للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْوُهُ فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ وَفِيهَا مَتَى ثَبَتَ بِطَرِيقٍ شَرْعِيٍّ وَقْفِيَّةُ مَكَان وَجَبَ نَقْضُ الْبَيْعِ وَلَا إثْمَ عَلَى الْبَائِعِ مَعَ عَدَمِ عِلْمِهِ وَلِلْمُتَوَلِّي أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَوْ بَنَى الْمُشْتَرِي أَوْ غَرَسَ فَذَلِكَ لَهُمَا فَيُسْلَكُ مَعَهُمَا بِالْأَنْفَعِ لِلْوَقْفِ. -

ــ

[رد المحتار]

فِي فَتَاوَى الشِّهَابِ أَحْمَدَ بْنِ الشَّلَبِيِّ الْحَنَفِيِّ شَيْخِ صَاحِبِ الْبَحْرِ، وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ الشِّهَابُ أَحْمَدُ الرَّمْلِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي فَتَاوِيهِ، وَرَأَيْت مِثْلَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ مُحَقِّقِ الشَّافِعِيَّةِ السِّرَاجِ الْبُلْقِينِيِّ، وَمِثْلُهُ فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ، وَعَزَاهُ أَيْضًا إلَى الْمَقْدِسِيَّ وَالطَّبَلَاوِيِّ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا، فَكُلُّ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامِ أَفْتَوْا بِمَا هُوَ الْمُتَعَارَفُ مِنْ مَعْنَى هَذَا اللَّفْظُ وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً، وَهَذَا خُلَاصَةُ مَا ذَكَرْته فِي الرِّسَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَمَنْ أَرَادَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ فَلْيَرْجِعْ إلَيْهَا وَلْيَعْتَمِدْ عَلَيْهَا فَفِيهَا الْمَقْنَعُ لِمَنْ يَتَدَبَّرُ مَا يَسْمَعُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُ فِي فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ) هَذَا عَجِيبٌ بَلْ الَّذِي فِيهَا خِلَافُهُ وَهُوَ انْصِرَافُ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ إلَى الْقِسْمَةِ بِالْمُفَاضَلَةِ حَيْثُ وُجِدَ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ، نَعَمْ وَقَعَ فِي السُّؤَالِ الَّذِي سُئِلَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ آلَ الْوَقْفُ إلَى أَخِي الْمَيِّتِ لِأُمِّهِ وَأَخِيهِ الشَّقِيقِ، فَأَجَابَ بِأَنَّهَا تُقْسَمُ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لَا قِسْمَةَ الْمِيرَاثِ: أَيْ لَا يُعْطَى لِلْأَخِ لِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَالْبَاقِي لِلشَّقِيقِ وَقَالَ: إنَّ هَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِغَالِبِ أَحْوَالِ الْوَاقِفِينَ وَهُوَ قَصْدُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، فَإِذَا قَالَ عَلَى حُكْمِ الْفَرِيضَةِ يَنْزِلُ عَلَى الْغَالِبِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ قَالَ وَقَدْ أَجَابَ بِهَذَا الْجَوَابِ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عُمْدَةُ الْأَنَامِ مُفْتِي الْوَقْتِ بِالْقَاهِرَةِ الْمَحْرُوسَةِ هُوَ الشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ الْمَقْدِسِيَّ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ مُحَمَّدُ الطَّبَلَاوِيُّ الشَّافِعِيُّ مُفْتِي الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ. اهـ.

وَحَاصِلُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ حَيْثُ وُجِدَ ذُكُورٌ فَقَطْ كَمَا فِي وَاقِعَةِ السُّؤَالِ مِنْ أَخَوَيْنِ أَحَدُهُمَا لِأُمٍّ وَالْآخَرُ شَقِيقٌ يُحْمَلُ لَفْظُ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْقِسْمَةِ بِالسَّوِيَّةِ لَا عَلَى قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ أَحْوَالِ الْوَاقِفِينَ إرَادَةُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَيُحْمَلُ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى الْغَالِبِ إذَا وُجِدَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى لَا إذَا كَانَا ذَكَرَيْنِ. قُلْت: وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ وَهُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قُلْنَا مِنْ حَمْلِ اللَّفْظِ الْمَذْكُورِ عَلَى مَعْنَاهُ الْعُرْفِيِّ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ نَظَرَ إلَى قَوْلِهِ فِي صَدْرِ الْجَوَابِ تُقْسَمُ الْغَلَّةُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَمْ يَنْظُرْ إلَى بَاقِيهِ مَعَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي بَيْنِهِمَا رَاجِعٌ لِلْأَخَوَيْنِ لَا إلَى ذَكَرٍ وَأُنْثَى، وَقَدْ وَقَعَ لِابْنِ الْمِنْقَارِ فِي رِسَالَتِهِ نَظِيرُ مَا وَقَعَ لِلشَّارِحِ فَإِنَّهُ نَقَلَ عَنْ الْحَافِظِ السُّيُوطِيّ فَتْوَى اسْتَدَلَّ بِهَا عَلَى كَلَامِهِ مَعَ أَنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى خِلَافِ مَرَامِهِ.

فَإِنَّ حَاصِلَهَا أَنَّ وَاقِفًا شَرَطَ انْتِقَالَ نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى أَقْرَبِ الطَّبَقَاتِ إلَيْهِ فَمَاتَ شَخْصٌ عَنْ ابْنِ عَمٍّ وَبِنْتَيْ عَمٍّ، فَأَجَابَ: بِانْتِقَالِ النَّصِيبِ إلَى الثَّلَاثَةِ وَأَنَّ قَوْلَهُ بِالْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ مَحْمُولٌ عَلَى تَفْضِيلِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى فَقَطْ فَلَا يَخْتَصُّ بِهِ ابْنُ الْعَمِّ وَإِنْ كَانَ عَصَبَةً.

وَحَاصِلُهُ: حَمْلُ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى الْمُفَاضَلَةِ لَا عَلَى التَّسْوِيَةِ وَلَا عَلَى قِسْمَةِ الْمِيرَاثِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهَذَا عَيْنُ مَا أَجَابَ الْمُصَنِّفُ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: وَلِلْمُتَوَلِّي أَجْرُ مِثْلِهِ) أَيْ أَجْرُ مِثْلِ الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ فِي مُدَّةِ وَضْعِ الْمُشْتَرِي يَدَهُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُخْتَارِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ. مَطْلَبٌ فِيمَا لَوْ اشْتَرَطَ دَارَ الْوَقْفِ وَعَمَّرَ أَوْ غَرَسَ فِيهَا

(قَوْلُهُ: فَذَلِكَ لَهُمَا) هَكَذَا عِبَارَةُ فَتَاوَى الْمُصَنِّفِ وَنَصُّهَا: وَإِذَا زَادَ الْمُشْتَرَى فِي الْمَكَانِ الْمَذْكُورِ زِيَادَةً هِيَ مَالٌ مُتَقَوِّمٌ كَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ فَذَلِكَ لَهُمَا وَلَهُمَا الْمُطَالَبَةُ فَيُسْلَكُ مَعَهُمَا فِيهِ طَرِيقًا يَظْهَرُ نَفْعُهَا لِجِهَةِ الْوَقْفِ وَيَعْظُمُ وَقْعُهَا اهـ وَالظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ: فَذَلِكَ لَهُ أَيْ لِلْمُشْتَرِي، وَالْمُرَادُ بِالْأَنْفَعِ لِلْوَقْفِ أَنَّهُ إنْ كَانَ الْقَلْعُ وَالتَّسْلِيمُ لِلْمُشْتَرِي أَنْفَعَ لِلْوَقْفِ يُفْعَلُ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْقَلْعُ يَضُرُّ بِالْوَقْفِ يَتَمَلَّكُهُ النَّاظِرُ لِلْوَقْفِ كَمَا مَرَّ فِي بِنَاءِ الْمُسْتَأْجِرِ تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>