للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَثَمَنٍ عِنْدَ إقَالَةٍ وَبَعْدَهَا وَمَا أُخِذَ بِهِ الشَّفِيعُ وَدَيْنِ الْمَيِّتُ، وَالسَّابِعُ (الْقَرْضُ) فَلَا يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ (إلَّا) فِي أَرْبَعٍ

ــ

[رد المحتار]

التَّأْجِيلُ ط. (قَوْلُهُ: وَثَمَنٍ عِنْدَ إقَالَةٍ وَبَعْدَهَا) فِي الْقُنْيَةِ أَجَّلَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ سَنَةً عِنْدَ الْإِقَالَةِ صَحَّتْ الْإِقَالَةُ وَبَطَلَ الْأَجَلُ، وَلَوْ تَقَايَلَا ثُمَّ أَجَّلَهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ الْأَجَلُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنَّ الشَّرْطَ اللَّاحِقَ بَعْدَ الْعَقْدِ مُلْتَحِقٌ بِأَصْلِ الْعَقْدِ عِنْدَهُ اهـ.

بَحْرٌ وَتَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي بَابِ الْإِقَالَةِ وَكَتَبْنَا هُنَاكَ أَنَّا قَدَّمْنَا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ تَصْحِيحَ عَدَمِ الْتِحَاقِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَعَلَيْهِ فَيَصِحُّ التَّأْجِيلُ بَعْدَهَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا نَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ سَلَمِ الْجَوْهَرَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجُوزُ تَأْجِيلُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ لَا يَجِبُ قَبْضُهُ فِي الْمَجْلِسِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ اهـ. ثُمَّ رَأَيْت الْعَلَّامَةَ الْبِيرِيَّ قَالَ: إنَّ قَوْلَهُ الشَّرْطُ اللَّاحِقُ مُلْتَحِقٌ بِأَصْلِ الْعَقْدِ سَاقِطٌ؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ وَقَعَ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا عَلَى وَجْهِ الشَّرْطِ، بَلْ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ كَمَا فِي سَائِرِ الدُّيُونِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ نَقَلَ جَوَازَ تَأْخِيرِ الثَّمَنِ بَعْدَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِقَضَاءٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَالْعَجَبُ مِنْ الْمُؤَلِّفِ أَيْ صَاحِبِ الْأَشْبَاهِ كَيْفَ أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ اهـ. كَلَامُ الْبِيرِيِّ مُلَخَّصًا.

قُلْت: لَكِنْ وَجْهُ مَا فِي الْقُنْيَةِ أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ مِنْ وَجْهٍ، وَقَدْ وَجَّهَ الْخِلَافَ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فِيمَا لَوْ بَاعَ مُطْلَقًا ثُمَّ أَجَّلَ إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ، قِيلَ يَصِحُّ الْأَجَلُ، وَقِيلَ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَلْتَحِقُ بِالْعَقْدِ، وَهُنَا إذَا الْتَحَقَ بِعَقْدِ الْإِقَالَةِ يَلْزَمُ أَنْ يَزِيدَ الثَّمَنَ فِيهَا بِوَصْفِ التَّأْجِيلِ مَعَ أَنَّ الْإِقَالَةَ إنَّمَا تَصِحُّ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِمَا قُلْنَا مِنْ تَصْحِيحِ عَدَمِ الِالْتِحَاقِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَمَا أَخَذَ بِهِ الشَّفِيعُ) يَعْنِي لَوْ أَجَّلَ الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ فِي الثَّمَنِ لَمْ يَصِحَّ بَحْرٌ. وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الشِّرَاءُ بِمُؤَجَّلٍ فَإِنَّ الْأَجَلَ لَا يَثْبُتُ فِي أَخْذِ الشَّفِيعِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي بَابِهَا. (قَوْلُهُ: وَدَيْنِ الْمَيِّتِ) أَيْ لَوْ مَاتَ الْمَدْيُونُ وَحَلَّ الْمَالُ فَأَجَّلَ الدَّائِنَ وَارِثُهُ لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ، وَفَائِدَةُ التَّأْجِيلِ أَنْ يَتَّجِرَ فَيُؤَدِّيَ الدَّيْنَ مِنْ نَمَاءِ الْمَالِ، فَإِذَا مَاتَ مَنْ لَهُ الْأَجَلُ تَعَيَّنَ الْمَتْرُوكُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، فَلَا يُفِيدُ التَّأْجِيلُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ فِي كُلِّ دَيْنٍ وَذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ فِي الْقَرْضِ بَحْرٌ.

