للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أَبَ أُمِّهِ ذَخِيرَةٌ (الْفُقَرَاءِ) وَلَوْ قَادِرِينَ عَلَى الْكَسْبِ وَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْيَسَارِ وَالْبَيِّنَةُ لِمُدَّعِيهِ (بِالسَّوِيَّةِ) بَيْنَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ، وَقِيلَ كَالْإِرْثِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ. (وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ) فَلَوْ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ أَوْ بِنْتُ بِنْتٍ وَأَخٌ

ــ

[رد المحتار]

صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَبَاهُ تَجِبُ نَفَقَتُهُ وَنَفَقَتُهَا عَلَى الِابْنِ، لَكِنَّ هَذَا ظَاهِرٌ لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ مُعْسِرَةً أَيْضًا؛ أَمَّا لَوْ كَانَتْ مُوسِرَةً لَا تَجِبُ نَفَقَتُهَا عَلَى ابْنِهَا بَلْ عَلَى زَوْجِهَا، وَهَلْ يُؤْمَرُ الِابْنُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا لِيَرْجِعَ عَلَى أَبِيهِ؟ لَمْ أَرَهُ، نَعَمْ لَوْ كَانَ الْأَبُ مُحْتَاجًا إلَيْهَا فَقَدْ مَرَّ أَنَّ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ حِينَئِذٍ عَلَى ابْنِهِ وَهَذَا يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَتْ مُوسِرَةً فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَبَ أُمِّهِ) شَمِلَ التَّعْمِيمُ الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ أَوْ الْأُمِّ، وَكَذَا الْجَدُّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ كَمَا فِي الْبَحْرِ. وَعِبَارَةُ الْكَنْزِ: وَلِأَبَوَيْهِ وَأَجْدَادِهِ وَجَدَّاتِهِ (قَوْلُهُ الْفُقَرَاءِ) قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَجِبُ نَفَقَةُ الْمُوسِرِ إلَّا الزَّوْجَةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَادِرَيْنِ عَلَى الْكَسْبِ) جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، فَالْمُعْتَبَرُ فِي إيجَابِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ مُجَرَّدُ الْفَقْرِ، قِيلَ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ فَتْحٌ، ثُمَّ أَيَّدَهُ بِكَلَامِ الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ، وَقَالَ وَهَذَا جَوَابُ الرِّوَايَةِ. اهـ وَالْجَدُّ كَالْأَبِ بَدَائِعُ، فَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الِابْنِ وَالْأَبِ كَسُوبًا يَجِبُ أَنْ يَكْتَسِبَ الِابْنُ وَيُنْفِقَ عَلَى الْأَبِ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ: أَيْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ فَاضِلِ كَسْبِهِ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ إلَخْ) أَيْ لَوْ ادَّعَى الْوَلَدُ غِنَى الْأَبِ وَأَنْكَرَهُ الْأَبُ فَالْقَوْلُ لَهُ وَالْبَيِّنَةُ لِلِابْنِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ) هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هِدَايَةٌ، وَبِهِ يُفْتَى خُلَاصَةٌ، وَهُوَ الْحَقُّ فَتْحٌ؛ وَكَذَا لَوْ كَانَ لِلْفَقِيرِ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا فَائِقٌ فِي الْغِنَى وَالْآخَرُ يَمْلِكُ نِصَابًا فَهِيَ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةً خَانِيَّةٌ، وَعَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ إلَى مَبْسُوطِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ نَقَلَ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ قَالَ مَشَايِخُنَا: هَذَا لَوْ تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ تَفَاوُتًا يَسِيرًا، فَلَوْ فَاحِشًا يَجِبُ التَّفَاوُتُ فِيهَا بَحْرٌ.

قُلْت: بَقِيَ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا كَسُوبًا فَقَطْ، وَقُلْنَا بِمَا رَجَّحَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَالْكَمَالُ مِنْ إعْطَاءِ فَاضِلِ كَسْبِهِ فَهَلْ يَلْزَمُهُ هُنَا أَيْضًا أَمْ تَلْزَمُ الِابْنَ الْغَنِيَّ فَقَطْ تَأَمَّلْ. وَفِي الذَّخِيرَةِ: قَضَى بِهَا عَلَيْهِمَا فَأَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْطِيَ لِلْأَبِ مَا عَلَيْهِ يُؤْمَرُ الْآخَرُ بِالْكُلِّ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى أَخِيهِ بِحِصَّتِهِ. اهـ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ الْأَخْذُ مِنْهُ لِغَيْبَتِهِ أَوْ عُتُوِّهِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُؤْمَرُ الْآخَرُ بِمُجَرَّدِ الْإِبَاءِ كَمَا أَفَادَهُ الْمَقْدِسِيَّ. (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ لَا الْإِرْثُ) أَيْ الْأَصْلُ فِي نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْمَوْلُودِينَ الْقُرْبُ بَعْدَ الْجُزْئِيَّةِ دُونَ الْمِيرَاثِ كَذَا فِي الْفَتْحِ: أَيْ تُعْتَبَرُ أَوَّلًا الْجُزْئِيَّةُ: أَيْ جِهَةُ الْوِلَادِ أُصُولًا أَوْ فُرُوعًا، وَتُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الرَّحِمِ، ثُمَّ يُقَدَّمُ فِيهَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى الْإِرْثِ، فَلَوْ لَهُ أَخٌ شَقِيقٌ وَبِنْتُ بِنْتٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهَا فَقَطْ لِلْجُزْئِيَّةِ وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ الْأَخُ، وَلَوْ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ فَعَلَى الْبِنْتِ لِقُرْبِهَا فِي الْجُزْئِيَّةِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي الْإِرْثِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ. قُلْت: وَيَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ: لَوْ لَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ لِأَبٍ فَعَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا اعْتِبَارًا لِلْإِرْثِ مَعَ أَنَّ الْأُمَّ أَقْرَبُ فِي الْجُزْئِيَّةِ، وَكَذَا قَوْلُهُمْ لَوْ لَهُ أُمٌّ وَجَدٌّ لِأَبٍ وَأَخٌ شَقِيقٌ فَعَلَى الْجَدِّ عِنْدَ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّ الْأُمَّ أَقْرَبُ أَيْضًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ.

مَطْلَبٌ ضَابِطٌ فِي حَصْرِ أَحْكَامِ نَفَقَةِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَسَائِلَ هَذَا الْبَابِ، مِمَّا تَحَيَّرَ فِيهَا أُولُو الْأَلْبَابِ، لِمَا يُتَوَهَّمُ فِيهَا مِنْ الِاضْطِرَابِ، وَكَثِيرًا مَا رَأَيْت مَنْ ضَلَّ فِيهَا عَنْ الصَّوَابِ، حَيْثُ لَمْ يَذْكُرُوا لَهَا ضَابِطًا نَافِعًا وَلَا أَصْلًا جَامِعًا، حَتَّى وَفَّقَنِي اللَّهُ تَعَالَى إلَى جَمْعِ رِسَالَةٍ فِيهَا سَمَّيْتهَا [تَحْرِيرُ النُّقُولِ فِي نَفَقَاتِ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ] أَعَانَنِي فِيهَا الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ عَلَى شَيْءٍ لَمْ أُسْبَقْ إلَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>