للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يُمَلَّكُ وَلَا يُمْلَكُ وَلَا يُعَارُ وَلَا يُرْهَنُ) فَبَطَلَ شَرْطُ وَاقِفِ الْكُتُبِ، الرَّهْنُ شَرْطٌ كَمَا فِي التَّدْبِيرِ

وَلَوْ سَكَنَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُرْتَهِنُ ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ وَقْفٌ أَوْ الصَّغِيرُ لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ قُنْيَةٌ

ــ

[رد المحتار]

عُلِمَ مِمَّا مَرَّ (قَوْلُهُ: لَا يُمْلَكُ) أَيْ لَا يَكُونُ مَمْلُوكًا لِصَاحِبِهِ وَلَا يُمَلَّكُ أَيْ لَا يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ لِغَيْرِهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ لِاسْتِحَالَةِ تَمْلِيكِ الْخَارِجِ عَنْ مِلْكِهِ، وَلَا يُعَارُ، وَلَا يُرْهَنُ لِاقْتِضَائِهِمَا الْمِلْكَ دُرَرٌ؛ وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ تَمْلِيكِهِ مَا لَوْ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ اسْتِبْدَالَهُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ، وَعَلَى بَيْعِ الْوَقْفِ إذَا افْتَقَرَ الْوَاقِفُ، لَمْ يَكُنْ مُسَجَّلًا، وَيُسْتَثْنَى مِنْ عَدَمِ الْإِعَارَةِ مَا لَوْ كَانَ دَارًا مَوْقُوفَةً لِلسُّكْنَى؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ السُّكْنَى لَهُ الْإِعَارَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْمَوْقُوفِ لِلِاسْتِغْلَالِ.

قَالَ فِي الْإِسْعَافِ: وَمَنْ وَقَفَ دُورَهُ لِلِاسْتِغْلَالِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْكُنَهَا أَحَدٌ بِلَا أَجْرٍ اهـ وَفِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى: وَجَازَ بَيْعُ الْمُصْحَفِ الْمُخَرَّقِ وَشِرَاءُ آخَرَ بِثَمَنِهِ (قَوْلُهُ: فَبَطَلَ إلَخْ) لَا يَصِحُّ تَفْرِيعُهُ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا يُرْهَنُ لِأَنَّهُ فِي رَهْنِ الْوَقْفِ لَا فِي الرَّهْنِ بِهِ، بَلْ هُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا يُمَلَّكُ فَافْهَمْ وَوَجْهُهُ أَنَّ الرَّهْنَ حَبْسُ شَيْءٍ مَالِيٍّ بِحَقٍّ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْهُ كَالدَّيْنِ وَالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِالْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ الرَّهْنُ صَارَ الْمُرْتَهِنُ مُسْتَوْفِيًا حَقَّهُ لَوْ مُسَاوِيًا لِلرَّهْنِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ وَالْوَقْفُ لَا يُمْكِنُ تَمْلِيكُهُ فَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهِ وَلِأَنَّهُ أَمَانَةٌ عِنْدَ الْمُسْتَعِيرِ وَهُوَ غَيْرُ مَضْمُونٍ. مَطْلَبٌ فِي شَرْطِ وَاقِفِ الْكُتُبِ أَنْ لَا تُعَارَ إلَّا بِرَهْنٍ قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ فِي الْقَوْلِ فِي الدَّيْنِ مَعْزِيًّا إلَى السُّبْكِيّ.

