للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَفِي حَاشِيَتِهَا هَذَا قَوْلُهُمَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ شَرْحُ مَجْمَعٍ وَفِي الِاخْتِيَارِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى كَذَا جَازَ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ يَتَعَيَّنُ بِدَلَالَتِهِ. وَفِي الْغَايَةِ: دَارِي لَكَ إجَارَةُ هِبَةً صَحَّتْ غَيْرَ لَازِمَةٍ فَلِكُلٍّ فَسْخُهَا وَلَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلْيُحْفَظْ.

وَفِي لُزُومِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ تَصْحِيحَانِ أُرِيدُ عَدَمَ لُزُومِهَا بِأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى. وَفِي الْمُجْتَبَى لَا تَجُوزُ إجَارَةُ الْبِنَاءِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ تَجُوزُ لَوْ مُنْتَفِعًا بِهِ كَجِدَارٍ وَسَقْفٍ وَبِهِ يُفْتَى وَمِنْهُ إجَارَةُ بِنَاءِ مَكَّةَ وَكُرِهَ إجَارَةُ أَرْضِهَا وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ.

وَفِي الْكَلْبِ وَالْبَازِي قَوْلَانِ وَالْبِنَا ... كَأُمِّ الْقُرَى أَوْ أَرْضِهَا لَيْسَ تُؤْجَرُ

وَلَوْ دَفَعَ الدَّلَّالُ ثَوْبًا لِتَاجِرٍ ... يُقَلِّبُهُ لَوْ رَاحَ لَيْسَ يُخَسَّرُ

ــ

[رد المحتار]

فَكَانَ رُبْعَ الْعَمَلِ أَشْبَاهٌ. (قَوْلُهُ هَذَا قَوْلُهُمَا وَهُوَ الْمُخْتَارُ) ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ تَصِحُّ إجَارَةُ الْمَشَاعِ، لَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ. وَفِي الْبَدَائِعِ اسْتَأْجَرَ طَرِيقًا مِنْ دَارٍ لِيَمُرَّ فِيهِ وَقْتًا مَعْلُومًا لَمْ يَجُزْ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْبُقْعَةَ غَيْرُ مُتَمَيِّزَةٍ فَكَانَ إجَارَةُ الْمَشَاعِ، وَعِنْدَهُمَا يَجُوزُ

١ -

(قَوْلُهُ مَنْ دَلَّنَا إلَخْ) هَذِهِ مَسْأَلَةُ السِّيَرِ الْكَبِيرِ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ يَجِبُ فِيهَا الْمُسَمَّى لَتَعَيُّنِ الْمَوْضِعِ وَالْقَابِلُ لِلْعَقْدِ بِالْحُضُورِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ مَنْ عَامًّا، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ يَتَعَيَّنُ أَيْ يَلْزَمُ وَيَجِبُ (قَوْلُهُ إجَارَةً هِبَةً إلَخْ) قَالَ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَلَوْ قَالَ: دَارِي لَكَ هِبَةً إجَارَةٍ كُلُّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ إجَارَةٍ هِبَةً فَهِيَ إجَارَةٌ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُ ذَكَرَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ مَا يُغَيَّرُ أَوَّلَهُ وَأَوَّلُهُ يَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ بِذِكْرِ الْعِوَضِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ الْمَذْكُورَ أَوَّلًا مُعَاوَضَةٌ فَلَا تَحْتَمِلُ التَّغْيِيرَ إلَى التَّبَرُّعِ، وَلِذَا لَوْ قَالَ: آجَرْتُكَ بِغَيْرِ شَيْءٍ لَا تَكُونُ إعَارَةً وَتَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْعَارِيَّةِ اهـ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ غَيْرَ لَازِمَةٍ إلَخْ) قَالَ الأتقاني: وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهَا لَازِمَةٌ أَوْ لَا وَحَكَى عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَامِدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْخَصَّافِ وَاسْتَفَدْنَا مِنْهُ فَوَائِدَ إحْدَاهَا هَذِهِ وَهُوَ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ فَلِكُلٍّ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَبَعْدَهُ، لَكِنْ إذَا سَكَنَ يَجِبُ الْأَجْرُ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَ الْعَمَلُ بِاللَّفْظَيْنِ فَيُعْمَلُ بِهِمَا بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ كَالْهِبَةِ بِشَرْطِ الْعِوَضِ اهـ مُلَخَّصًا، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ الْمُسَمَّى.

