ أَحَالَهُ عَلَى آخَرَ فَأَجَّلَهُ الْمُقْرِضُ أَوْ أَحَالَهُ عَلَى مَدْيُونٍ مُؤَجَّلٍ دَيْنُهُ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ مُبْرِئَةٌ وَالرَّابِعُ الْوَصِيَّةُ.
(أَوْصَى بِأَنْ يُقْرِضَ مِنْ مَالِهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فُلَانًا إلَى سَنَةٍ) فَيَلْزَمُ مِنْ ثُلُثِهِ وَيُسَامِحُ فِيهَا نَظَرًا لِلْمُوصِي.
(أَوْ أَوْصَى بِتَأْجِيلِ قَرْضِهِ) الَّذِي لَهُ (عَلَى زَيْدٍ سَنَةً) فَيَصِحُّ وَيَلْزَمُهُ. وَالْحَاصِلُ: أَنَّ تَأْجِيلَ الدَّيْنِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ بَاطِلٍ فِي بَدَلَيْ صَرْفٍ وَسَلَمٍ وَصَحِيحٍ غَيْرِ لَازِمٍ فِي قَرْضٍ وَإِقَالَةٍ وَشَفِيعٍ وَدَيْنِ مَيِّتٍ وَلَازِمٍ فِيمَا عَدَا ذَلِكَ وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ وَتَعَقَّبَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ الْمُلْحَقَ بِالْقَرْضِ تَأْجِيلُهُ بَاطِلٌ. قُلْت: وَمِنْ حِيَلِ تَأْجِيلِ الْقَرْضِ كَفَالَتُهُ مُؤَجَّلًا فَيَتَأَخَّرُ عَنْ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ وَاحِدٌ بَحْرٌ وَنَهْرٌ فَهِيَ خَامِسَةٌ فَلْتُحْفَظْ،
ــ
[رد المحتار]
دَيْنٌ عَلَى مَيْتٍ وَمَا لِلْمُشْتَرِي ... عَلَى مُقِيلٍ أَوْ شَفِيعٍ يَا سَرْيِ
وَالْقَرْضُ إلَّا أَرْبَعًا فِيهَا مَضَى ... جَحْدٌ وَصِيَّةٌ حَوَالَةٌ قَضَى
(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مَجْحُودًا) فِي الْخَانِيَّةِ: رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضٌ فَصَالَحَهُ عَلَى مِائَةٍ إلَى أَجَلٍ صَحَّ الْحَطُّ وَالْمِائَةُ حَالَّةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَقْرِضُ جَاحِدًا لِلْقَرْضِ فَالْمِائَةُ إلَى الْأَجَلِ اهـ. بِيرِيٌّ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ الْمُسْتَقْرِضُ لِلْمُقْرِضِ سِرًّا: لَا أُقِرُّ لَك حَتَّى تُؤَجِّلَهُ عَنِّي فَأَقَرَّ لَهُ عِنْدَ الشُّهُودِ بِالْأَلْفِ مُؤَجَّلَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ حَكَمَ مَالِكِيٌّ بِلُزُومِهِ) فَإِنَّهُ عِنْدَهُ لَازِمٌ وَقَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَرْجَحَ أَنَّ حُكْمَ الْحَنَفِيِّ بِخِلَافِ مَذْهَبِهِ لَا يَنْفُذُ خُصُوصًا فِي قَضَاءِ زَمَنِنَا، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ أَصْلِ الدَّيْنِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا لَا يَصِحُّ حُكْمُهُ بِلُزُومِ تَأْجِيلِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَجْحُودَ لَا يَتَوَقَّفُ تَأْجِيلُهُ عَلَى حُكْمِ مَالِكِيٍّ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَالَهُ إلَخْ) فِي الْفَتْحِ وَالْحِيلَةُ فِي لُزُومِ تَأْجِيلِهِ: أَنْ يُحِيلَ الْمُسْتَقْرِضُ الْمُقْرِضَ عَلَى آخَرَ بِدَيْنِهِ، فَيُؤَجِّلَ الْمُقْرِضُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الْمُحَالَ عَلَيْهِ فَيَلْزَمَ اهـ.
