للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَقَوْلِهِ وَلِّ مَنْ شِئْت وَاسْتَبْدِلْ أَوْ اسْتَخْلِفْ مَنْ شِئْت فَإِنَّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِمْ مُطْلَقًا تَقْلِيدًا وَعَزْلًا (بِخِلَافِ الْمَأْمُورِ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ) فَإِنَّهُ يُسْتَخْلَفُ بِلَا تَفْوِيضٍ لِلْإِذْنِ دَلَالَةً، ابْنُ مَلَكٍ وَغَيْرُهُ وَمَا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو قَالَ فِي الْبَحْرِ لَا أَصْلَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ فَهْمٌ فَهِمَهُ مِنْ بَعْضِ الْعِبَارَاتِ، وَقَدْ مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ.

(نَائِبُ الْقَاضِي الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ الِاسْتِنَابَةَ) فَقَطْ لَا الْعَزْلَ (نَائِبٌ عَنْ الْأَصْلِ) وَهُوَ السُّلْطَانُ وَحِينَئِذٍ (فَلَا يَمْلِكُ أَنْ يَعْزِلَهُ الْقَاضِي بِغَيْرِ تَفْوِيضٍ مِنْهُ) لِلْعَزْلِ أَيْضًا كَوَكِيلٍ وَكَّلَ

ــ

[رد المحتار]

لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَافِ فَاسْتَخْلَفَ رَجُلًا وَأَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ جَازَ لَهُ الِاسْتِخْلَافُ ثُمَّ وَثُمَّ اهـ.

(قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ وَلِّ مَنْ شِئْت وَاسْتَبْدِلْ) هَذَا تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ أَيْ فَإِنَّهُ فِي الدَّلَالَةِ يَمْلِكُ الِاسْتِخْلَافَ وَالْعَزْلَ نَظِيرَ مَا لَوْ صَرَّحَ بِهِمَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَخْلِفْ مَنْ شِئْت) لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَاسْتَبْدِلْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ وَلِّ مَنْ شِئْت وَاسْتَخْلِفْ مَنْ شِئْت يَمْلِكُ الْعَزْلَ أَيْضًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اسْتَخْلِفْ بِمَعْنَى وَلِّ، بَلْ نَصَّ فِي الْبَحْرِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْعَزْلَ فَتَعَيَّنَ عَطْفُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلِّ وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَمَقُولِهِ وَلِّ أَوْ اسْتَخْلِفْ مَنْ شِئْت وَاسْتَبْدِلْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ قَاضِيَ الْقَضَاءِ إلَخْ) فِي مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ وَفِي الدَّلَالَةِ يَمْلِكُهَا.

(قَوْلُهُ: فِيهِمْ) أَيْ فِي الْقُضَاةِ.

