للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ مَعْزِيًّا لِلْجَامِعِ إنَّمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ بَعْدَ نَقْضِهِ إنْ سَلَّمَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَإِنْ أَمْسَكَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ لَوْ انْقَطَعَ ثُبُوتُهُ فَمَا كَانَ فِي دَوَاوِينِ الْقَضَاءِ اُتُّبِعَ وَإِلَّا فَمَنْ بَرْهَنَ عَلَى شَيْءٍ حُكِمَ لَهُ بِهِ وَإِلَّا صُرِفَ لِلْفُقَرَاءِ مَا لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ بُطْلَانِهِ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ فَيَعُودُ لِمِلْكِ وَاقِفِهِ

ــ

[رد المحتار]

مَطْلَبٌ إذَا هَدَمَ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُسْتَأْجِرُ دَارَ الْوَقْفِ ضَمِنَ

قُلْت: وَهَذَا إذَا كَانَ النَّقْضُ مِلْكَ الْمُشْتَرِي، فَلَوْ بَنَاهُ بِنَقْضِ الْوَقْفِ فَهُوَ لِلْوَقْفِ وَبَقِيَ لَوْ هَدَمَهُ. فَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ إنْ شَاءَ الْقَاضِي ضَمَّنَ الْبَائِعَ قِيمَةَ الْبِنَاءِ فَيَنْفُذُ بَيْعُهُ أَوْ ضَمَّنَ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَنْفُذُ الْبَيْعُ، وَيَمْلِكُ الْمُشْتَرِي الْبِنَاءَ بِالضَّمَانِ، وَيَكُونُ الضَّمَانُ لِلْوَقْفِ لَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ اهـ وَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ نَقْضُهُ، وَهَذَا إذَا لَمْ تُمْكِنْ إعَادَتُهُ وَإِلَّا أُمِرَ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْغَصْبِ، وَبَقِيَ أَيْضًا لَوْ هَدَمَهُ وَبَنَاهُ عَلَى غَيْرِ صِفَتِهِ فَفِي الْحَامِدِيَّةِ عَنْ فَتَاوَى الْمُفْتِي أَبِي السُّعُودِ: يَلْزَمُ الْمُشْتَرِي قَلْعَ مَا بَنَاهُ وَقِيمَةُ مَا قَلَعَهُ. اهـ.

قُلْت: هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْبِنَاءُ الثَّانِي أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ، فَفِي فَتَاوَى قَارِئِ الْهِدَايَةِ سُئِلَ إذَا اسْتَأْجَرَ شَخْصٌ دَارًا وَقْفًا ثُمَّ إنَّهُ هَدَمَهَا وَجَعَلَهَا طَاحُونًا أَوْ فُرْنًا أَوْ غَيْرَهُ مَا يَلْزَمُهُ؟ أَجَابَ: يَنْظُرُ الْقَاضِي إنْ كَانَ مَا غَيَّرَهَا إلَيْهِ أَنْفَعَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ أَخَذَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ وَبَقِيَ مَا عَمَّرَ لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِمَا أَنْفَقَهُ فِي الْعِمَارَةِ وَلَا يَجِبُ لَهُ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَنْفَعَ وَلَا أَكْثَرَ رَيْعًا أُلْزِمَ بِهَدْمِ مَا صَنَعَ وَإِعَادَةِ الْوَقْفِ إلَى الصِّفَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا بَعْدَ تَعْزِيرِهِ بِمَا يَلِيقُ بِحَالِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ) الَّذِي فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ وَكَذَا لَهُ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ عَلَى الْبَائِعِ إذَا نَقَضَ الْمُسْتَحِقُّ الْبِنَاءَ بِلَا قَيْدٍ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الذَّخِيرَةِ، وَفِيهَا نَقْلًا عَنْ الْجَامِعِ أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ مَبْنِيًّا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي سَلَّمَ النَّقْضَ إلَى الْبَائِعِ وَأَمَّا إذَا أَمْسَكَ النَّقْضَ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ اهـ مَا فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ بِلَا قَيْدٍ أَيْ قَيْدَ التَّسْلِيمِ الْمُقَيَّدِ بِهِ فِي الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ، وَمِثْلُهُ مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ عَنْ الْمُنْيَةِ شَرَى دَارًا وَبَنَى فِيهَا فَاسْتُحِقَّتْ رَجَعَ بِالثَّمَنِ وَقِيمَةِ الْبِنَاءِ مَبْنِيًّا عَلَى الْبَائِعِ إذَا سَلَّمَ النَّقْضَ إلَيْهِ يَوْمَ تَسْلِيمِهِ، وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ فَبِالثَّمَنِ لَا غَيْرُ اهـ وَقَوْلُهُ يَوْمَ تَسْلِيمِهِ مُتَعَلِّقٌ بِالْقِيمَةِ، حَتَّى لَوْ أَنْفَقَ فِي الْبِنَاءِ عَشَرَةَ آلَافٍ وَسَكَنَ فِي الدَّارِ حَتَّى تَغَيَّرَ الْبِنَاءُ وَتَهَدَّمَ بَعْضُهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَّا بِقِيمَتِهِ يَوْمَ يُسَلِّمُ الْبِنَاءَ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ غَلَا حَتَّى صَارَ بِعِشْرِينَ أَلْفًا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ يُسَلِّمُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا أَنْفَقَ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ بَعْدَ نَقْضِهِ مُتَعَلِّقٌ بِيَرْجِعُ لَا بِقِيمَةٍ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا يُمْكِنُ نَقْضُهُ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْبَائِعِ فَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ جِصٍّ وَطِينٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ فِي بَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ) هَذَا لَمْ يَذْكُرْ فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ وَلَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ كَمَا سَمِعْت، وَالصَّوَابُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ، وَهَذَا يُوهِمُ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا لَوْ اسْتَحَقَّ الْوَقْفَ وَمَا لَوْ اسْتَحَقَّهُ مَالِكٌ وَلَمْ نَرَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا كَمَا عَلِمْت مِنْ عِبَارَتِهِ فِي الْفَتَاوَى فَافْهَمْ. مَطْلَبٌ فِي الْوَقْفِ إذَا انْقَطَعَ ثُبُوتُهُ

(قَوْلُهُ: لَوْ انْقَطَعَ ثُبُوتُهُ إلَخْ) الْمُرَادُ عُلِمَ أَنَّهُ وَقْفٌ بِالشُّهْرَةِ وَلَكِنْ جُهِلَتْ شَرَائِطُهُ وَمَصَارِفُهُ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ، وَلَا تَصَرُّفُ قُوَّامِهِ السَّابِقِينَ كَيْفَ كَانُوا يَعْمَلُونَ وَإِلَى مَنْ يَصْرِفُونَهُ، فَحِينَئِذٍ يُنْظَرْ إلَى مَا فِي دَوَاوِينِ الْقُضَاةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا لَا يُعْطَى أَحَدٌ مِمَّنْ يَدَّعِي فِيهِ حَقًّا مَا لَمْ يُبَرْهِنْ فَإِنْ لَمْ يُبَرْهِنْ يُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ لِأَنَّ الْوَقْفَ فِي الْأَصْلِ لَهُمْ وَقَدْ عُلِمَ مُجَرَّدُ كَوْنِهِ وَقْفًا وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِمْ فَيُصْرَفُ إلَيْهِمْ فَقَطْ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ: يَجْعَلُهَا الْقَاضِي مَوْقُوفَةً إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>