عَلَى نَفَقَةِ امْرَأَةِ ابْنِهِ الْغَائِبِ وَوَلَدِهَا، وَكَذَا الْأُمُّ عَلَى نَفَقَةِ الْوَلَدِ لِتَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْأَبِ، وَكَذَا الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ الْأُمِّ لِيَرْجِعَ عَلَى زَوْجِ أُمِّهِ، وَكَذَا الْأَخُ عَلَى نَفَقَةِ أَوْلَادِ أَخِيهِ لِيَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْأَبِ، وَكَذَا الْأَبْعَدُ إذَا غَابَ الْأَقْرَبُ انْتَهَى. .
وَفِي الْفُصُولَيْنِ مِنْ الرَّابِعِ وَالثَّلَاثِينَ: أَجْنَبِيٌّ أَنْفَقَ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ فَقَالَ: أَنْفَقْت بِأَمْرِ الْمُوصِي وَأَقَرَّ بِهِ الْوَصِيُّ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِ الْوَصِيِّ بَعْدَمَا أَنْفَقَ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ لَوْ الْمُنْفَقُ عَلَيْهِ صَغِيرًا. اهـ وَفِيهِ قَالَ أَنْفِقْ عَلَيَّ أَوْ عَلَى
ــ
[رد المحتار]
وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِزَوْجَةِ الِابْنِ وَلَوْ صَغِيرًا فَقِيرًا، فَلَوْ كَانَ كَبِيرًا غَائِبًا بِالْأَوْلَى إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْوُجُوبَ هُنَا بِمَعْنَى أَنَّ الْأَبَ يُؤْمَرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لِيَرْجِعَ بِهَا عَلَى الِابْنِ إذَا حَضَرَ، لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ زَوْجَةَ الْغَائِبِ يَفْرِضُ الْقَاضِي لَهَا النَّفَقَةَ عَلَى زَوْجِهَا وَيَأْمُرُهَا بِالِاسْتِدَانَةِ وَأَنَّهُ تَجِبُ الْإِدَانَةُ عَلَى مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا الْأُمُّ إلَخْ) أَيْ إذَا غَابَ الْأَبُ وَلَمْ يَتْرُكْ نَفَقَةً تُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ مَالِهَا إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَقَدَّمَ الشَّارِحُ عَنْ الْبَحْرِ تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِ زُفَرَ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهَا عَلَى النِّكَاحِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي عَالِمًا بِهِ ثُمَّ يَفْرِضُ لَهُمْ وَيَأْمُرُهَا بِالْإِنْفَاقِ وَالِاسْتِدَانَةِ لِتَرْجِعَ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَتْرُكْ مَالًا عِنْدَهُ أَوْ عَلَى مَنْ يُقِرُّ بِهِ وَبِالزَّوْجِيَّةِ وَالْوِلَادِ، وَإِلَّا فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يَفْرِضُ لَهَا فِي ذَلِكَ الْمَالَ، وَكَذَا لَوْ تَرَكَ مَالًا فِي بَيْتِهِ كَمَا مَرَّ بَيَانُهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا الِابْنُ) أَيْ الْمُوسِرُ إذَا غَابَ زَوْجُ أُمِّهِ الْفَقِيرَةِ، هَذَا ظَاهِرُ السِّيَاقِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الْغَيْبَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ حَاضِرًا وَهُوَ مُعْسِرٌ، لَكِنَّ هَذِهِ تَقَدَّمَتْ قُبَيْلَ قَوْلِهِ قَضَى بِنَفَقَةِ الْإِعْسَارِ، وَهَذَا إذَا كَانَ زَوْجُهَا غَيْرَ أَبِيهِ، فَلَوْ كَانَ أَبَاهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ؟ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَكَذَا الْأَخُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَوْلَادِ أُمٌّ مُوسِرَةٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْأُمَّ أَوْلَى بِالتَّحَمُّلِ مِنْ سَائِرِ الْأَقَارِبِ؛ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ إلَى أَوْلَادِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا الْأَبْعَدُ إذَا غَابَ الْأَقْرَبُ) عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ، فَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْغَائِبُ ابْنًا أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوْ أَخًا وَالْحَاضِرُ الْمُوسِرُ خَالٌ أَوْ عَمٌّ أَوْ جَدٌّ، وَقَدْ اُسْتُفِيدَ مِمَّا هُنَا وَكَذَا مِمَّا قَدَّمْنَاهُ عَنْ جَوَامِعِ الْفِقْهِ أَنَّ الْغَيْبَةَ كَالْإِعْسَارِ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى الْأَبْعَدِ وَرُجُوعِهِ عَلَى الْأَقْرَبِ بَعْدَ حُضُورِهِ أَوْ يَسَارِهِ، وَلَيْسَ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَبِ خَاصًّا بِالْأُمِّ خِلَافًا لِقَوْلِهِ الْمَارِّ إلَّا لِأُمٍّ مُوسِرَةٍ.
(قَوْلُهُ أَجْنَبِيٌّ أَنْفَقَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ مَعَ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قُبَيْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ أَدَبِ الْقَاضِي: ادَّعَى وَصِيٌّ أَوْ قَيِّمٌ أَنَّهُ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ فِي مَالِ الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، إذْ يَدَّعِي دَيْنًا لِنَفْسِهِ عَلَى الْيَتِيمِ وَالْوَقْفِ فَلَا يَصِحُّ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى، فَلَوْ ادَّعَى الْإِنْفَاقَ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَالْيَتِيمِ نَفَقَةَ الْمِثْلِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ صُدِّقَ. اهـ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ أَنْفَقَ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ أَوْ يُفَرَّقَ بَيْنَ مَالِ الْأَجْنَبِيِّ وَمَالِ الْوَصِيِّ، لَكِنَّ فِيهِ إثْبَاتَ دَيْنٍ لِلْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْيَتِيمِ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِ الْوَصِيِّ، وَلَمْ أَرَ صَرِيحًا صِحَّتَهُ، نَعَمْ فِي الْقُنْيَةِ وَغَيْرِهَا: أَوْ أَنْفَقَ مَالَهُ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَمْ يُشْهِدْ، فَلَوْ كَانَ الْمُنْفِقُ أَبًا لَمْ يَرْجِعْ وَفِي الْوَصِيِّ اخْتِلَافٌ. اهـ. وَقَدَّمْنَا فِي بَابِ الْمَهْرِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى ضَمَانِ الْوَلِيِّ الْمَهْرَ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْإِشْهَادِ اسْتِحْسَانٌ، وَعَلَيْهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيِّ وَالْأَبِ إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّ الْأَبَ يُنْفِقُ تَبَرُّعًا وَمَرَّ تَمَامُ الْكَلَامِ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ، وَسَيَأْتِي أَيْضًا آخِرَ الْكِتَابِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
مَطْلَبٌ أَمَرَ غَيْرَهُ بِالْإِنْفَاقِ وَنَحْوِهِ هَلْ يَرْجِعُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ إلَخْ) أَقُولُ: فِي الْخَانِيَّةِ ذَكَرَ فِي الْأَصْلِ إذَا أَمَرَ صَيْرَفِيًّا فِي الْمُصَارَفَةِ أَنْ يُعْطِيَ رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ قَضَاءً عَنْهُ أَوْ لَمْ يَقُلْ قَضَاءً عَنْهُ فَفَعَلَ يُرْجَعُ عَلَى الْآمِرِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَيْرَفِيًّا لَا يُرْجَعُ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَنِّي، وَلَوْ أَمَرَهُ بِشِرَائِهِ أَوْ بِدَفْعِ الْفِدَاءِ يُرْجَعُ عَلَيْهِ اسْتِحْسَانًا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَى أَنْ تَرْجِعَ عَلَيَّ بِذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَنْفِقْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute