للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَاجِعٍ لِلْجَمِيعِ إذْ الضَّرُورَاتُ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ، وَلَا بَأْسَ بِأَسْوَدَ وَأَزْرَقَ وَمُعَصْفَرٍ خَلَقٍ لَا رَائِحَةَ لَهُ (لَا) حِدَادَ عَلَى سَبْعَةٍ: كَافِرَةٍ وَصَغِيرَةٍ، وَمَجْنُونَةٍ وَ (مُعْتَدَّةِ عِتْقٍ) كَمَوْتِهِ عَنْ أُمِّ وَلَدِهِ (وَ) مُعْتَدَّةِ (نِكَاحٍ فَاسِدٍ) أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ أَوْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ.

ــ

[رد المحتار]

قَصَبِيٌّ عَلَى النِّسْبَةِ.

(قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ) فَإِنْ كَانَ وَجَعٌ بِالْعَيْنِ فَتَكْتَحِلُ، أَوْ حَكَّةٌ فَتَلْبَسُ الْحَرِيرَ، أَوْ تَشْتَكِي رَأْسَهَا فَتَدْهُنُ وَتَمْشُطُ بِالْأَسْنَانِ الْغَلِيظَةِ الْمُتَبَاعِدَةِ مِنْ غَيْرِ إرَادَةِ الزِّينَةِ لِأَنَّ هَذَا تَدَاوٍ لَا زِينَةٌ جَوْهَرَةٌ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي الْكَافِي إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ثَوْبٌ إلَّا الْمَصْبُوغُ فَإِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ لِضَرُورَةِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ، لَكِنْ لَا تَقْصِدُ الزِّينَةَ؛ وَيَنْبَغِي تَقَيُّدُهُ بِقَدْرِ مَا تَسْتَحْدِثُ ثَوْبًا غَيْرَهُ إمَّا بِبَيْعِهِ وَالِاسْتِخْلَافِ بِثَمَنِهِ، أَوْ مِنْ مَالِهَا إنْ كَانَ لَهَا. اهـ.

قُلْت: وَقَيَّدَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ الِاكْتِحَالَ لِلْعُذْرِ بِكَوْنِهِ لَيْلًا ثُمَّ تَنْزِعُهُ نَهَارًا كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ، وَأَخْرَجَ الْحَدِيثَ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا، وَلَمْ أَرَ مَنْ قَيَّدَ بِذَلِكَ مِنْ عُلَمَائِنَا، وَكَأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَاعِدَةِ إنَّ الضَّرُورَةَ تُتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا، لَكِنْ إنْ كَفَاهَا اللَّيْلَ، أَوْ النَّهَارَ اقْتَصَرَتْ عَلَى اللَّيْلِ وَلَا تَعْكِسُ لِأَنَّ اللَّيْلَ أَخْفَى لِزِينَةِ الْكُحْلِ وَهُوَ مَحْمَلُ الْحَدِيثِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ. (قَوْلُهُ: وَلَا بَأْسَ بِأَسْوَدَ) فِي الْفَتْحِ: وَيُبَاحُ لَهَا لُبْسُ الْأَسْوَدِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ، وَجَعَلَهُ الظَّاهِرِيَّةُ كَالْأَحْمَرِ وَالْأَخْضَرِ. اهـ. وَعَلَّلَ الزَّيْلَعِيُّ جَوَازَهُ بِأَنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ الزِّينَةُ.

قُلْت: وَالْمُرَادُ الْأَسْوَدُ مِنْ غَيْرِ الْحَرِيرِ خِلَافًا لِمَالِكٍ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَأَزْرَقَ) ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ بَحْثًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا إذَا كَانَ بَرَّاقًا صَافِيَ اللَّوْنِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهِ حِينَئِذٍ قَصْدُ الزِّينَةِ. (قَوْلُهُ: وَمُعَصْفَرٍ خَلَقٍ إلَخْ) فِي الْبَحْرِ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْمُعَصْفَرِ وَالْمُزَعْفَرِ الْخَلَقُ الَّذِي لَا رَائِحَةَ لَهُ فَإِنَّهُ جَائِزٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ اهـ فَافْهَمْ. قَالَ الرَّحْمَتِيُّ: وَالْمُرَادُ بِمَا لَا رَائِحَةَ لَهُ مَا لَمْ تَحْصُلْ بِهِ الزِّينَةُ لِأَنَّهَا الْمَانِعُ لَا الرَّائِحَةَ بِخِلَافِ الْمُحَرَّمِ؛ أَلَا يُرَى مَنْعُ الْمَغْرَةِ وَلَا رَائِحَةَ لَهَا. اهـ.

قُلْت: وَأَعَمُّ مِنْهُ قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ: وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثِّيَابِ الْمَذْكُورَةِ الْجَدِيدُ مِنْهَا، أَمَّا لَوْ كَانَ خَلَقًا لَا تَقَعُ فِيهِ الزِّينَةُ فَلَا بَأْسَ بِهِ اهـ وَمِثْلُهُ مَا مَرَّ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ. وَفِي الْقَامُوسِ: خَلَقَ الثَّوْبُ كَنَصَرَ وَكَرُمَ وَسَمِعَ خُلُوقَةً وَخَلَقًا مُحَرَّكَةً بَلِيَ. [تَنْبِيهٌ]

مُقْتَضَى اقْتِصَارِهِمْ عَلَى مَنْعِهَا مِمَّا مَرَّ أَنَّ الْإِحْدَادَ خَاصٌّ بِالْبَدَلِ، فَلَا تُمْنَعُ مِنْ تَجْمِيلِ فِرَاشٍ وَأَثَاثِ بَيْتٍ، وَجُلُوسٍ عَلَى حَرِيرٍ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيَّةُ. وَنُقِلَ فِي الْمِعْرَاجِ أَنَّ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَهَا أَنْ تَدْخُلَ الْحَمَّامَ وَتَغْسِلَ رَأْسَهَا بِالْخِطْمِيِّ وَالسِّدْرِ اهـ وَلَمْ يُذْكَرْ حُكْمُهُ عِنْدَنَا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى تَرْكِ مَا ذُكِرَ يُفِيدُ جَوَازَ دُخُولِ الْحَمَّامِ لَهَا. (قَوْلُهُ: لَا حِدَادَ) أَيْ وَاجِبٌ كَمَا فِي الزَّيْلَعِيِّ. (قَوْلُهُ: عَلَى سَبْعَةٍ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي مُحْتَرَزَاتِ الْقُيُودِ الْمَارَّةِ وَيُزَادُ ثَامِنَةٌ، وَهِيَ الْمُطَلَّقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ، مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً. (قَوْلُهُ: كَافِرَةٍ وَصَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ) لَكِنْ لَوْ أَسْلَمَتْ الْكَافِرَةُ فِي الْعِدَّةِ لَزِمَهَا الْإِحْدَادُ فِيمَا بَقِيَ مِنْهَا كَمَا مَرَّ عَنْ الْجَوْهَرَةِ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي الصَّغِيرَةِ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا بَلَغَتْ وَأَفَاقَتْ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَإِنَّمَا لَزِمَتْ الْعِدَّةُ عَلَيْهِنَّ دُونَ الْإِحْدَادِ لِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا مَرَّ، وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ لِأَنَّ اللُّبْسَ وَالتَّطَيُّبَ فِعْلٌ حِسِّيٌّ مَحْكُومٌ بِحُرْمَتِهِ، بِخِلَافِ الْعِدَّةِ فَإِنَّهَا مِنْ رَبْطِ الْمُسَبَّبَاتِ بِالْأَسْبَابِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ عِنْدَ الْبَيْنُونَةِ يَثْبُتُ شَرْعًا عَدَمُ صِحَّةِ نِكَاحِهِنَّ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَهُوَ حُكْمٌ بِعَدَمٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى خِطَابِ التَّكْلِيفِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْفَتْحِ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَمُعْتَدَّةِ عِتْقٍ) هِيَ أُمُّ الْوَلَدِ الَّتِي أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا، وَمِثْلُهَا الَّتِي مَاتَ عَنْهَا مَوْلَاهَا فَإِنَّهَا عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ. وَلَمَّا كَانَ فِي دُخُولِهَا خَفَاءٌ صَرَّحَ بِهَا الشَّارِحُ وَسَكَتَ عَنْ الْأُولَى لِظُهُورِهَا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ " مَنْكُوحَةٌ " فَكَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرَهُ مَعَ مُعْتَدَّةِ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>