فَعَبْدِي حُرٌّ (حَنِثَ بِمُطْلَقِ التَّغَدِّي) لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْجَوَابِ فَجُعِلَ مُبْتَدِئًا وَفِي طَلَاقِ الْأَشْبَاهِ إنْ لِلتَّرَاخِي إلَّا بِقَرِينَةِ الْفَوْرِ وَمِنْهُ طَلَبَ جِمَاعَهَا فَأَبَتْ فَقَالَ: إنْ لَمْ تَدْخُلِي مَعِي الْبَيْتَ فَدَخَلَتْ بَعْدَ سُكُونِ شَهْوَتِهِ حَنِثَ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ
ــ
[رد المحتار]
بِمُطْلَقِ التَّغَدِّي. وَاعْتَرَضَ ح قَوْلَهُ: أَوْ مَعَك بِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى السُّؤَالِ لِأَنَّ السُّؤَالَ فِيهِ لَفْظَةُ مَعَ فَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ تَغَدَّ عِنْدِي كَمَا قَالَ فِي الْكَنْزِ اهـ.
قُلْت: لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ لَهُ تَغَدَّ مَعِي فَقَالَ: وَاَللَّهِ لَا أَتَغَدَّى فَذَهَبَ إلَى بَيْتِهِ وَتَغَدَّى مَعَ أَهْلِهِ لَا يَحْنَثُ. وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ يَمِينَهُ عُقِدَتْ عَلَى غَدَاءٍ مُعَيَّنٍ، وَهُوَ الَّذِي دَعَاهُ إلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَاَللَّهِ لَا أَتَغَدَّى خَرَجَ جَوَابًا لِسُؤَالِ الْمُخَاطَبِ وَأَمْكَنَ جَعْلُهُ جَوَابًا لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْ عَلَى حَرْفِ الْجَوَابِ، فَيُجْعَلُ جَوَابًا وَالْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ وَالسُّؤَالُ وَقَعَ عَلَى غَدَاءٍ بِعَيْنِهِ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: تَغَدَّ مَعِي أَيْ هَذَا الْغَدَاءَ، فَيُجْعَلُ ذَلِكَ كَالْمُصَرَّحِ بِهِ فِي السُّؤَالِ كَأَنَّهُ قَالَ تَغَدَّ مَعِي هَذَا الْغَدَاءَ وَالْجَوَابُ يَتَضَمَّنُ إعَادَةَ مَا فِي السُّؤَالِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَتَغَدَّى مَعَك لِأَنَّهُ زَادَ عَلَى حَرْفِ الْجَوَابِ، وَمَعَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُجْعَلَ جَوَابًا فَجُعِلَ ابْتِدَاءً وَلَا قَيْدَ فِيهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ السِّرَاجِيَّةِ، فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَغَدَّيْت مَعَك زِيَادَةٌ عَلَى الْجَوَابِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ مَعَ مَذْكُورٌ فِي كَلَامِ الطَّالِبِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَلِعُمُومِهِ الْمَدْعُوَّ إلَيْهِ وَغَيْرَهُ أَيْ التَّغَدِّيَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ فَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ح فَتَدَبَّرْ، ثُمَّ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ إطْلَاقُ الْغَدَاءِ عَلَى التَّغَدِّي كَمَا وَقَعَ فِي عِبَارَةِ الْهِدَايَةِ تَسَاهُلًا (قَوْلُهُ حَنِثَ بِمُطْلَقِ التَّغَدِّي) الْإِطْلَاقُ بِالنَّظَرِ لِلْيَوْمِ مَعْنَاهُ سَوَاءٌ تَغَدَّى مَعَهُ أَوْ فِي بَيْتِهِ مَثَلًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَبِالنَّظَرِ إلَى قَوْلِهِ مَعِي تَغَدِّيهِ مَعَهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ، وَلَا يَحْنَثُ إنْ تَغَدَّى مَعَ غَيْرِهِ وَلَوْ فِي الْوَقْتِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ ط.
(قَوْلُهُ فَجَعَلَ مُبْتَدِئًا) لَكِنْ لَوْ نَوَى الْجَوَابَ دُونَ الِابْتِدَاءِ صُدِّقَ دِيَانَةً لِأَنَّ احْتِمَالَ كَوْنِهِ جَوَابًا قَائِمٌ لَا قَضَاءً لِمُخَالَفَتِهِ الظَّاهِرَ فِيمَا فِيهِ تَخْفِيفٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ إنْ تَغَدَّيْت وَنَوَى مَا بَيْنَ الْفَوْرِ وَالْأَبَدِ كَالْيَوْمِ أَوْ الْغَدِ لَمْ يُصَدَّقْ أَصْلًا لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تَعْمَلُ فِي الْمَلْفُوظِ وَالْحَالُ لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ فَانْتَفَى دَلَالَةُ الْحَالِ، وَدَلَالَةُ الْمَقَالِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ وَنَوَى عَدَدًا أَوْ لَا يَأْكُلُ طَعَامًا وَنَوَى لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ لَمْ يَصِحَّ كَذَا فِي شَرْحِهِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ إنَّ لِلتَّرَاخِي إلَخْ) احْتَرَزَ بِهَا عَنْ إذَا فَإِنَّهَا لِلْفَوْرِ فَفِي الْخَانِيَّةِ إذَا فَعَلْت كَذَا فَلَمْ أَفْعَلْ كَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا لَمْ يَفْعَلْ عَلَى أَثَرِ الْفِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ حَنِثَ، وَلَوْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَهُوَ عَلَى الْأَبَدِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَى الْفَوْرِ أَيْضًا اهـ وَمَعْنَى كَوْنِ إنَّ لِلتَّرَاخِي أَنَّهَا تَكُونُ لِلتَّرَاخِي وَغَيْرِهِ عِنْدَ عَدَمِ قَرِينَةِ الْفَوْرِ، وَالْمُرَادُ فِعْلُ الشَّرْطِ الَّذِي دَخَلَتْ عَلَيْهِ، وَمَا رُتِّبَ عَلَيْهِ فَإِذَا قَالَ لَهَا إنْ خَرَجْت فَكَذَا وَخَرَجَتْ فَوْرًا أَوْ بَعْدَ يَوْمٍ مَثَلًا حَنِثَ إلَّا لِقَرِينَةِ الْفَوْرِ، فَيَتَقَيَّدُ بِهِ كَمَا مَرَّ وَمِنْهُ مَا مَثَّلَ بِهِ وَكَذَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ إنْ دَخَلْت دَارَك فَلَمْ أَجْلِسْ فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ اهـ أَيْ الْجُلُوسُ عَلَى فَوْرِ الدُّخُولِ، وَفِيهَا أَيْضًا إنْ بَعَثْت إلَيْك فَلَمْ تَأْتِنِي فَعَبْدِي حُرٌّ، فَبَعَثَ إلَيْهِ فَأَتَاهُ ثُمَّ بَعَثَ إلَيْهِ ثَانِيًا فَلَمْ يَأْتِهِ حَنِثَ وَلَا يَبْطُلُ الْيَمِينُ بِالْبِرِّ حَتَّى يَحْنَثَ مَرَّةً فَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ الْيَمِينُ. اهـ.
مَطْلَبُ إنْ ضَرَبْتنِي وَلَمْ أَضْرِبْك
وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ ضَرَبْتنِي وَلَمْ أَضْرِبْك فَهَذَا عَلَى الْمَاضِي عِنْدَنَا كَأَنَّهُ قَالَ وَلَمْ أَكُنْ ضَرَبْتُك قَبْلَ ضَرْبِك إيَّايَ وَإِنْ نَوَى بَعْدُ صَحَّ أَيْ إنْ ضَرَبْتنِي ابْتِدَاءً وَلَمْ أَضْرِبْك بَعْدَهُ، وَيَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ كَلِمَةَ وَلَمْ تَقَعْ عَلَى الْأَبَدِ كَإِنْ أَتَيْتنِي وَلَمْ آتِك إنْ زُرْتنِي وَلَمْ أَزُرْك وَقَدْ تَقَعُ عَلَى الْفَوْرِ وَالْمُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ مَعَانِي كَلَامِ النَّاسِ وَكَذَلِكَ تَقَعُ عَلَى قَبْلُ وَعَلَى بَعْدُ كَمَا مَرَّ وَفِي إنْ كَلَّمْتنِي وَلَمْ أُجِبْك عَلَى بَعْدَ لِأَنَّ الْجَوَابَ لَا يَتَقَدَّمُ، وَعَلَى الْفَوْرِ أَيْضًا بِاعْتِبَارِ الْعَادَةِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ حَنِثَ) قَالَ فِي الِاخْتِيَارِ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ الدُّخُولُ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَقَدْ فَاتَ فَصَارَ شَرْطُ الْحِنْثِ عَدَمُ الدُّخُولِ لِقَضَاءِ الشَّهْوَةِ وَقَدْ وُجِدَ. اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute