للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةَ بَتٍّ، أَوْ مَوْتٍ) وَإِنْ أَمَرَهَا الْمُطَلِّقُ، أَوْ الْمَيِّتُ بِتَرْكِهِ لِأَنَّهُ حَقُّ الشَّرْعِ، إظْهَارًا لِلتَّأَسُّفِ عَلَى فَوَاتِ النِّكَاحِ (بِتَرْكِ الزِّينَةِ) بِحُلِيٍّ أَوْ حَرِيرٍ، أَوْ امْتِشَاطٍ بِضَيِّقِ الْأَسْنَانِ (وَالطِّيبِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا كَسْبٌ إلَّا فِيهِ (وَالدُّهْنِ) وَلَوْ بِلَا طِيبٍ كَزَيْتٍ خَالِصٍ (وَالْكُحْلِ وَالْحِنَّاءِ وَلُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ) وَمَصْبُوغٍ بِمَغْرَةٍ، أَوْ وَرْسٍ (إلَّا بِعُذْرٍ)

ــ

[رد المحتار]

مُعْتَدَّةُ الْمَوْتِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَدْخُولَةٍ فَيَجِبُ فِيهَا الْحِدَادُ، فَكَانَ الصَّوَابُ إسْقَاطَ هَذَا الْقَيْدِ فَإِنَّ لَفْظَ مُعْتَدَّةٍ يُغْنِي عَنْهُ. اهـ. ح. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةَ بَتٍّ) مِنْ الْبَتِّ: وَهُوَ الْقَطْعُ: أَيْ الْمَبْتُوتُ طَلَاقُهَا وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا، أَوْ وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَالْفُرْقَةُ بِخِيَارِ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ وَنَحْوِهِمَا نَهْرٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حَقُّ الشَّرْعِ) أَيْ فَلَا يَمْلِكُ الْعَبْدُ إسْقَاطَهُ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ دَوَاعِي الرَّغْبَةِ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ عَنْ النِّكَاحِ، فَتَجْتَنِبُهَا لِئَلَّا تَصِيرَ ذَرِيعَةً إلَى الْوُقُوعِ فِي الْمُحَرَّمِ هِدَايَةٌ ط. (قَوْلُهُ: بِتَرْكِ الزِّينَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَحُدُّ وَالْبَاءُ لِلْآلَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ لِأَنَّ التَّرْكَ عَدَمِيٌّ أَوْ لِلتَّصْوِيرِ، أَوْ لِلسَّبَبِيَّةِ، أَوْ لِلْمُلَابَسَةِ لِأَنَّ فِي " تَحُدُّ " مَعْنَى تَتَأَسَّفُ، أَوْ لِأَنَّ الْحَدَّ فِي الْأَصْلِ الْمَنْعُ، فَلَا يَرِدُ أَنَّ فِيهِ مُلَابَسَةَ الشَّيْءِ لِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: بِحُلِيٍّ) أَيْ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَجَوَاهِرَ بَحْرٌ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَالزِّينَةُ مَا تَتَزَيَّنُ بِهِ الْمَرْأَةُ مِنْ حُلِيٍّ أَوْ كُحْلٍ كَمَا فِي الْكَشَّافِ، فَقَدْ اسْتَدْرَكَ مَا بَعْدَهُ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي قَاضِي خَانْ: الْمُعْتَدَّةُ تَجْتَنِبُ عَنْ كُلِّ زِينَةٍ نَحْوُ الْخِضَابِ وَلُبْسِ الْمُطَيَّبِ. اهـ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ لِذَلِكَ الْإِجْمَالِ.

قُلْت: فِيهِ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ غَيْرُ مُوفٍ بِالْمَقْصُودِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالزِّينَةِ نَوْعًا مِنْهَا، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْحُلِيِّ وَالْحَرِيرِ لِأَنَّهُ قِوَامُهَا، وَغَيْرَهُ خَفِيٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ فَعَطَفَهُ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ حَرِيرٍ) أَيْ بِجَمِيعِ أَنْوَاعِهِ وَأَلْوَانِهِ وَلَوْ أَسْوَدَ بَحْرٌ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَسْوَدَ أَشَارَ بِهِ إلَى خِلَافِ مَالِكٍ حَيْثُ قَالَ يُبَاحُ لَهَا الْحَرِيرُ الْأَسْوَدُ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَبِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْأَسْوَدِ كَمَا وَقَعَ فِي الدُّرَرِ الْمُنْتَقَى عَنْ الْبَهْنَسِيِّ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَذْهَبَنَا فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: بِضَيِّقِ الْأَسْنَانِ) فَلَهَا الِامْتِشَاطُ بِأَسْنَانِ الْمُشْطِ الْوَاسِعَةِ ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ، وَبَحَثَ فِيهِ فِي الْفَتْحِ، لَكِنْ يَأْتِي عَنْ الْجَوْهَرَةِ تَقْيِيدُهُ بِالْعُذْرِ. (قَوْلُهُ: وَالطِّيبِ) أَيْ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْبَدَنِ، أَوْ الثَّوْبِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَأَعَمُّ مِنْهُ قَوْلُهُ: فِي الْبَحْرِ وَالْفَتْحِ: فَلَا تَحْضُرُ عَمَلَهُ وَلَا تَتَّجِرُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: وَالدُّهْنِ) بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ، وَالْأَوَّلُ مَصْدَرٌ وَالثَّانِي اسْمٌ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِلَا طِيبٍ يُؤَيِّدُ إرَادَةَ اسْمِ الْعَيْنِ، لَكِنْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَلَوْ بِلَا اسْتِعْمَالِ طِيبٍ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: كَزَيْتٍ خَالِصٍ) أَيْ مِنْ الطِّيبِ وَكَالشَّيْرَجِ وَالسَّمْنِ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُلِينُ الشَّعْرَ فَيَكُونُ زِينَةً زَيْلَعِيٌّ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ الْمَمْنُوعَ اسْتِعْمَالُهُ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ فِيهِ زِينَةٌ، فَلَا تُمْنَعُ مِنْ مَسِّهِ بِيَدٍ لِعَصْرٍ، أَوْ بَيْعٍ أَوْ أَكْلٍ كَمَا أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالْكُحْلِ) بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ كَمَا مَرَّ فِي الدُّهْنِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا تَحْصُلُ بِهِ الزِّينَةُ كَالْأَسْوَدِ وَنَحْوِهِ، بِخِلَافِ الْأَبْيَضِ مَا لَمْ يَكُنْ مُطَيَّبًا. (قَوْلُهُ: وَلُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ إلَخْ) أَيْ لُبْسِ الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ بِالْعُصْفُرِ وَالزَّعْفَرَانِ، وَالْمُرَادُ بِالثَّوْبِ مَا كَانَ جَدِيدًا تَقَعُ بِهِ الزِّينَةُ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ إلَّا سَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالْأَحْكَامُ تُبْتَنَى عَلَى الْمَقَاصِدِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ قُهُسْتَانِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَمَصْبُوغٍ بِمَغْرَةٍ، أَوْ وَرْسٍ) الْمَغْرَةُ الطِّينُ الْأَحْمَرُ بِفَتْحَتَيْنِ، وَالتَّسْكِينُ لُغَةُ تَخْفِيفٍ. وَالْوَرْسُ: نَبْتٌ أَصْفَرُ يُزْرَعُ بِالْيَمَنِ وَيُصْبَغُ بِهِ، قِيلَ: هُوَ صِنْفٌ مِنْ الْكُرْكُمِ، وَقِيلَ يُشْبِهُهُ مِصْبَاحٌ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلَا يَحِلُّ لُبْسُ الْمُمَشَّقِ وَهُوَ الْمَصْبُوغُ بِالْمِشْقِ وَهُوَ الْمَغْرَةُ.

وَذَكَرَ فِي الْغَايَةِ أَنَّ لُبْسَ الْعَصْبِ مَكْرُوهٌ: وَهُوَ ثَوْبٌ مُوَشًّى يُعْمَلُ فِي الْيَمَنِ، وَقِيلَ ضَرْبٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ يُنْسَجُ أَبْيَضَ ثُمَّ يُصْبَغُ. اهـ. وَفِي الْمُغْرِبِ لِأَنَّهُ يُعْصَبُ غَزْلُهُ ثُمَّ يُصْبَغُ ثُمَّ يُحَاكُ. وَفِي الْمِصْبَاحِ الْمِشْقُ وِزَانُ حِمْلٍ: الْمَغْرَةُ، وَقَالُوا ثَوْبٌ مُمَشَّقٌ بِالتَّثْقِيلِ وَالْفَتْحِ، وَالْعَصْبُ بِالْعَيْنِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَتَيْنِ مِثْلُ فَلْسٍ. قُلْت: وَوَقَعَ فِي كَافِي الْحَاكِمِ:

وَلَا ثَوْبُ قَصَبٍ بِالْقَافِ. فِي الْمِصْبَاحِ: الْقَصَبُ ثِيَابٌ مِنْ كَتَّانٍ نَاعِمَةٌ وَاحِدُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>