وَفِي الْفَتْحِ مِثْلُ مَا فِي الْقُنْيَةِ لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ تَأْجِيلُ رَبِّ الدَّيْنِ مَالَهُ عَلَى الْمَيِّتِ لَا يَجُوزُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ قَوْلُ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ صِفَةُ الدَّيْنِ، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْوَارِثِ، فَلَا يَثْبُتُ الْأَجَلُ فِي حَقِّهِ، لَا وَجْهَ أَيْضًا لِثُبُوتِهِ لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ سَقَطَ عَنْ ذِمَّتِهِ بِالْمَوْتِ وَلَا لِثُبُوتِهِ فِي الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنٌ وَالْأَعْيَانُ لَا تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ. وَفِي الْبُرْجَنْدِيِّ قَالَ صَاحِبُ الْمُحِيطِ: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ تَأْجِيلَهُ صَحِيحٌ، وَهَكَذَا أَفْتَى الْإِمَامُ قَاضِي خَانَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ هَذَا الدَّيْنُ يَتَعَلَّقُ بِالتَّرِكَةِ، لَكِنَّهُ يَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَكُونُ عَيْنًا فَيَصِحُّ التَّأْجِيلُ، وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ بِيرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُ تَأْجِيلُهُ) أَيْ أَنَّهُ يَصِحُّ تَأْجِيلُهُ مَعَ كَوْنِهِ غَيْرَ لَازِمٍ فَلِلْمُقْرِضِ الرُّجُوعُ عَنْهُ، لَكِنْ قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: فَإِنَّ تَأْجِيلَهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ إعَارَةٌ وَصِلَةٌ فِي الِابْتِدَاءِ حَتَّى يَصِحُّ بِلَفْظَةِ الْإِعَارَةِ وَلَا يَمْلِكُهُ مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّبَرُّعَ كَالْوَصِيِّ وَالصَّبِيِّ، وَمُعَاوَضَةٌ فِي الِانْتِهَاءِ فَعَلَى اعْتِبَارِ الِابْتِدَاءِ لَا يَلْزَمُ التَّأْجِيلُ فِيهِ كَمَا فِي الْإِعَارَةِ إذْ لَا جَبْرَ فِي التَّبَرُّعِ، وَعَلَى اعْتِبَارِ الِانْتِهَاءِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ بِالدَّرَاهِمِ نَسِيئَةً وَهُوَ رِبًا اهـ.

وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ قَوْلَهُ لَا يَصِحُّ عَلَى حَقِيقَتِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وُجِدَ فِيهِ مُقْتَضَى عَدَمِ اللُّزُومِ وَمُقْتَضَى عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَكَانَ الْأَوَّلُ لَا يُنَافِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَا لَا يَصِحُّ لَا يَلْزَمُ وَجَبَ اعْتِبَارُ عَدَمِ الصِّحَّةِ، وَلِهَذَا عَلَّلَ فِي الْفَتْحِ لِعَدَمِ الصِّحَّةِ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: وَلِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَ كَانَ التَّبَرُّعُ مُلْزَمًا عَلَى الْمُتَبَرِّعِ، ثُمَّ لِلْمِثْلِ الْمَرْدُودِ حُكْمُ الْعَيْنِ كَأَنَّهُ رَدَّ الْعَيْنَ وَإِلَّا كَانَ تَمْلِيكَ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ بِلَا قَبْضٍ فِي الْمَجْلِسِ وَالتَّأْجِيلُ فِي الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ اهـ مُلَخَّصًا، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي النَّهْرِ عَنْ الْقُنْيَةِ التَّأْجِيلُ فِي الْقَرْضِ بَاطِلٌ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي أَرْبَعٍ) أَيْ بَعْدَ مَسْأَلَتَيْ الْحَوَالَةِ وَاحِدَةٌ وَمَسْأَلَتَيْ الْوَصِيَّةِ وَاحِدَةٌ أَيْضًا وَقَدْ نَظَمْت هَذِهِ مَعَ الَّتِي قَبْلَهَا بِقَوْلِي:

سِتٌّ مِنْ الدُّيُونِ لَيْسَ يَلْتَزِمْ ... تَأْجِيلُهَا بَدَلُ صَرْفٍ وَسَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>