(قَوْلُهُ: تَقْلِيدًا وَعَزْلًا) تَفْسِيرٌ لِلْإِطْلَاقِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْتَخْلِفُ بِلَا تَفْوِيضٍ) فَإِنْ كَانَ قَبْلَ شُرُوعِهِ لِحَدَثٍ أَصَابَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَخْلِفَ إلَّا مَنْ كَانَ شَهِدَ الْخُطْبَةَ، وَإِنْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فَاسْتَخْلَفَ مَنْ لَمْ يَشْهَدْهَا جَازَ نَهْرٌ: أَيْ لِأَنَّهُ بَانَ وَلَيْسَ بِمُفْتَتِحٍ وَالْخُطْبَةُ شَرْطُ الِافْتِتَاحِ، وَقَدْ وُجِدَ فِي حَقِّ الْأَصْلِ فَتْحٌ وَاعْتَرَضَ بِمَا لَوْ اسْتَخْلَفَ شَخْصًا لَمْ يَشْهَدْ الْخُطْبَةَ ثُمَّ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ ثُمَّ افْتَتَحَ بِهِمْ الْجُمُعَةَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ شُرُوعُهُ فِيهَا وَصَارَ خَلِيفَةً لِلْأَوَّلِ الْتَحَقَ بِمَنْ شَهِدَهَا وَاسْتَظْهَرَ فِي الْعِنَايَةِ الْجَوَابَ بِإِلْحَاقِهِ بِالْبَانِي لِتَقَدُّمِ شُرُوعِهِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: لِلْإِذْنِ دَلَالَةً) لِأَنَّ الْمُوَلَّى عَالِمٌ بِتَوَقُّتِهَا وَأَنَّهُ إذَا عَرَضَ عَارِضٌ فَاتَتْ لَا إلَى خَلَفٍ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِنْسَانَ غَرَضٌ لِلْأَعْرَاضِ فَتْحٌ قَالَ فِي النَّهْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي جَوَازِ الِاسْتِخْلَافِ لِلْمَرَضِ وَنَحْوِهِ، وَتَقْيِيدُ الزَّيْلَعِيِّ بِالْحَدَثِ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ وَقَدَّمْنَا فِي الْجُمُعَةِ مَسْأَلَةَ الِاسْتِنَابَةِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَارْجِعْ إلَيْهِ اهـ. وَحَاصِلُ مَا مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ أَنَّهُ قِيلَ لَا يَصِحُّ الِاسْتِخْلَافُ بِلَا إذْنِ السُّلْطَانِ إلَّا إذَا سَبَقَهُ الْحَدَثُ فِيهَا، وَقِيلَ إنْ لِضَرُورَةٍ جَازَ أَيْ لِحَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا فَلَا، وَقِيلَ يَجُوزُ مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ مَشَى فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ، وَكَذَا الشُّرُنْبُلَالِيُّ وَالْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ مُنْلَا خُسْرو) أَيْ فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ مِنْ بَابِ الْجُمُعَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَسْتَخْلِفُ لِلصَّلَاةِ ابْتِدَاءً، بَلْ بَعْدَمَا أَحْدَثَ إلَّا إذَا كَانَ مَأْذُونًا مِنْ السُّلْطَانِ بِالِاسْتِخْلَافِ اهـ وَهُوَ مَا مَرَّ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ مَرَّ فِي الْجُمُعَةِ) وَمَرَّ أَيْضًا هُنَاكَ عَنْ الْعَلَّامَةِ مُحِبِّ الدِّينِ بْنِ جِرْبَاشٍ فِي النُّجْعَةِ فِي تَعْدَادِ الْجُمُعَةِ أَنَّ إذْنَ السُّلْطَانِ بِإِقَامَةِ الْخُطْبَةِ شَرْطُ أَوَّلِ مَرَّةٍ لِلْبَانِي، فَيَكُونُ الْإِذْنُ مُنْسَحِبًا لِتَوَلِّيَةِ النُّظَّارِ الْخُطَبَاءَ، وَإِقَامَةِ الْخَطِيبِ نَائِبًا وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِذْنُ لِكُلِّ خَطِيبٍ اهـ بَحْرٌ، وَقَدَّمْنَا نَحْوَهُ عَنْ فَتَاوَى ابْنِ الْجَلَبِيِّ وَذَكَرْنَا هُنَاكَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ إذْنَ السُّلْطَانِ شَرْطٌ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ، فَإِذَا أَذِنَ لِشَخْصٍ بِإِقَامَتِهَا كَانَ لَهُ الْإِذْنُ لِآخَرَ وَلِلْآخَرِ الْإِذْنُ لِآخَرَ وَهَكَذَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ إذْنَ السُّلْطَانِ بِإِقَامَتِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ يَكُونُ إذْنًا لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ إقَامَتَهَا فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ بِدُونِ إذْنٍ مِنْ السُّلْطَانِ أَوْ مِنْ مَأْذُونِهِ كَمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ وَتَقَدَّمَ تَمَامُهُ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ) بِالْجَرِّ نَعْتٌ لِلْقَاضِي.

(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ تَفْوِيضٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السُّلْطَانِ دُرَرٌ.

(قَوْلُهُ: كَوَكِيلٍ وُكِّلَ) أَيْ بِإِذْنِ الْمُوَكِّلِ فَإِنَّهُ لَا يَمْلِكُ عَزْلَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ، وَيَنْعَزِلَانِ بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ حَيْثُ يَمْلِكُ الْإِيصَاءَ إلَى غَيْرِهِ، وَيَمْلِكُ التَّوْكِيلَ وَالْعَزْلَ فِي حَيَاتِهِ لِرِضَا الْمُوصِي بِذَلِكَ دَلَالَةً لِعَجْزِهِ بَحْرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>