للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالنَّسَبُ، وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَأْذُونِ نَهْرٌ، وَالْغَصْبُ وَأَمَانُ مُقَنٍّ أَشْبَاهٌ (وَعَقْدُ الذِّمَّةِ وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَ) تَعْلِيقُهُ (بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَعَزْلُ الْقَاضِي)

ــ

[رد المحتار]

إذَا ضَمِنَهَا: أَيْ مُوجِبَاتِ الصُّلْحِ فِي الصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ دُرَرٌ، وَلَعَلَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ لَوْ أَتْلَفَ مَا غَصَبَهُ أَوْ أَتْلَفَ وَدِيعَةً أَوْ عَارِيَّةً عِنْدَهُ وَأَرَادَ الْمَالِكُ أَنْ يُضَمِّنَهُ ذَلِكَ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ وَضَمِنَ رَجُلٌ مُوجِبَ الصُّلْحِ بِشَرْطِ أَنْ يُحِيلَهُ بِهِ عَلَى آخَرَ أَوْ يَكْفُلَ بِهِ آخَرَ صَحَّ الضَّمَانُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ، لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الضَّمَانَ كَفَالَةٌ، وَقَدْ مَرَّتْ مَسْأَلَةُ الْكَفَالَةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ أَوْضَحَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَالنَّسَبُ) تَقَدَّمَ تَصْوِيرُهُ فِي مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْوَلَدِ (قَوْلُهُ وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَأْذُونِ) فَلَا يَبْطُلُ بِهِ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ، وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ عَنْ الْأَشْبَاهِ لِأَنَّ ذَاكَ فِي بُطْلَانِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَالْغَصْبُ) كَذَا ذَكَرَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ مَعَ ذِكْرِهِمْ مَسْأَلَةَ جِنَايَةِ الْغَصْبِ الْمَارَّةِ، وَفِيهِ أَنَّ الْغَصْبَ فِعْلٌ لَا يُقَيَّدُ بِشَرْطٍ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ ضَمَانَ الْغَصْبِ بِشَرْطٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْكَفَالَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَأَمَانُ الْقِنِّ) أَقُولُ: فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ تَعْلِيقُ الْأَمَانِ: بِالشَّرْطِ جَائِزٌ بِدَلِيلِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ أَمَّنَ أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَّقَ أَمَانَهُمْ بِكِتْمَانِهِمْ شَيْئًا وَأَبْطَلَ أَمَانَ آلِ أَبِي الْجَعْدِ بِكِتْمَانِهِمْ الْحُلِيِّ» اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْقِنَّ لَيْسَ قَيْدًا حَمَوِيٌّ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ إضَافَةُ الْأَمَانِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ أَوْ إلَى مَفْعُولِهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَأَمَانُ النَّفْسِ (قَوْلُهُ وَعَقْدُ الذِّمَّةِ) فَإِنَّ الْإِمَامَ إذَا فَتَحَ بَلْدَةً وَأَقَرَّ أَهْلَهَا عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَشَرَطُوا مَعَهُ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ أَنْ لَا يُعْطُوا الْجِزْيَةَ بِطَرِيقِ الْإِهَانَةِ كَمَا هُوَ الْمَشْرُوعُ، فَالْعَقْدُ صَحِيحٌ، وَالشَّرْطُ دُرَرٌ (قَوْلُهُ وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَبِخِيَارِ الشَّرْطِ) هَكَذَا عَبَّرَ فِي الْكَنْزِ، وَعَبَّرَ فِي النِّهَايَةِ بِقَوْلِهِ وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِالشَّرْطِ وَتَعْلِيقُ الرَّدِّ بِخِيَارِ الشَّرْطِ بِالشَّرْطِ، وَمِثْلُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَغَيْرِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ بِالْعَيْبِ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّدِّ لَا يَتَعَلَّقُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الرَّدَّ بِخِيَارِ عَيْبٍ أَوْ شَرْطٍ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا يَصِحُّ وَلَا يَفْسُدُ تَقْيِيدُهُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَا فِيمَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ. فَكَانَ الْمُنَاسِبُ حَذْفَ لَفْظَةِ تَعْلِيقٍ كَمَا فَعَلَ صَاحِبُ الدُّرَرِ.

وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْلِيقِ التَّقْيِيدُ أَوْ أَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ صَحَّ تَقْيِيدُهُ كَمَا مَرَّ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ تَعْلِيقَ الرَّدِّ بِأَحَدِ الْخِيَارَيْنِ بِالشَّرْطِ يَصِحُّ تَقْيِيدُهُ بِالشَّرْطِ إذَا لَا يَظْهَرُ تَصْوِيرُ تَقْيِيدِ التَّعْلِيقِ. ثُمَّ إنَّهُ مَثَّلَ لِلْأَوَّلِ فِي الْبَحْرِ بِمَا إذَا قَالَ إنْ وَجَدْت بِالْمَبِيعِ عَيْبًا أَرُدُّهُ عَلَيْك إنْ شَاءَ فُلَانٌ وَلِلثَّانِي بِمَا إذَا قَالَ مَنْ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ رَدَدْت الْبَيْعَ أَوْ أَسْقَطْت خِيَارِي إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَبْطُلُ الشَّرْطُ اهـ تَأَمَّلْ وَفِي الْبَحْرِ مِنْ بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ مَا نَصُّهُ: فَإِنْ قُلْت: هَلْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ إبْطَالِهِ وَإِضَافَتِهِ؟ قُلْت: قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا الْيَوْمَ فَقَدْ أَبْطَلْت خِيَارِي كَانَ بَاطِلًا وَلَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ فِي خِيَارِ الْعَيْبِ إنْ لَمْ أَرُدَّهُ الْيَوْمَ فَقَدْ أَبْطَلْت خِيَارِي وَلَمْ يَرُدَّهُ الْيَوْمَ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ. وَلَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَكِنَّهُ قَالَ أَبْطَلْت غَدًا أَوْ قَالَ أَبْطَلْت خِيَارِي إذَا جَاءَ غَدٌ فَجَاءَ غَدٌ ذَكَرَ فِي الْمُلْتَقَى أَنَّهُ يَبْطُلُ خِيَارُهُ. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا كَالْأَوَّلِ لِأَنَّ هَذَا وَقْتٌ يَجِيءُ لَا مَحَالَةَ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ هُنَاكَ: فَقَدْ سَوَّوْا بَيْنَ التَّعْلِيقِ وَالْإِضَافَةِ فِي الْمُحَقَّقِ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يُسَوُّوا بَيْنَهُمَا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: لَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَقَالَ إنْ لَمْ أَفْسَخْ الْيَوْمَ فَقَدْ رَضِيت أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَقَدْ رَضِيت لَا يَصِحُّ اهـ أَيْ بَلْ يَبْقَى خِيَارُهُ (قَوْلُهُ وَعَزْلُ الْقَاضِي) فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَوْ قَالَ الْأَمِيرُ لِرَجُلٍ إذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَنْتِ قَاضِي بَلْدَةِ كَذَا أَوْ أَمِيرُهَا يَجُوزُ، وَلَوْ قَالَ إذَا أَتَاك كِتَابِي هَذَا فَأَنْتَ مَعْزُولٌ يَنْعَزِلُ بِوُصُولِهِ وَقِيلَ لَا اهـ. وَذَكَرَ فِي الدُّرَرِ عَنْ الْعِمَادِيَّةِ وَالْأُسْرُوشَنِيَّةِ أَنَّ الثَّانِيَ بِهِ يُفْتَى. وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ عِبَارَةَ الْعِمَادِيَّةِ وَالْأُسْرُوشَنِيَّةِ قَالَ ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ وَنَحْنُ لَا نُفْتِي بِصِحَّةِ التَّعْلِيقِ وَهُوَ فَتْوَى الْأُوزَجَنْدِيِّ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>