وَفِي الْخُلَاصَةِ: الْمُخْتَارُ أَنَّ الْكَسُوبَ يُدْخِلُ أَبَوَيْهِ فِي نَفَقَتِهِ. وَفِي الْمُبْتَغَى: لِلْفَقِيرِ أَنْ يَسْرِقَ مِنْ ابْنِهِ الْمُوسِرِ مَا يَكْفِيهِ إنْ أَبَى وَلَا قَاضِي ثَمَّةَ وَإِلَّا أَثِمَ (النَّفَقَةَ لِأُصُولِهِ)
ــ
[رد المحتار]
ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَصْحَابِنَا،؛ لِأَنَّ طَعَامَ الْأَرْبَعَةِ إذَا فُرِّقَ عَلَى الْخَمْسَةِ لَا يَضُرُّهُمْ ضَرَرًا فَاحِشًا، بِخِلَافِ إدْخَالِ الْوَاحِدِ فِي طَعَامِ الْوَاحِدِ لِتَفَاحُشِ الضَّرَرِ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: إنْ رَأَى الْقَاضِي أَنَّهُ يَفْضُلُ مِنْ قُوتِهِ شَيْءٌ أَجْبَرَهُ عَلَى النَّفَقَةِ مِنْ الْفَاضِلِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ فَلَا شَيْءَ فِي الْحُكْمِ، لَكِنْ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ يُؤْمَرُ دِيَانَةً بِالْإِنْفَاقِ إنْ كَانَ الِابْنُ وَحْدَهُ؛ وَلَوْ لَهُ عِيَالٌ أُجْبِرَ عَلَى ضَمِّ أَبِيهِ مَعَهُمْ كَيْ لَا يَضِيعَ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئًا عَلَى حِدَةٍ. اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ الْيَسَارُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَارِّ فِي تَفْسِيرِهِ إلَّا إذَا كَانَ الْأَصْلُ زَمِنًا لَا كَسْبَ لَهُ، فَلَا يُشْتَرَطُ سِوَى قُدْرَةِ الْوَلَدِ عَلَى الْكَسْبِ. فَإِنْ كَانَ لِكَسْبِهِ فَضْلٌ أُجْبِرَ عَلَى إنْفَاقِ الْفَاضِلِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ وَحْدَهُ أُمِرَ دِيَانَةً بِضَمِّ الْأَصْلِ إلَيْهِ، وَلَوْ لَهُ عِيَالٌ يُجْبَرُ فِي الْحُكْمِ عَلَى ضَمِّهِ إلَيْهِمْ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأُمَّ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ الزَّمِنِ؛ لِأَنَّ الْأُنُوثَةَ بِمُجَرَّدِهَا عَجْزٌ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ، لَكِنْ صَرَّحَ أَيْضًا بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ يَسَارُ الْوَلَدِ بَلْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ، وَعَزَاهُ فِي الْمُجْتَبَى إلَى الْخَصَّافِ: وَقَدْ أَكْثَرْنَا لَك مِنْ النَّقْلِ بِخِلَافِهِ لِتَعْلَمَ أَنَّهُ غَيْرُ الْمُعْتَمَدِ فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَفِي الْخُلَاصَةِ إلَخْ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْأَبُ زَمِنًا لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْكَسْبِ وَإِلَّا اُشْتُرِطَ يَسَارُ الْوَلَدِ عَلَى الْخِلَافِ الْمَارِّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَعَلَى مَا إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ عِيَالٌ، فَلَوْ كَانَ وَحْدَهُ فَلَا يُدْخِلُ أَبَاهُ فِي نَفَقَتِهِ بَلْ يُؤْمَرُ بِهِ دِيَانَةً، وَالْأُمُّ كَالْأَبِ الزَّمِنِ وَذَلِكَ كُلُّهُ مَعْلُومٌ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا فَافْهَمْ. وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ هَكَذَا: وَفِي الْأَقْضِيَةِ الْفَقْرُ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ: فَقِيرٌ لَا مَالَ لَهُ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْكَسْبِ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يُدْخِلُ الْأَبَوَيْنِ فِي نَفَقَتِهِ. الثَّانِي - فَقِيرٌ لَا مَالَ لَهُ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ الْكَسْبِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ غَيْرِهِ. الثَّالِثُ - أَنْ يَفْضُلَ كَسْبُهُ عَنْ قُوتِهِ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَةِ الْبِنْتِ الْكَبِيرَةِ وَالْأَبَوَيْنِ وَالْأَجْدَادِ، وَفِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ كَالْعَمِّ يُشْتَرَطُ النِّصَابُ إلَخْ. قُلْت: وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ الْخَصَّافِ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْيَسَارِ فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ، بَلْ قُدْرَةُ الْكَسْبِ كَافِيَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ وَفِي الْمُبْتَغَى إلَخْ) سَيَأْتِي قَرِيبًا لَوْ أَنْفَقَ الْأَبَوَانِ مَا عِنْدَهُمَا لِلْغَائِبِ مِنْ مَالِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا وَهُوَ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ لَا يَضْمَنَانِ لِوُجُوبِ نَفَقَةِ الْأَبَوَيْنِ وَالزَّوْجَةِ قَبْلَ الْقَضَاءِ، حَتَّى لَوْ ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ فَلَهُ أَخْذُهُ وَلِذَا فُرِضَتْ فِي مَالِ الْغَائِبِ بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَقَارِبِ، وَنَحْوُهُ فِي الْمِنَحِ وَالزَّيْلَعِيِّ.
وَفِي زَكَاةِ الْجَوْهَرَةِ: الدَّائِنُ إذَا ظَفِرَ بِجِنْسِ حَقِّهِ لَهُ أَخْذُهُ بِلَا قَضَاءٍ وَلَا رِضًا. وَفِي الْفَتْحِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَيُحَلِّفُهَا بِاَللَّهِ مَا أَعْطَاهَا النَّفَقَةَ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ جَازَ الْقَضَاءُ بِالدَّفْعِ كَانَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ بِغَيْرِ قَضَاءٍ مِنْ مَالِهِ شَرْعًا. اهـ فَقَوْلُ الْمُبْتَغَى وَلَا قَاضِيَ ثَمَّةَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ خِلَافِ جِنْسِ النَّفَقَةِ كَالْعُرُوضِ. أَمَّا الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ فَهِيَ مِنْ جِنْسِ النَّفَقَةِ فَلَا حَاجَةَ فِيهَا إلَى الْقَاضِي، وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ الرَّحْمَتِيِّ. وَقَدْ أَطَالَ وَأَطَابَ.
(قَوْلُهُ النَّفَقَةَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ جَمِيعَ مَا وَجَبَ لِلْمَرْأَةِ وَجَبَ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَكُسْوَةٍ وَسُكْنَى حَتَّى الْخَادِمِ بَحْرٌ، وَقَدَّمْنَا فِي الْفُرُوعِ الْكَلَامَ عَلَى خَادِمِ الْأَبِ وَزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ لِأُصُولِهِ) إلَّا الْأُمَّ الْمُتَزَوِّجَةَ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا عَلَى الزَّوْجِ كَالْبِنْتِ الْمُرَاهِقَةِ إذَا زَوَّجَهَا أَبُوهَا. وَقَدَّمْنَا أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّ الِابْنَ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُقْرِضَهَا ثُمَّ يَرْجِعَ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ الْمُعْسِرَ كَالْمَيِّتِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ بَحْرٌ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُمَّ إذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ تَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا لَا عَلَى ابْنِهَا. وَهَذَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ غَيْرَ أَبِيهِ كَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute