وَلَا يَقْضِي عَنْهُ دَيْنَهُ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ (فِي مَالٍ لَهُ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِمْ) كَتِبْرٍ أَوْ طَعَامٍ، أَمَّا خِلَافُهُ فَيَفْتَقِرُ لِلْبَيْعِ، وَلَا يُبَاعُ مَالُ الْغَائِبِ اتِّفَاقًا (عِنْدَ) أَوْ عَلَى (مَنْ يُقِرُّ بِهِ) عِنْدَهُ لِلْأَمَانَةِ، وَعَلَى لِلدَّيْنِ، وَيَبْدَأُ بِالْأَوَّلِ، وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُودِعِ فِي الدَّفْعِ لِلنَّفَقَةِ لَا الْمَدْيُونِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارِهَا بَحْرٌ وَسَيَجِيءُ؛ وَلَوْ أَنْفَقَا بِلَا فَرْضٍ ضَمِنَا بِلَا رُجُوعٍ (وَبِالزَّوْجِيَّةِ وَ) بِقَرَابَةِ (الْوِلَادِ وَكَذَا) الْحُكْمُ ثَابِتٌ (إذَا عَلِمَ قَاضٍ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَالٍ وَزَوْجِيَّةٍ وَنَسَبٍ، وَلَوْ عَلِمَ
ــ
[رد المحتار]
فَيَكُونُ الْقَضَاءُ فِي حَقِّهِمْ إعَانَةً وَفَتْوًى مِنْ الْقَاضِي كَمَا فِي الدُّرَرِ. وَيَرِدُ الْمَمْلُوكُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ عَاجِزًا عَنْ الْكَسْبِ وَامْتَنَعَ مَوْلَاهُ مِنْ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَإِنَّ لَهُ الْأَخْذَ مِنْ مَالِ مَوْلَاهُ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَفْرِضَ لِلْعَاجِزِ فِي مَالِ مَوْلَاهُ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَجِبُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَوْلَاهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَإِذَا لَمْ يَجِدْ مَا يَأْكُلُهُ فِي بَيْتِ مَوْلَاهُ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهُ الْقَاضِي كَيْفَ يَفْعَلُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُؤْجِرَهُ بِقَدْرِ نَفَقَتِهِ لَوْ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ وَيَبِيعَهُ لَوْ عَاجِزًا كَمَا يَأْتِي فِي الْعَبْدِ الْوَدِيعَةِ، وَلَمْ أَرَهُ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَقْضِي عَنْهُ دَيْنَهُ) فَلَوْ أَحْضَرَ صَاحِبُ الدَّيْنِ غَرِيمًا أَوْ مُودِعًا لِلْغَائِبِ لَمْ يَأْمُرْهُ الْقَاضِي بِقَضَاءِ الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ مُقِرًّا بِالْمَالِ وَبِدَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ إنَّمَا يَأْمُرُ فِي حَقِّ الْغَائِبِ بِمَا يَكُونُ نَظَرًا لَهُ وَحِفْظًا لِمِلْكِهِ. وَفِي الْإِنْفَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ مِنْ مَالِهِ حِفْظُ مِلْكِهِ، وَفِي وَفَاءِ دَيْنِهِ قَضَاءٌ عَلَيْهِ بِقَوْلِ الْغَيْرِ بَحْرٌ عَنْ الذَّخِيرَةِ. وَلَا يَرِدُ الْمَمْلُوكَ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي عَلَى مَوْلَاهُ بِنَفَقَتِهِ، بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَا تُفْرَضُ وَلِقَوْلِهِ وَلَا يَقْضِي (قَوْلُهُ فِي مَالٍ لَهُ) فَلَوْلَا مَالَ لَهُ فَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ ط (قَوْلُهُ كَتِبْرٍ) هُوَ غَيْرُ الْمَضْرُوبِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ مِنْهُ وَمِنْ الْفِضَّةِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَبُرٍّ، وَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ أَوْ طَعَامٍ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَوْلَى، وَدَخَلَ فِيهِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ بِالْأَوْلَى. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَالتِّبْرُ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ فِي هَذَا الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ يَصْلُحُ قِيمَةً لِلْمَضْرُوبِ. اهـ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا وَقَعَ بِهِ التَّعَامُلُ كَمَا قَالَهُ الرَّحْمَتِيُّ.
(قَوْلُهُ أَوْ طَعَامٍ) زَادَ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ أَوْ كُسْوَةٍ (قَوْلُهُ أَمَّا خِلَافُهُ) أَيْ خِلَافُ جِنْسِ الْحَقِّ كَعُرُوضٍ وَعَقَارٍ (قَوْلُهُ عِنْدَ أَوْ عَلَيَّ إلَخْ) يَشْمَلُ مَا كَانَ مَالَ وَدِيعَةٍ أَوْ مُضَارَبَةٍ بَحْرٌ، وَمِثْلُهُ الِاسْتِحْقَاقُ فِي غَلَّةِ الْوَقْفِ إذَا أَقَرَّ بِهِ النَّاظِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ فِي الْحَامِدِيَّةِ؛ لِأَنَّ النَّاظِرَ كَوَكِيلٍ عَنْ أَهْلِ الْوَقْفِ، وَكَذَا غَلَّةُ الْعَبْدِ وَالدَّارِ كَمَا فِي النَّهْرِ، وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمَالِ عِنْدَ شَخْصٍ، إذْ لَوْ كَانَ فِي بَيْتِهِ وَعَلِمَ الْقَاضِي بِالنِّكَاحِ فَرَضَ لَهَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إيفَاءٌ لِحَقِّهَا لَا قَضَاءٌ عَلَى الزَّوْجِ بِالنَّفَقَةِ، كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ ثُمَّ غَابَ وَلَهُ مِنْ جِنْسِهِ مَالٌ فِي بَيْتِهِ يَقْضِي لِصَاحِبِ الدَّيْنِ فِيهِ بَحْرٌ، وَقَيَّدَ بِإِقْرَارِهِ بِمَا ذَكَرَ لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَيَبْدَأُ بِالْأَوَّلِ) أَيْ بِمَالِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ نَصَّبَ نَاظِرًا فَيَبْدَأُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَنْظَرُ لِلْغَائِبِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مَحْفُوظٌ لَا يَحْتَمِلُ الْهَلَاكَ، بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَتْحٌ وَذَخِيرَةٌ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْخَانِيَّةِ: الْوَدِيعَةُ أَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ فِي الْبُدَاءَةِ بِالْإِنْفَاقِ مِنْهَا. وَذَكَرَ الرَّحْمَتِيُّ أَنَّ الْقَاضِيَ وَالسُّلْطَانُ وَوَلِيَّ الْيَتِيمِ وَالْمُتَوَلِّيَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْعَمَلُ بِمَا هُوَ الْأَوْلَى وَإِلَّا نَظَرَ كَمَا لَا يَخْفَى. اهـ تَأَمَّلْ. قُلْت: وَإِذَا خَافَ إفْلَاسَ الْمَدْيُونِ أَوْ هَرَبَهُ أَوْ إنْكَارَهُ فَالْبُدَاءَةُ بِهِ أَوْلَى (قَوْلُهُ لَا الْمَدْيُونِ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَهُ وِلَايَةُ الْإِلْزَامِ، فَإِذَا فَرَضَ النَّفَقَةَ فِي ذَلِكَ الْمَالِ صَارَ الْمُودِعُ مَأْمُورًا بِالدَّفْعِ مِنْهُ إلَى الْمَفْرُوضِ لَهُ، فَإِذَا ادَّعَى دَفْعَ الْأَمَانَةِ صُدِّقَ، بِخِلَافِ الْمَدْيُونِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي ثُبُوتَ دَيْنٍ لَهُ بِذِمَّةِ الْغَائِبِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الدُّيُونَ تُقْضَى بِأَمْثَالِهَا (قَوْلُهُ أَوْ إقْرَارِهَا) ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهَا مُقِرَّةٌ عَلَى نَفْسِهَا. اهـ أَيْ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَصِيرُ بِالْقَضَاءِ دَيْنًا لَهَا عَلَى الزَّوْجِ. قُلْت: لَكِنْ يَنْبَغِي صِحَّةُ إقْرَارِهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا، فَلَا تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ لَا فِي حَقِّ الزَّوْجِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَنْفَقَا إلَخْ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَذْكُورَةٌ قَبْلَ قَوْلِهِ وَيُقْبَلُ، وَالْمُرَادُ بِضَمَانِ الْمَدْيُونِ عَدَمُ بَرَاءَتِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ: أَيْ لَهُمَا عَلَى مَنْ أَنْفَقَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَبِالزَّوْجِيَّةِ) عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ مَنْ يُقِرُّ بِهِ وَلِذَا أَعَادَ الْجَارَّ (قَوْلُهُ إذَا عَلِمَ قَاضٍ بِذَلِكَ) أَيْ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ الْمَدْيُونُ وَالْمُودِعُ، وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُمْ إنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ هَذَا لَيْسَ قَضَاءً بَلْ إعَانَةٌ وَفَتْوَى، أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ عَلِمَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute