للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَ عَزَلْتُك إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَيَنْعَزِلُ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ، لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهَا كُلَّهَا لَيْسَتْ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ، فَلَا تُؤَثِّرُ فِيهَا الشُّرُوطُ الْفَاسِدَةُ. وَبَقِيَ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْإِسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا كَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ، وَبِالِالْتِزَامَاتِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا كَحَجٍّ وَصَلَاةٍ وَالتَّوْلِيَاتِ كَقَضَاءٍ وَإِمَارَةٍ عَيْنِيٌّ وَزَيْلَعِيٌّ. زَادَ فِي النَّهْرِ: الْإِذْنَ فِي التِّجَارَةِ وَتَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ وَالْإِسْلَامَ، وَحَرَّرَ الْمُصَنِّفُ دُخُولَ الْإِسْلَامِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِقْرَارِ،

ــ

[رد المحتار]

وَظَاهِرُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ وَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ كَعَزَلْتُكَ إنْ شَاءَ فُلَانٌ) كَذَا مَثَّلَ فِي الْبَحْرِ. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا تَعْلِيقٌ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ. قُلْت: وَالْعَجَبُ أَنَّهُ فِي الْبَحْرِ اعْتَرَضَ عَلَى الْعَيْنِيِّ مِرَارًا بِمِثْلِ هَذَا. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْطُلْ بِالتَّعْلِيقِ لَا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ بِالْأَوْلَى كَعَزَلْتُكَ عَلَى أَنْ أُوَلِّيَك فِي بَلْدَةِ كَذَا (قَوْلُهُ لِمَا ذَكَرْنَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ لِعَدَمِ الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ مَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ) هَذِهِ الْقَاعِدَةُ الرَّابِعَةُ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ الثَّالِثَةِ، لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ أَنَّ مَا جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَا تُبْطِلُهُ الشُّرُوطُ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَحَوَالَةٍ وَكَفَالَةٍ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُخْتَصٌّ بِالْإِسْقَاطَاتِ الْمَحْضَةِ الَّتِي يُحْلَفُ بِهَا) لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ الَّتِي يُحْلَفُ بِهَا لَدَخَلَ الْإِذْنُ فِي التِّجَارَةِ وَتَسْلِيمُ الشُّفْعَةِ لِكَوْنِهَا إسْقَاطًا، وَلَكِنْ لَا يُحْلَفُ بِهِمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ. وَيَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا الْإِبْرَاءُ عَنْ الْكَفَالَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِمُلَائِمٍ كَمَا مَرَّ فِي الْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَالتَّوَلِّيَاتِ) فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالْمُلَائِمِ فَقَطْ، وَكَذَا فِي إطْلَاقَاتٍ وَتَحْرِيضَاتٍ كَمَا مَرَّ فِي الْأَصْلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَتَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ كَمَا عَلِمْت فَيَصِحُّ تَعْلِيقُهُ. هَذَا وَفِي شُفْعَةِ الْهِدَايَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِذَا صَالَحَ مَنْ شُفْعَتُهُ عَلَى عِوَضٍ بَطَلَتْ وَرُدَّ الْعِوَضُ، لِأَنَّ حَقَّ الشُّفْعَةِ لَا يَتَعَلَّقُ إسْقَاطُهُ بِالْجَائِزِ مِنْ الشَّرْطِ فَبِالْفَاسِدِ أَوْلَى. وَاعْتَرَضَهُ فِي الْعِنَايَةِ بِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: لَوْ قَالَ سَلَّمْت الشُّفْعَةَ فِي هَذِهِ الدَّارِ إنْ كُنْت اشْتَرَيْتهَا لِنَفْسِك وَقَدْ اشْتَرَاهَا لِغَيْرِهِ فَهَذَا لَيْسَ بِتَسْلِيمٍ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ وَصَحَّ، لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ كَالطَّلَاقِ فَصَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ اهـ. قَالَ الطُّورِيُّ فِي تَكْمِلَةِ الْبَحْرِ: وَقَدْ يُفَرَّقُ بِحَمْلِ مَا فِي الْهِدَايَةِ عَلَى الَّتِي تَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ وَالرِّضَا بِالْمُجَاوَرَةِ مُطْلَقًا وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ شَرْطٍ وَشَرْطٍ اهـ.

[تَنْبِيهٌ] لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي التَّسْلِيمِ بَعْدَ وُجُوبِهَا. وَبَقِيَ مَا لَوْ قَالَ الشَّفِيعُ قَبْلَ الْبَيْعِ إنْ اشْتَرَيْت فَقَدْ سَلَّمْتهَا هَلْ يَصِحُّ أَمْ لَا؟ بَحَثَ فِيهِ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ بِقَوْلِهِ لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّهُ تَعْلِيقُ الْإِسْقَاطِ قَبْلَ الْوُجُوبِ بِوُجُودِ سَبَبِهِ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِمْ التَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ الْمَحْضِ يَجُوزُ فِيمَا كَانَ مِنْ بَابِ الْإِسْقَاطِ الْمَحْضِ، وَقَوْلِهِمْ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ وُجُودِهِ وَقَوْلِهِمْ مَنْ لَا يَمْلِكُ التَّنْجِيزَ لَا يَمْلِكُ التَّعْلِيقَ إلَّا إذَا عَلَّقَهُ بِالْمِلْكِ أَوْ سَبَبِهِ صَحَّ التَّعْلِيقُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ، وَقَدْ عَلَّقَهُ بِسَبَبِ الْمِلْكِ فَكَأَنَّهُ نَجَّزَهُ عِنْدَ وُجُودِهِ، لَكِنْ أَوْرَدَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إشْكَالًا عَلَى كَوْنِ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ إسْقَاطًا مَحْضًا، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ السَّرَخْسِيُّ فِي بَابِ الصُّلْحِ عَنْ الْجِنَايَاتِ مِنْ أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ إسْقَاطِهِ بِالشَّرْطِ، وَلَا يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ إلَى الْوَقْتِ وَإِنْ كَانَ إسْقَاطًا مَحْضًا، وَهَذَا لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ قَالَ وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ لَيْسَ بِإِسْقَاطٍ مَحْضٍ وَإِلَّا لَصَحَّ مَعَ الْإِكْرَاهِ كَسَائِرِ الْإِسْقَاطَاتِ اهـ، قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَعَلَيْهِ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيقُ قَبْلَ الشِّرَاءِ كَالتَّنْجِيزِ قَبْلَهُ وَالْمَسْأَلَةُ تَقَعُ كَثِيرًا، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّعْلِيقِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَحَرَّرَ الْمُصَنِّفُ دُخُولَ الْإِسْلَامِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ) أَيْ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَذَلِكَ حَيْثُ ذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ الْإِسْلَامَ لَا بُدَّ فِيهِ بَعْدَ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ التَّبَرِّي كَمَا عَلِمْت تَفَاصِيلَهُ فِي الْكُتُبِ الْمَبْسُوطَةِ. وَيُؤْخَذُ عَدَمُ صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ مِنْ قَوْلِهِمْ بَعْدَ صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْإِقْرَارِ بِالشَّرْطِ. وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْإِسْلَامَ تَصْدِيقٌ بِالْجِنَانِ وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْكَافِرَ الَّذِي يُعَلِّقُ إسْلَامَهُ عَلَى فِعْلِ شَيْءٍ غَالِبًا يَكُونُ شَيْئًا لَا يُرِيدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>