فَرْعٌ: حَدَثَ فِي الْأَعْصَارِ الْقَرِيبَةِ وَقْفُ شَرْطِ الْوَاقِفِ أَنْ لَا تُعَارَى إلَّا بِرَهْنٍ أَوْ لَا تَخْرُجَ أَصْلًا وَاَلَّذِي أَقُولُ هَذَا: إنَّ الرَّهْنَ لَا يَصِحُّ بِهَا لِأَنَّهَا غَيْرُ مَضْمُونَةٍ فِي يَدِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَلَا يُقَالُ لَهَا عَارِيَّةٌ أَيْضًا بَلْ الْآخِذُ لَهَا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفُ اسْتَحَقَّ الِانْتِفَاعَ وَيَدُهُ عَلَيْهَا فَشَرْطُ أَخْذِ الرَّهْنِ عَلَيْهَا فَاسِدٌ، وَإِنْ أَعْطَى كَانَ رَهْنًا فَاسِدًا، وَيَكُونُ فِي يَدِ خَازِنِ الْكُتُبِ أَمَانَةً هَذَا إنْ أُرِيدَ الرَّهْنُ الشَّرْعِيُّ، وَإِنْ أُرِيدَ مَدْلُولُهُ لُغَةً وَأَنْ يَكُونَ تَذْكِرَةً فَيَصِحُّ الشَّرْطُ؛ لِأَنَّهُ غَرَضٌ صَحِيحٌ، وَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ مُرَادُ الْوَاقِفِ، فَالْأَقْرَبُ الْحَمْلُ عَلَى اللُّغَوِيِّ تَصْحِيحًا لِكَلَامِهِ وَفِي بَعْضِ الْأَوْقَافِ يَقُولُ لَا تُخْرَجُ إلَّا بِتَذْكِرَةٍ، فَيَصِحُّ وَيَكُونُ الْمَقْصُودُ أَنْ تَجُوزَ وَالْوَقْفُ الِانْتِفَاعُ مَشْرُوطٌ بِذَلِكَ، وَلَا نَقُولُ إنَّهَا تَبْقَى رَهْنًا بَلْ لَهُ أَخْذُهَا فَيُطَالِبُهُ الْخَازِنُ بِرَدِّ الْكِتَابِ، وَعَلَى كُلٍّ فَلَا تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الرَّهْنِ وَلَا بَيْعُهُ، وَلَا بَدَلُ الْكِتَابِ الْمَوْقُوفِ بِتَلَفِهِ إنْ لَمْ يُفَرِّطْ اهـ مُلَخَّصًا قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ بَعْدَ نَقْلِهِ: وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْأَمَانَاتِ شَامِلٌ لِلْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ وَالرَّهْنُ بِالْأَمَانَاتِ بَاطِلٌ، فَإِذَا هَلَكَ لَمْ يَجِبْ شَيْءٌ بِخِلَافِ الرَّهْنِ الْفَاسِدِ فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ كَالصَّحِيحِ، أَمَّا وُجُوبُ اتِّبَاعِ شَرْطِهِ وَحَمْلُهُ عَلَى الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ فَغَيْرُ بَعِيدٍ. اهـ. وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى جَوَازِ نَقْلِ الْكُتُبِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ: وَيَبْدَأُ مِنْ غَلَّتِهِ بِعِمَارَتِهِ. .

مَطْلَبٌ سَكَنَ دَارًا ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهَا وَقْفٌ يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا سَكَنَ (قَوْلُهُ: لَزِمَ أَجْرُ الْمِثْلِ) بِنَاءً عَلَى الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَنَّ مَنَافِعَ الْعَقَارِ تُضْمَنُ إذَا كَانَ وَقْفًا أَوْ لِيَتِيمٍ أَوْ مُعَدًّا لِلِاسْتِغْلَالِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْفَصْلِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُفْتَى بِالضَّمَانِ إلَخْ وَبِهِ أَفْتَى الرَّمْلِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَتْحِ آخِرَ الْبَابِ وَعَلَى هَذَا فَمَا ذَكَرَهُ فِي الْقُنْيَةِ أَيْضًا مِنْ أَنَّهُ لَوْ سَكَنَ الدَّارَ سِنِينَ يَدَّعِي الْمِلْكَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ لِلْوَقْفِ لَا تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَا مَضَى اهـ ضَعِيفٌ، كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْبَحْرِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَوُجُوبُ الْأُجْرَةِ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْإِسْعَافِ، أَفَادَهُ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>