للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى، وَلَا مِنْ مُكَاتَبٍ وَلَوْ بِإِذْنِ الْمَوْلَى.

(وَالْمُدَّعَى) وَهُوَ الدَّائِنُ (مَكْفُولٌ لَهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَهُوَ الْمَدْيُونُ (مَكْفُولٌ عَنْهُ) وَيُسَمَّى الْأَصِيلَ أَيْضًا (وَالنَّفْسُ أَوْ الْمَالُ الْمَكْفُولُ مَكْفُولٌ بِهِ وَمَنْ لَزِمَتْهُ الْمُطَالَبَةُ كَفِيلٌ)

وَدَلِيلُهَا الْإِجْمَاعُ وَسَنَدُهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» وَتَرْكُهَا أَحْوَطُ.

مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ: الزَّعَامَةُ أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ، وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ، وَآخِرُهَا غَرَامَةٌ مُجْتَبَى.

ــ

[رد المحتار]

لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ مِنْهُ بِنَفْسٍ أَوْ مَالٍ كَمَا فِي الْكَافِي، وَسَوَاءٌ كَفَلَ عَنْ مَوْلَاهُ أَوْ أَجْنَبِيٍّ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى) أَيْ بِالْكَفَالَةِ عَنْ مَوْلَاهُ أَوْ عَنْ أَجْنَبِيٍّ فَتَصِحُّ كَفَالَتُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَدْيُونًا، وَكَذَا الْأَمَةُ وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مَا لَمْ يَعْتِقْ تَتَارْخَانِيَّةٌ، وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ قُبَيْلَ الْحَوَالَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مِنْ مُكَاتَبٍ إلَخْ) أَيْ وَيُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ عِتْقِهِ، وَهَذَا لَوْ كَانَتْ عَنْ أَجْنَبِيٍّ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

وَقَالَ أَيْضًا: وَتَصِحُّ كَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ عَنْ مَوْلَاهُمَا.

قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَتْ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ رَأَيْته كَذَلِكَ فِي عِقْدِ الْفَرَائِدِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ.

قُلْت: وَسَيَأْتِي أَيْضًا مَتْنًا قُبَيْلَ الْحَوَالَةِ فِي الْعَبْدِ مَعَ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مَدْيُونٍ مُسْتَغْرَقٍ

(قَوْلُهُ: وَالْمُدَّعَى) أَيْ مَنْ يَكُونُ لَهُ حَقُّ الدَّعْوَى عَلَى غَرِيمِهِ إذْ لَا يَلْزَمُ فِي عَطَاءِ الْكَفِيلِ الدَّعْوَى بِالْفِعْلِ.

(قَوْلُهُ: مَكْفُولٌ لَهُ) وَيُسَمَّى الطَّالِبَ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: مَكْفُولٌ عَنْهُ) هَذَا فِي كَفَالَةِ الْمَالِ دُونَ كَفَالَةِ النَّفْسِ.

فَفِي الْبَحْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة، وَيُقَالُ لِلْمَكْفُولِ بِنَفْسِهِ مَكْفُولٌ بِهِ وَلَا يُقَالُ مَكْفُولٌ عَنْهُ اهـ، لَكِنْ قَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ وَجَدْنَا بَعْضَهُمْ يَقُولُهُ، وَوُجِدَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الذَّخِيرَةِ.

(قَوْلُهُ: كَفِيلٌ) وَيُسَمَّى ضَامِنًا وَضَمِينًا وَحَمِيلًا وَزَعِيمًا وَصَبِيرًا وَقَبِيلًا، وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ لِلرَّمْلِيِّ

(قَوْلُهُ: وَسَنَدُهُ) أَيْ سَنَدُ الْإِجْمَاعِ، إذْ لَا إجْمَاعَ إلَّا عَنْ مُسْتَنَدٍ وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ عَلِمْنَا بِهِ.

(قَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «الزَّعِيمُ غَارِمٌ» ) أَيْ يَلْزَمُهُ الْأَدَاءُ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ بِهِ، فَهُوَ بَيَانٌ لِحُكْمِ الْكَفَالَةِ، وَالْحَدِيثُ كَمَا فِي الْفَتْحِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.

وَقَدْ اسْتَدَلَّ فِي الْفَتْحِ لِشَرْعِيَّتِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى - {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} [يوسف: ٧٢]- وَعَادَتُهُمْ تَقْدِيمُ مَا وَرَدَ فِي الْكِتَابِ عَلَى مَا فِي السُّنَّةِ وَالشَّارِحُ يَذْكُرُهُ أَصْلًا، وَلَعَلَّهُ لِشُهْرَتِهِ أَوْ لِمَا قِيلَ إنَّهُ لَا كَفَالَةَ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مُسْتَأْجِرٌ لِمَنْ جَاءَ بِالصُّوَاعِ بِحِمْلِ بَعِيرٍ، وَالْمُسْتَأْجِرُ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْأُجْرَةِ وَلَكِنْ جَوَابُهُ أَنَّ الْكَفِيلَ كَانَ رَسُولًا مِنْ الْمَلِكِ لَا وَكِيلًا بِالِاسْتِئْجَارِ وَالرَّسُولُ سَفِيرٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ إنَّ الْمَلِكَ يَقُولُ لِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ ثُمَّ قَالَ الرَّسُولُ وَأَنَا بِذَلِكَ الْحِمْلِ زَعِيمٌ: أَيْ كَفِيلٌ، وَبَحَثَ فِيهِ فِي النَّهْرِ.

(قَوْلُهُ: وَتَرْكُهَا أَحْوَطُ) أَيْ إذَا كَانَ يَخَافُ أَنْ لَا يَمْلِكَ نَفْسَهُ مِنْ النَّدَمِ عَلَى مَا فَعَلَهُ مِنْ هَذَا الْمَعْرُوفِ، أَوْ الْمُرَادُ أَحْوَطُ فِي سَلَامَةِ الْمَالِ لَا فِي الدِّيَانَةِ إذْ هِيَ بِالنِّيَّةِ تَكُونُ طَاعَةً يُثَابُ عَلَيْهَا فَقَدْ قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَمَحَاسِنُ الْكَفَالَةِ جَلِيلَةٌ: وَهِيَ تَفْرِيجُ كُرَبِ الطَّالِبِ الْخَائِفِ عَلَى مَالِهِ وَالْمَطْلُوبِ الْخَائِفِ عَلَى نَفْسِهِ، حَيْثُ كُفِيَا مُؤْنَةَ مَا أَهَمَّهُمَا، وَذَلِكَ نِعْمَةٌ كَبِيرَةٌ عَلَيْهِمَا؛ وَلِذَا كَانَتْ مِنْ الْأَفْعَالِ الْعَالِيَةِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: مَكْتُوبٌ فِي التَّوْرَاةِ إلَخْ) رَأَيْت فِي الْمُلْتَقَطِ: قِيلَ مَكْتُوبٌ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الرُّومِ وَفِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا هُنَا، وَمَنْ لَمْ يُصَدِّقْ فَلْيُجَرِّبْ حَتَّى يَعْرِفَ الْبَلَاءَ مِنْ السَّلَامَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ) سَقَطَ أَوَّلُهَا مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ، وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى، وَالْمُرَادُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ يَعْقُبُهَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ الْمَلَامَةُ لِنَفْسِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ النَّاسِ، ثُمَّ عِنْدَ الْمُطَالَبَةُ بِالْمَالِ يَنْدَمُ عَلَى إتْلَافِهِ لِمَالِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَغْرَمُ الْمَالَ أَوْ يُتْعِبُ نَفْسَهُ بِإِحْضَارِ الْمَكْفُولِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ لُزُومُ الضَّرَرِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا} [الفرقان: ٦٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>