وَإِذَا لَزِمَ فَإِنْ كَانَ لِلْمُحِيلِ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَا إشْكَالَ وَإِلَّا أَقَرَّ الْمُحِيلُ بِقَدْرِ الْمُحَالِ بِهِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ مُؤَجَّلًا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْمُحِيطِ وَبَحْرٍ، وَفَائِدَةُ الْإِقْرَارِ تَمَكُّنُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُحِيلِ بِمَا يَدْفَعُهُ لِلْمُقْرِضِ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَالَهُ عَلَى مَدْيُونٍ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ تَأْجِيلِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ صَادِرًا مِنْ الْمُقْرِضِ أَوْ مِنْ الْمُحِيلِ وَهُوَ الْمُسْتَقْرِضُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَوَالَةَ مُبَرِّئَةٌ) أَيْ تُبَرَّأُ بِهَا ذِمَّةُ الْمُحِيلِ وَيَثْبُتُ بِهَا لِلْمُحَالِ أَيْ الْمُقْرِضِ دَيْنٌ عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْحَوَالَةِ فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَأْجِيلُ دَيْنٍ لَا قَرْضٍ.
(قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ مِنْ ثُلُثِهِ) فَإِنْ خَرَجَتْ الْأَلْفُ مِنْ الثُّلُثِ فَبِهَا وَإِلَّا فَبِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ ط. (قَوْلُهُ: وَيُسَامَحُ فِيهَا نَظَرًا لِلْمُوصِي) لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِالتَّبَرُّعِ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ بِالْخِدْمَةِ وَالسُّكْنَى فَيَلْزَمُ حَقًّا لِلْمُوصِي هِدَايَةٌ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ لُزُومَ الْوَصِيَّةِ بِالتَّبَرُّعِ وَمِنْهُ مَا نَحْنُ فِيهِ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ رَحْمَةً وَفَضْلًا عَلَى الْمُوصِي، إذْ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصْلُحَ وَصِيَّتُهُ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى حَالِ زَوَالِ مَالِكِيَّتِهِ.
[مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ]
(قَوْلُهُ: وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ أَقَرَّ مَا ذَكَرَ مِنْ الْحَاصِلِ وَهُوَ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ فَكَانَ الْأَوْلَى عَزْوُهُ إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَتَعَقَّبَهُ) أَيْ تَعَقَّبَ الْحَاصِلَ الْمَذْكُورَ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُلْحَقَ بِالْقَرْضِ) هُوَ الْإِقَالَةُ بِقِسْمَيْهَا وَالشَّفِيعُ وَدَيْنُ الْمَيِّتِ ح. (قَوْلُهُ: تَأْجِيلُهُ بَاطِلٌ) لِتَعْبِيرِهِمْ فِيهَا بِلَا يَصِحُّ، أَوْ بِبَاطِلٍ فَلَا يُقَالُ: إنَّ التَّأْجِيلَ فِيهَا صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ ط، قُلْت: وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا قَدَّمْنَاهُ أَنَّ الْقَرْضَ كَذَلِكَ وَلَعَلَّ مُرَادَ صَاحِبِ الْبَحْرِ بِالْبَاطِلِ مَا يَحْرُمُ فِعْلُهُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ الْفَسَادُ فَإِنَّ تَأْجِيلَ بَدَلَيْ الصَّرْفِ وَالسَّلَمِ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْقَرْضِ وَالْمُلْحَقِ بِهِ فَإِنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْمُطَالَبَةَ بِهِ إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ ذَلِكَ، فَلِذَا قَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ لَكِنْ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ فِي الْقَرْضِ مِنْ قَوْلِهِ وَعَلَى اعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعَ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ نَسِيئَةً وَهُوَ رِبًا اهـ. يَقْتَضِي أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الْفَسَادُ وَأَنَّهُ حَرَامٌ وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الدَّيْنَ وَاحِدٌ) أَيْ فَإِذَا تَأَخَّرَ عَنْ الْكَفِيلِ لَزِمَ تَأْخِيرُهُ عَنْ الْأَصِيلِ أَيْضًا إذْ يَثْبُتُ ضِمْنًا