وَفِي الْبِيرِيِّ عَنْ الذَّخِيرَةِ التَّصْرِيحُ بِوُجُوبِ أَجْرِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ وَفِي لُزُومِ الْإِجَارَةِ الْمُضَافَةِ تَصْحِيحَانِ) عَبَّرَ بِاللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُ لَا كَلَامَ فِي الصِّحَّةِ فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ قَرِيبًا مِنْ صِحَّتِهَا بِالْإِجْمَاعِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ بِأَنَّ عَلَيْهِ الْفَتْوَى) لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ كَانَتْ مُضَافَةً إلَى الْغَدِ ثُمَّ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْمُنْتَقَى فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَيْعُ وَتَبْطُلُ الْإِجَارَةُ الْمُضَافَةُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْحَلْوَانِيِّ اهـ.

وَقَدَّمْنَا بَقِيَّةَ الْكَلَامِ أَوَّلَ الْكِتَابِ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ اللُّزُومِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لَا مِنْ جَانِبِ الْمُؤَجِّرِ فَقَطْ فَلِكُلٍّ فَسْخُهَا كَمَا هُوَ مُقْتَضَى إطْلَاقِهِمْ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَبِهِ يُفْتَى) تَقَدَّمَ نَحْوُهُ فِي أَوَّلِ الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَتَكَلَّمْنَا هُنَاكَ عَلَيْهِ، وَقَالَ فِي الْقُنْيَةِ: وَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِالْبِنَاءِ وَحْدَهُ

١ -

(قَوْلُهُ وَكُرِهَ إجَارَةُ أَرْضِهَا) هَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ: وَفِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ لَوْ آجَرَ أَرْضَ مَكَّةَ لَا يَجُوزُ فَإِنَّ رَقَبَةَ الْأَرْضِ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ قَالَ: وَمَفْهُومُهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ إيجَارِ الْبِنَاءِ شَرْحِ ابْنِ الشِّحْنَةِ. (قَوْلُهُ وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ) فِيهِ أَنَّ الْبَيْتَ الْخَامِسَ وَالشَّطْرَ الثَّانِيَ مِنْ الْبَيْتِ الرَّابِعِ مِنْ نَظْمِ ابْنِ الشِّحْنَةِ وَلَيْسَ أَيْضًا مِنْ نَظْمِ الشُّرُنْبُلَالِيُّ كَمَا قِيلَ (قَوْلُهُ وَفِي الْكَلْبِ) أَيْ كَلْبِ الصَّيْدِ أَوْ الْحِرَاسَةِ (قَوْلُهُ وَالْبَازِي) بِالتَّشْدِيدِ. (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) يَعْنِي رِوَايَتَانِ حَكَاهُمَا قَاضِي خَانْ: الْأُولَى لَا يَجِبُ الْأَجْرُ، وَالثَّانِيَةُ إنْ بَيَّنَ وَقْتًا مَعْلُومًا يَجِبُ وَإِلَّا فَلَا. وَلَا يَجُوزُ فِي السِّنَّوْرِ لِأَخْذِ الْفَأْرِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يُرْسِلُ الْكَلْبَ وَالْبَازِي فَيَذْهَبُ بِإِرْسَالِهِ فَيَصِيدُ وَصَيْدُ السِّنَّوْرِ بِفِعْلِهِ. وَفِي اسْتِئْجَارِ الْقِرْدِ لِكَنْسِ الْبَيْتِ خِلَافٌ، وَتَمَامُهُ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ كَأُمِّ الْقُرَى) هِيَ مَكَّةُ الْمُشَرَّفَةُ أَيْ فِي إيجَارِ بِنَائِهَا قَوْلَانِ قَالَ النَّاظِمُ: وَإِنَّمَا نَصَّصْتُ عَلَيْهِ مَخَافَةَ أَنْ يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأَرْضِ. (قَوْلُهُ أَوْ أَرْضُهَا) مُبْتَدَأٌ وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهُ خَبَرٌ، وَأَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ الِاسْتِئْنَافِيَّة تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ لَوْ رَاحَ إلَخْ) أَيْ لَوْ ذَهَبَ التَّاجِرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>