للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي حِيَلِ الْأَشْبَاهِ: حِيلَةُ تَأْجِيلِ دَيْنِ الْمَيِّتِ أَنْ يُقِرَّ الْوَارِثُ بِأَنَّهُ ضَمِنَ مَا عَلَى الْمَيِّتِ فِي حَيَاتِهِ مُؤَجَّلًا إلَى كَذَا وَيُصَدِّقُهُ الطَّالِبُ أَنَّهُ كَانَ مُؤَجَّلًا عَلَيْهِمَا وَيُقِرُّ الطَّالِبُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا وَإِلَّا لَأُمِرَ الْوَارِثُ بِالْبَيْعِ لِلدَّيْنِ وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ أَنَّ الدَّيْنَ إذَا حَلَّ بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ لَا يَحِلُّ عَلَى كَفِيلِهِ. قُلْت: وَسَيَجِيءُ آخِرَ الْكِتَابِ أَنَّهُ لَوْ حَلَّ لِمَوْتِهِ أَوْ أَدَّاهُ قَبْلَ حُلُولِهِ لَيْسَ لَهُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ وَهُوَ جَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ.

ــ

[رد المحتار]

مَا يَمْتَنِعُ قَصْدًا كَبَيْعِ الشِّرْبِ وَالطَّرِيقِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ، لَكِنْ فِي النَّهْرِ عَنْ السِّرَاجِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ إذَا أَقْرَضَ رَجُلٌ رَجُلًا مَالًا فَكَفَلَ بِهِ رَجُلٌ عَنْهُ إلَى وَقْتٍ كَانَ عَلَى الْكَفِيلِ إلَى وَقْتِهِ، وَعَلَى الْمُسْتَقْرِضِ حَالًّا اهـ وَنُقِلَ نَحْوُهُ فِي كَفَالَةِ الْبَحْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَالْغِيَاثِيَّةِ، وَذَكَرَ فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ مِثْلَهُ عَنْ عِدَّةِ كُتُبٍ، وَذَكَرَ أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ غَيْرُ الْحَصِيرِيِّ فِي التَّحْرِيرِ، وَأَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ كَلَامُهُ وَحْدَهُ مَعَ كَلَامِ كُلِّ الْأَصْحَابِ لَا يُفْتَى بِهِ اهـ وَحَاصِلُهُ: أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ يَتَأَجَّلُ عَلَى الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ، وَبِهِ أَفْتَى الْعَلَّامَةُ قَارِئُ الْهِدَايَةِ وَغَيْرُهُ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي الْكَفَالَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. [تَنْبِيهٌ] :

لَمْ يَذْكُرْ مَا لَوْ أَجَّلَ الْكَفِيلُ الْأَصِيلَ، وَهُوَ جَائِزٌ فَفِي الْبِيرِيِّ رَوَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اضْمَنْ عَنِّي لِفُلَانٍ الْأَلْفَ الَّتِي عَلَيَّ فَفَعَلَ، وَأَدَّاهَا الضَّامِنُ، ثُمَّ إنَّ الضَّامِنَ أَخَّرَ الْمَضْمُونَ عَنْهُ فَالتَّأْخِيرُ جَائِزٌ وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْقَرْضِ، وَلَوْ قَالَ: اقْضِ عَنِّي هَذَا الرَّجُلَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَفَعَلَ ثُمَّ أَخَّرَهَا لَمْ يَجُزْ التَّأْخِيرُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَدَّى عَنْهُ فَصَارَ مُقْرِضًا وَالتَّأْخِيرُ فِي الْقَرْضِ بَاطِلٌ وَالْأَوَّلُ أَدَّى عَنْ نَفْسِهِ اهـ. (قَوْلُهُ: أَنْ يُقِرَّ الْوَارِثُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي وَارِثٍ لَا مُشَارِكَ لَهُ فِي الْمِيرَاثِ، وَإِلَّا يَلْحَقُهُ ضَرَرٌ بِلُزُومِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْحِيلَةِ بَيَانُ حُكْمِهَا لَوْ وَقَعَتْ كَذَلِكَ لَا تَعْلِيمُ فِعْلِهَا؛ لِأَنَّ فِيهَا الْإِخْبَارَ بِخِلَافِ الْوَاقِعِ، (قَوْلُهُ: وَيُصَدِّقُهُ الطَّالِبُ أَنَّهُ إلَخْ) لَوْ قَالَ: وَيُصَدِّقُهُ الطَّالِبُ فِي ذَلِكَ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَظْهَرَ؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ بِتَأْجِيلِهِ عَلَى الْمَيِّتِ غَيْرُ لَازِمٍ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَأُمِرَ الْوَارِثُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ وَإِلَّا فَقَدْ حَلَّ الدَّيْنُ بِمَوْتِهِ فَيُؤْمَرُ الْوَارِثُ إلَخْ. مَطْلَبُ إذَا قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ مَاتَ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى.

(قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ آخِرَ الْكِتَابِ) أَيْ قُبَيْلَ كِتَابِ الْفَرَائِضِ وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْقُنْيَةِ حَيْثُ قَالَ فِيهَا بِرَمْزِ نَجْمِ الدِّينِ قَضَى الْمَدْيُونُ الدَّيْنَ قَبْلَ الْحُلُولِ أَوْ مَاتَ فَأَخَذَ مِنْ تَرِكَتِهِ، فَجَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ: أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ قِيلَ لَهُ أَتُفْتِي بِهِ أَيْضًا؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ: وَلَوْ أَخَذَ الْمُقْرِضُ الْقَرْضَ وَالْمُرَابَحَةَ قَبْلَ مُضِيِّ الْأَجَلِ فَلِلْمَدْيُونِ أَنْ يَرْجِعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَيَّامِ اهـ. وَذَكَرَ الشَّارِحُ آخِرَ الْكِتَابِ: أَنَّهُ أَفْتَى بِهِ الْمَرْحُومُ مُفْتِي الرُّومِ أَبُو السُّعُودِ وَعَلَّلَهُ بِالرِّفْقِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

قُلْت: وَبِهِ أَفْتَى الْحَانُوتِيُّ وَغَيْرُهُ وَفِي الْفَتَاوَى الْحَامِدِيَّةِ سُئِلَ فِيمَا إذَا كَانَ لِزَيْدٍ بِذِمَّةِ عَمْرٍو مَبْلَغٌ دَيْنٌ مَعْلُومٌ فَرَابَحَهُ عَلَيْهِ إلَى سَنَةٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِعِشْرِينَ يَوْمًا مَاتَ عَمْرٌو الْمَدْيُونُ، فَحَلَّ الدَّيْنُ وَدَفَعَهُ الْوَارِثُ لِزَيْدٍ، فَهَلْ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ شَيْءٌ أَوْ لَا؟ الْجَوَابُ جَوَابُ الْمُتَأَخِّرِينَ: أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُرَابَحَةِ الَّتِي جَرَتْ الْمُبَايَعَةُ عَلَيْهَا بَيْنَهُمَا إلَّا بِقَدْرِ مَا مَضَى مِنْ الْأَيَّامِ قِيلَ لِلْعَلَّامَةِ نَجْمِ الدِّينِ: أَتُفْتِي بِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ كَذَا فِي الْأَنْقِرْوِيِّ وَالتَّنْوِيرِ، وَأَفْتَى بِهِ عَلَّامَةُ الرُّومِ مَوْلَانَا أَبُو السُّعُودِ وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَعْدَ أَدَاءِ الدَّيْنِ دُونَ الْمُرَابَحَةِ إذَا ظَنَّتْ الْوَرَثَةُ أَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَلْزَمُهُمْ فَرَابَحُوهُ عَلَيْهَا عِدَّةَ سِنِينَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَابَحَةَ تَلْزَمُهُمْ حَتَّى اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَالٌ، فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ الْمَالُ أَوْ لَا؟ الْجَوَابُ: لَا يَلْزَمُهُمْ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>