لِلُحُوقِ الْحَطِّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ دُونَ الْهِبَةِ (وَالِاسْتِحْقَاقُ) لِبَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ أَوْ شَفِيعٍ (يَتَعَلَّقُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَ) يَتَعَلَّقُ (بِالزِّيَادَةِ) أَيْضًا فَلَوْ رُدَّ بِنَحْوِ عَيْبٍ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالْكُلِّ (وَلَزِمَ تَأْجِيلُ كُلِّ دَيْنٍ) إنْ قَبِلَ الْمَدْيُونُ (إلَّا) فِي سَبْعٍ عَلَى مَا فِي مَدِينَاتِ الْأَشْبَاهِ بَدَلَيْ صَرْفٍ وَسَلَمٍ
ــ
[رد المحتار]
أَيْ الرُّجُوعُ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِإِطْلَاقِ الْبَرَاءَةِ، لَكِنَّ الظَّاهِرَ مَا قَالَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مِنْ حَمْلِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى بَرَاءَةِ الْقَبْضِ وَالِاسْتِيفَاءِ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ حَمْلَهَا عَلَى مَعْنَى الْإِسْقَاطِ يُوجِبُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَ وَهَذَا أَكْثَرُ.
(قَوْلُهُ: لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ) وَلِأَنَّ وُقُوعَ الْإِبْرَاءِ بَعْدَ الْقَبْضِ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ بَرَاءَةُ الْقَبْضِ، إلَّا أَنْ يَظْهَرَ بِقَرِينَةٍ حَالِيَّةٍ إرَادَةُ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ، وَعَنْ هَذَا وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ قَالَ فَيُتَأَمَّلُ عِنْدَ الْفَتْوَى: أَيْ يَتَأَمَّلُ الْمُفْتِي وَيَنْظُرُ مَا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ فِي الْحَادِثَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا فَيُفْتِي بِهِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: لِلُحُوقِ الْحَطِّ بِأَصْلِ الْعَقْدِ) كَأَنَّهُ بَاعَهُ ابْتِدَاءً بِالْقَدْرِ الْبَاقِي بَعْدَ الْحَطِّ ط أَيْ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَكَانَ شَرْطًا لَا يَقْتَضِيهِ الْعَقْدُ وَفِيهِ نَفْعٌ لِأَحَدِهِمَا. (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِحْقَاقُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا طَلَبُ الْحَقِّ أَوْ ثُبُوتُ الْحَقِّ، وَقَوْلُهُ: لِبَائِعٍ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَمَعْنَاهُ فِي الْبَائِعِ أَنَّ لَهُ حَقَّ حَبْسِ الْمَبِيعِ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَمَا زِيدَ فِيهِ، وَمَعْنَاهُ فِي الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ الْمَبِيعُ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ وَمَا زِيدَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا لَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَأْتِي، وَمَعْنَاهُ فِي الشَّفِيعِ أَنَّهُ لَوْ زَادَ الْبَائِعُ فِي الْعَقَارِ الْمَبِيعِ، فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ الْكُلَّ وَعَلَيْهِ فَالْمُرَادُ بِالزِّيَادَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِي الثَّمَنِ أَوْ فِي الْمَبِيعِ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ رَدَّ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ مُشْتَرٍ أَيْ إذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِخِيَارِ عَيْبٍ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ خِيَارِ شَرْطٍ أَوْ رُؤْيَةٍ رَجَعَ عَلَى بَائِعِهِ بِالْكُلِّ: أَيْ بِالثَّمَنِ وَمَا زِيدَ فِيهِ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ إذَا اشْتَرَى عَشَرَةَ أَثْوَابٍ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَزَادَهُ الْبَائِعُ بَعْدَ الْعَقْدِ ثَوْبًا آخَرَ ثُمَّ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي أَحَدِ الثِّيَابِ إنْ كَانَ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ فِي جَمِيعِهَا وَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهَا وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ، فَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ هِيَ الْمَعِيبَةُ اهـ.
مَطْلَبٌ فِي تَأْجِيلِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ تَأْجِيلُ كُلِّ دَيْنٍ) الدَّيْنُ مَا وَجَبَ فِي الذِّمَّةِ بِعَقْدٍ أَوْ اسْتِهْلَاكٍ، وَمَا صَارَ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا بِاسْتِقْرَاضِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْقَرْضِ، كَذَا فِي الْكِفَايَةِ وَيَأْتِي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ تَعْرِيفُ الْقَرْضِ، وَأَطْلَقَ التَّأْجِيلَ فَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَ الْأَجَلُ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْجَهَالَةُ مُتَقَارِبَةً كَالْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ يَصِحُّ لَا إنْ كَانَتْ مُتَفَاحِشَةً كَهُبُوبِ الرِّيحِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَمَرَّ فِي بَابِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَنَّ الْجَهَالَةَ الْيَسِيرَةَ مُتَحَمَّلَةٌ فِي الدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ قَبِلَ الْمَدْيُونُ) فَلَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ بَطَلَ التَّأْجِيلُ فَيَكُونُ حَالًّا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ التَّأْجِيلِ بِالشَّرْطِ فَلَوْ قَالَ لِمَنْ عَلَيْهِ أَلْفٌ حَالَّةً إنْ دَفَعْت إلَيَّ غَدًا خَمْسَمِائَةٍ فَالْخَمْسُمِائَةِ الْأُخْرَى مُؤَخَّرَةٌ عَنْك إلَى سَنَةٍ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ الْمَدْيُونُ: أَبْطَلْت الْأَجَلَ أَوْ تَرَكْته صَارَ حَالًّا، بِخِلَافِ بَرِئْت مِنْ الْأَجَلِ أَوْ لَا حَاجَةَ لِي فِيهِ، وَإِذَا قَضَاهُ قَبْلَ الْحُلُولِ فَاسْتُحِقَّ الْمَقْبُوضُ مِنْ الْقَابِضِ أَوْ وَجَدَهُ زُيُوفًا فَرَدَّهُ أَوْ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا فَرَدَّهُ بِقَضَاءٍ عَادَ الْأَجَلُ لَا لَوْ اشْتَرَى مِنْ مَدْيُونِهِ شَيْئًا بِالدَّيْنِ وَقَبَضَهُ ثُمَّ تَقَايَلَا بِالْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ بِهَذَا الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ كَفِيلٌ لَا تَعُودُ الْكَفَالَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ اهـ.
بَحْرٌ وَقَوْلُهُ: فِي الْوَجْهَيْنِ: أَيْ فِي الْإِقَالَةِ وَفِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ بِقَضَاءٍ وَقَدَّمْنَا فِي الْإِقَالَةِ أَنَّ عَدَمَ عَوْدِ الْكِفَايَةِ فِي الرَّدِّ بِعَيْبٍ فِيهِ خِلَافٌ فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي سَبْعٍ) هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ سِتٌّ فَإِنَّ مَسْأَلَتَيْ الْإِقَالَةِ وَاحِدَةٌ. (قَوْلُهُ بَدَلَيْ صَرْفٍ وَسَلَمٍ) لِاشْتِرَاطِ الْقَبْضِ لِبَدَلَيْ الصَّرْفِ فِي الْمَجْلِسِ وَاشْتِرَاطِهِ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِبَدَلِهِ هُنَا أَمَّا الْمُسْلَمُ فِيهِ فَشَرْطُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute