للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فُرُوعٌ] أَبَانَهَا فِي مَرَضِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ وَمَاتَ فِي مَرَضِهِ لَمْ تَرِثْ لِأَنَّهَا فِي عِدَّةٍ مُسْتَقْبَلَةٍ، وَقَدْ حَصَلَ التَّزَوُّجُ بِفِعْلِهَا فَلَمْ يَكُنْ فِرَارًا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ خَانِيَّةٌ.

كَذَّبَهَا الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي الطَّلَاقِ فِي مَرَضِهِ فَالْقَوْلُ لَهَا كَقَوْلِهَا طَلَّقَنِي وَهُوَ نَائِمٌ.

وَقَالُوا فِي الْيَقَظَةِ وَالْوَالِجِيَّةُ: طَلَّقَهَا فِي الْمَرَضِ وَمَاتَ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَالْمُشْكِلُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ لِوَارِثِ الزَّوْجِ لِصَيْرُورَتِهَا أَجْنَبِيَّةً بِخِلَافِهِ فِي الْعِدَّةِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ

بَابُ الرَّجْعَةِ

بِالْفَتْحِ وَتُكْسَرُ يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى (هِيَ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ الْقَائِمِ)

ــ

[رد المحتار]

إلَى وَقْتِ التَّزَوُّجِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِحَيْضِهَا لَمْ يَحْنَثْ بِرُؤْيَةِ الدَّمِ لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ، فَإِذَا اسْتَمَرَّ ثَلَاثًا ظَهَرَ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْ أَوَّلِهَا زَيْلَعِيٌّ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَقْتَ التَّزَوُّجِ مَرِيضًا أَنْ يَصِيرَ فَارًّا فَتَرِثُهُ (قَوْلُهُ لَمْ تَرِثْ إلَخْ) بَيَانُهُ أَنَّ عِدَّتَهَا الْأُولَى قَدْ بَطَلَتْ بِالتَّزَوُّجِ فَبَطَلَ إرْثُهَا الثَّابِتُ لَهَا بِسَبَبِ الْإِبَانَةِ فِي مَرَضِهِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَرِثُ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ وَقَدْ زَالَتْ وَوَجَبَ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ بِالطَّلَاقِ الثَّانِي كَمَا يَأْتِي فِي الْعِدَّةِ أَنَّ مَنْ طَلَّقَ مُعْتَدَّتَهُ قَبْلَ الْوَطْءِ يَجِبُ عَلَيْهَا عِدَّةٌ مُسْتَقْبَلَةٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَرِثَ بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّانِي لِأَنَّ شَرْطَ وُقُوعِهِ التَّزَوُّجُ وَقَدْ حَصَلَ بِفِعْلِهِمَا فَكَانَتْ رَاضِيَةً بِوُقُوعِ الثَّلَاثِ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ تَرِثُهُ لِأَنَّ عَلَيْهَا تَمَامَ الْعِدَّةِ الْأُولَى فَقَطْ فَبَقِيَ حُكْمُ الْفِرَارِ بِالطَّلَاقِ الْأَوَّلِ لِبَقَاءِ عِدَّتِهِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ كَذَّبَهَا الْوَرَثَةُ إلَخْ) أَيْ لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهُ أَبَانَهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَنَّهُ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَلْ فِي الصِّحَّةِ فَالْقَوْلُ لَهَا بِيَمِينِهَا لِإِنْكَارِهَا سُقُوطَ الْإِرْثِ لِأَنَّهَا تُقِرُّ بِطَلَاقٍ لَا يُسْقِطُ الْمِيرَاثَ (قَوْلُهُ فَالْمُشْكِلُ مِنْ مَتَاعِ الْبَيْتِ) هُوَ مَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ أَمَّا مَا يَصْلُحُ لِأَحَدِهِمَا فَالْقَوْلُ لِكُلٍّ فِيمَا يَصْلُحُ لَهُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ التَّحَالُفِ مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ لِصَيْرُورَتِهَا أَجْنَبِيَّةً) أَيْ فَلَمْ تَبْقَ ذَاتَ يَدٍ بَلْ الْيَدُ لِلْوَرَثَةِ وَالْقَوْلُ لِذِي الْيَدِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ بِخِلَافِ مَوْتِهِ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنَّ الْمُشْكِلَ حِينَئِذٍ لِلْمَرْأَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهَا تَرِثُ فَلَمْ تَكُنْ أَجْنَبِيَّةً فَكَأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الطَّلَاقِ جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

[بَابُ الرَّجْعَةِ]

ِ ذَكَرَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ لِأَنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ طَبْعًا فَكَذَا وَضْعًا نَهْرٌ (قَوْلُهُ: بِالْفَتْحِ وَتُكْسَرُ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْفَتْحَ فِيهَا أَفْصَحُ مِنْ الْكَسْرِ خِلَافًا لِلْأَزْهَرِيِّ فِي دَعْوَى أَكْثَرِيَّةِ الْكَسْرِ وَلِمَكِّيٍّ تَبَعًا لِابْنِ دُرَيْدٍ فِي إنْكَارِ الْكَسْرِ عَلَى الْفُقَهَاءِ (قَوْلُهُ: يَتَعَدَّى وَلَا يَتَعَدَّى) أَيْ يُسْتَعْمَلُ فِعْلُهُ مُتَعَدِّيًا بِنَفْسِهِ وَلَازِمًا فَيَتَعَدَّى بِإِلَى. قَالَ فِي الْفَتْحِ: يُقَالُ رَجَعَ إلَى أَهْلِهِ وَرَجَعْته إلَيْهِمْ: أَيْ رَدَدْته وَقَالَ تَعَالَى {فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ} [التوبة: ٨٣] وَيُقَالُ فِي مَصْدَرِهِ أَيْضًا رَجْعًا وَرُجُوعًا وَمَرْجِعًا وَالرَّجْعَةُ وَالرَّجْعَى بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَرُبَّمَا قَالُوا إلَى اللَّهِ رَجَعَاتُك (قَوْلُهُ: هِيَ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ) عَبَّرَ بِالِاسْتِدَامَةِ بَدَلَ الرَّدِّ الَّذِي هُوَ مَعْنَى الرَّجْعَةِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ مَا يَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ. فَيُنَافِي قَوْلَهُ " الْقَائِمِ " وَلِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْإِبْقَاءُ قَالَ تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالرَّدُّ يَصْدُقُ حَقِيقَةً بَعْدَ انْعِقَادِ سَبَبِ زَوَالِ الْمِلْكِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَالَ بَعْدُ يُقَالُ: رَدَّ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ فِي بَيْعٍ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ اهـ فَهَذَا الرَّدُّ إبْقَاءٌ لِلْمِلْكِ الْقَائِمِ: أَيْ إدَامَةٌ لَهُ وَإِمْسَاكٌ قَالَ تَعَالَى {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٤] أَيْ قَارَبَ الْبُلُوغَ {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: ٢٣١] قَالَ فِي النَّهْرِ: وَالْإِمْسَاكُ اسْتِدَامَةُ الْقَائِمِ لَا إعَادَةُ الزَّائِلِ، وَلِذَا صَحَّ الْإِيلَاءُ مِنْهَا وَالظِّهَارُ وَاللِّعَانُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>