للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَلْ يُسْتَحَبُّ لَوْ مُؤْذِيَةً أَوْ تَارِكَةً صَلَاةَ غَايَةٍ، وَمُفَادُهُ أَنْ لَا إثْمَ بِمُعَاشَرَةِ مَنْ لَا تُصَلِّي وَيَجِبُ لَوْ فَاتَ الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَحْرُمُ لَوْ بِدْعِيًّا.

وَمِنْ مَحَاسِنِهِ التَّخَلُّصُ بِهِ مِنْ الْمَكَارِهِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ طَلَاقَ الدَّوْرِ بِنَحْوِ: إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثَلَاثًا وَاقِعٌ إجْمَاعًا كَمَا حَرَّرَهُ الْمُصَنِّفُ مَعْزِيًّا لِجَوَاهِرِ الْفَتَاوَى، حَتَّى لَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ حَاكِمٌ لَا يَنْفُذُ أَصْلًا

ــ

[رد المحتار]

وَبِمَا قَرَّرْنَاهُ أَيْضًا زَالَ التَّنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِمْ بِإِبَاحَتِهِ، وَقَوْلِهِمْ إنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْحَظْرُ لِاخْتِلَافِ الْحَيْثِيَّةِ وَظَهَرَ أَيْضًا أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ مَا ادَّعَاهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَمَا صَحَّحَهُ فِي الْفَتْحِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ فَإِنَّهُ مِنْ فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ) إضْرَابٌ انْتِقَالِيٌّ ط (قَوْلُهُ لَوْ مُؤْذِيَةً) أَطْلَقَهُ فَشَمَلَ الْمُؤْذِيَةَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ بِقَوْلِهَا أَوْ بِفِعْلِهَا ط (قَوْلُهُ أَوْ تَارِكَةَ صَلَاةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ تَرْكَ الْفَرَائِضِ غَيْرُ الصَّلَاةِ كَالصَّلَاةِ، وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ لَأَنْ أَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى وَصَدَاقُهَا بِذِمَّتِي خَيْرٌ مِنْ أَنْ أُعَاشِرَ امْرَأَةً لَا تُصَلِّي ط (قَوْلُهُ وَمُفَادُهُ) أَيْ مُفَادُ اسْتِحْبَابِ طَلَاقِهَا وَهَذَا قَالَهُ فِي الْبَحْرِ. وَقَالَ: وَلِهَذَا قَالُوا فِي الْفَتَاوَى: لَهُ أَنْ يَضْرِبَهَا عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يَقُولُوا عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ فِي ضَرْبِهَا عَلَى تَرْكِهَا رِوَايَتَيْنِ ذَكَرَهُمَا قَاضِي خَانْ. اهـ. (قَوْلُهُ لَوْ فَاتَ الْإِمْسَاكُ بِالْمَعْرُوفِ) مَا لَوْ كَانَ خَصِيًّا أَوْ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا أَوْ شَكَّازًا أَوْ مُسَحَّرًا وَالشَّكَّازُ: بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ وَبِالزَّايِ هُوَ الَّذِي تَنْتَشِرُ آلَتُهُ لِلْمَرْأَةِ قَبْلَ أَنْ يُخَالِطَهَا ثُمَّ لَا تَنْتَشِرُ آلَتُهُ بَعْدَهُ لِجِمَاعِهَا وَالْمُسَحَّرُ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُشَدَّدَةِ وَهُوَ الْمَسْحُورُ، وَيُسَمَّى الْمَرْبُوطُ فِي زَمَانِنَا ح عَنْ شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ (قَوْلُهُ لَوْ بِدْعِيًّا) يَأْتِي بَيَانُهُ

(قَوْلُهُ وَمِنْ مَحَاسِنِهِ التَّخَلُّصُ بِهِ مِنْ الْمَكَارِهِ) أَيْ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ بَحْرٌ: أَيْ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ إقَامَةِ حُقُوقِ الزَّوْجَةِ، أَوْ كَانَ لَا يَشْتَهِيهَا. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَمِنْهَا أَيْ مِنْ مَحَاسِنِهِ جَعْلُهُ بِيَدِ الرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ لِاخْتِصَاصِهِنَّ بِنُقْصَانِ الْعَقْلِ وَغَلَبَةِ الْهَوَى وَنُقْصَانِ الدِّينِ. وَمِنْهَا شَرْعُهُ ثَلَاثًا لِأَنَّ النَّفْسَ كَذُوبَةٌ رُبَّمَا تَظْهَرُ عَدَمُ الْحَاجَةِ إلَيْهَا ثُمَّ يَحْصُلُ النَّدَمُ فَشُرِعَ ثَلَاثًا لِيُجَرِّبَ نَفْسَهُ أَوَّلًا وَثَانِيًا اهـ مُلَخَّصًا مَطْلَبُ طَلَاقِ الدَّوْرِ (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِكَوْنِ التَّخَلُّصِ الْمَذْكُورِ مِنْ مَحَاسِنِهِ، إذْ لَوْ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُ الدَّوْرِ لَفَاتَتْ هَذِهِ الْحِكْمَةُ. اهـ. ح وَسُمِّيَ بِالدَّوْرِ لِأَنَّهُ دَارَ الْأَمْرُ بَيْنَ مُتَنَافِيَيْنِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ الْمُنَجَّزِ وُقُوعُ الثَّلَاثِ الْمُعَلَّقَةِ قَبْلَهُ، وَيَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ عَدَمُ وُقُوعِهِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ الدَّوْرَ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ، وَهُوَ تَوَقُّفُ كُلٍّ مِنْ الشَّيْئَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَيَلْزَمُ تَوَقُّفُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ وَتَأَخُّرُهُ إمَّا بِمَرْتَبَةٍ أَوْ مَرْتَبَتَيْنِ ط (قَوْلُهُ وَاقِعٌ) أَيْ إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً يَقَعُ ثَلَاثٌ الْوَاحِدَةُ الْمُنَجَّزَةُ وَثِنْتَانِ مِنْ الْمُعَلَّقَةِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ وَقَعَتَا وَوَاحِدَةٌ مِنْ الْمُعَلَّقَةِ أَوْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا يَقَعْنَ فَيُنَزَّلُ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ لَا يُصَادِفُ أَهْلِيَّةً فَيَلْغُوا، وَلَوْ قَالَ: إنْ طَلَّقْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ قَبْلَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً وَقَعَ ثِنْتَانِ الْمُنَجَّزَةُ وَالْمُعَلَّقَةُ وَقِسْ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ (قَوْلُهُ حَتَّى لَوْ حَكَمَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَاقِعٌ إجْمَاعًا، ثُمَّ هَذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى، فَإِنَّهُ قَالَ: وَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الدَّوْرِ وَبَقَاءِ النِّكَاحِ وَعَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ لَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ وَيَجِبُ عَلَى حَاكِمٍ آخَرَ تَفْرِيقُهُمَا لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُعَدُّ خِلَافًا لِأَنَّهُ قَوْلٌ مَجْهُولٌ بَاطِلٌ فَاسِدٌ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ وَنَقَلَ قَبْلَهُ عَنْ جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ جَمِيعُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّهُ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ فَإِنَّ الْأُمَّةَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ السَّلَفِ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِمَا أَجْمَعَتْ عَلَى أَنَّ طَلَاقَ الْمُكَلَّفِ وَاقِعٌ. اهـ. قُلْت: لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَى دَعْوَى الْإِجْمَاعِ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافِعِيَّةِ قَالُوا بِصِحَّةِ الدَّوْرِ كَالْمُزَنِيِّ وَابْنِ الْحَدَّادِ وَالْقَفَّالِ وَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْبَيْضَاوِيِّ وَكَذَا الْغَزَالِيُّ وَالسُّبْكِيُّ لَكِنَّهُمَا رَجَعَا عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>