وَيُبَاحُ الْحِدَادُ عَلَى قَرَابَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ، وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا لِأَنَّ الزِّينَةَ حَقُّهُ فَتْحٌ، وَيَنْبَغِي حِلُّ الزِّيَادَةِ عَلَى الثَّلَاثَةِ إذَا رَضِيَ الزَّوْجُ، أَوْ لَمْ تَكُنْ مُزَوَّجَةً نَهْرٌ.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَا تُعْذَرُ فِي لُبْسِ السَّوَادِ، وَهِيَ آثِمَةٌ إلَّا الزَّوْجَةَ فِي حَقِّ زَوْجِهَا فَتُعْذَرُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُهُ مَنْعُهَا مِنْ السَّوَادِ تَأَسُّفًا عَلَى مَوْتِ زَوْجِهَا فَوْقَ الثَّلَاثَةِ. وَفِي النَّهْرِ: لَوْ بَلَغْت فِي الْعِدَّةِ لَزِمَهَا الْحِدَادُ فِيمَا بَقِيَ.
(وَالْمُعْتَدَّةُ) أَيَّ مُعْتَدَّةٍ كَانَتْ عَيْنِيٌّ، فَتَعُمُّ مُعْتَدَّةَ عِتْقٍ وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ. وَأَمَّا الْخَالِيَةُ فَتُخْطَبُ إذَا لَمْ يَخْطُبْهَا غَيْرُهُ.
ــ
[رد المحتار]
كَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَزِيدَ مَعَهُ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُمَا خَرَجَتَا بِقَوْلِهِ " مُعْتَدَّةَ بَتٍّ " أَفَادَهُ ح.
(قَوْلُهُ: وَيُبَاحُ الْحِدَادُ إلَخْ) أَيْ حَدِيثُ الصَّحِيحِ «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تَحُدَّ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا عَلَى زَوْجِهَا فَإِنَّهَا تَحُدُّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» فَدَلَّ عَلَى حَمْلِهِ فِي الثَّلَاثِ دُونَ مَا فَوْقَهَا، وَعَلَيْهِ حُمِلَ إطْلَاقُ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ عَدَمَ الْحِلِّ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْفَتْحِ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهَا تَرْكُهُ أَيْ تَرْكُهُ أَصْلًا. (قَوْلُهُ: وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْفَتْحِ: وَيَنْبَغِي أَنَّهَا لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَحُدَّ عَلَى قَرَابَةٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَهَا زَوْجٌ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا لِأَنَّ الزِّينَةَ حَقُّهُ حَتَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا عَلَى تَرْكِهَا إذَا امْتَنَعَتْ وَهُوَ يُرِيدُهَا، وَهَذَا الْإِحْدَادُ مُبَاحٌ لَهَا لَا وَاجِبٌ، وَبِهِ يَفُوتُ حَقُّهُ. اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَمُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَالْمَذْكُورُ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ، وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ الْحِلُّ فِي الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ مَنْعِهِ اهـ أَيْ بِأَنْ يُقَالَ: إنَّ الْحِلَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْحَدِيثِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَمْنَعْهَا زَوْجُهَا لِأَنَّ كُلَّ حِلٍّ ثَبَتَ لِشَيْءٍ يُقَيَّدُ بِعَدَمِ الْمَانِعِ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَحِلُّ كَمَا هُنَا
وَلَمَّا كَانَ بَحْثُ الْفَتْحِ دَاخِلًا تَحْتَ قَوْلِهِمْ لَهُ ضَرْبُهَا عَلَى تَرْكِ الزِّينَةِ كَانَ بَحْثًا مُوَافِقًا لِلْمَنْقُولِ، وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ مَنْ بَعْدَهُ فَلِذَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ، وَلَيْسَ الْبَحْثُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ فَقَطْ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي حِلُّ الزِّيَادَةِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ صَرِيحَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ نَفْيُ الْحِلِّ فَوْقَ ثَلَاثٍ، وَإِذَا قُيِّدَ الْحِلُّ - فِي الثَّلَاثِ - الثَّابِتُ فِي الْحَدِيثِ بِمَا إذَا رَضِيَ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ رِضَاهُ مُبِيحًا مَا ثَبَتَ عَدَمُ حِلِّهِ وَهُوَ الْإِحْدَادُ فَوْقَ الثَّلَاثِ كَمَا لَا يَخْفَى: وَقَالَ الرَّحْمَتِيُّ: الْحَدِيثُ مُطْلَقٌ، وَقَدْ حَمَلَهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى إطْلَاقِهِ فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِالطِّيبِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهَا بِثَلَاثٍ، وَكَذَلِكَ زَيْنَبُ بَعْدَ مَوْتِ أَخِيهَا وَقَالَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا: مَا لِي بِالطِّيبِ مِنْ حَاجَةٍ غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ إلَخْ " كَيْفَ وَقَدْ أَطْلَقَ مُحَمَّدٌ عَدَمَ حِلِّ الْإِحْدَادِ لِمَنْ مَاتَ أَبُوهَا، أَوْ ابْنُهَا وَقَالَ إنَّمَا هُوَ فِي الزَّوْجِ خَاصَّةً. اهـ. (قَوْلُهُ: وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَخْ) عِبَارَتُهَا: سُئِلَ أَبُو الْفَضْلِ عَنْ الْمَرْأَةِ يَمُوتُ زَوْجُهَا، أَوْ أَبُوهَا أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ الْأَقَارِبِ فَتَصْبُغُ ثَوْبَهَا أَسْوَدَ فَتَلْبَسُهُ شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً، أَوْ أَرْبَعَةً تَأَسُّفًا عَلَى الْمَيِّتِ أَتُعْذَرُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا. وَسُئِلَ عَنْهَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ فَقَالَ: لَا تُعْذَرُ، وَهِيَ آثِمَةٌ إلَّا الزَّوْجَةَ فِي حَقِّ زَوْجِهَا فَإِنَّهَا تُعْذَرُ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ مَنْعُهَا مِنْ السَّوَادِ إلَخْ) أَيْ فَيُقَيَّدُ بِهِ إطْلَاقُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِأَسْوَدَ. وَأَجَابَ ط بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى صَبْغِهِ لِأَجْلِ التَّأَسُّفِ وَلُبْسِهِ، وَمَا مَرَّ عَلَى مَا كَانَ مَصْبُوغًا أَسْوَدَ قَبْلَ مَوْتِ الزَّوْجِ لِتَتَوَافَقَ عِبَارَاتُهُمْ، لَكِنْ يُنَافِيهِ إبَاحَتُهُ فِي الثَّلَاثِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَفِي النَّهْرِ) هُوَ بَحْثٌ سَبَقَهُ إلَيْهِ فِي الْبَحْرِ أَخْذًا مِنْ عِبَارَةِ الْجَوْهَرَةِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْكَافِرَةِ
(قَوْلُهُ: وَنِكَاحٍ فَاسِدٍ) فَتَحْرُمُ خِطْبَتُهَا لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا حَيْثُ رَضِيَتْ بِهِ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ تَرْضَى بِهِ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْخَالِيَةُ) أَيْ عَنْ نِكَاحٍ وَعِدَّةٍ. (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَخْطُبْهَا غَيْرُهُ وَتَرْضَى بِهِ إلَخْ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ، وَقَالَ: وَلَمْ أَرَهُ لِأَصْحَابِنَا، وَأَصْلُهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ «لَا يَخْطُبْ أَحَدُكُمْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ» وَقَيَّدُوهُ بِأَنْ لَا يَأْذَنَ لَهُ اهـ أَيْ بِأَنْ لَا يَأْذَنَ الْخَاطِبُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ مَنْقُولٌ عِنْدَنَا، فَقَدْ قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَفِي الذَّخِيرَةِ كَمَا «نَهَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الِاسْتِيَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute