الْمُسْلِمِينَ تَعْيِينُ وَالٍ وَإِمَامٍ لِلْجُمُعَةِ فَتْحٌ (وَمِنْ) سُلْطَانِ الْخَوَارِجِ وَ (أَهْلِ الْبَغْيِ) وَإِذَا صَحَّتْ التَّوْلِيَةُ صَحَّ الْعَزْمُ وَإِذَا رُفِعَ قَضَاءُ الْبَاغِي إلَى قَاضِي الْعَدْلِ نَفَّذَهُ، وَقِيلَ لَا وَبِهِ جَزَمَ النَّاصِحِيُّ (فَإِذَا تَقَلَّدَ طَلَبَ دِيوَانَ قَاضٍ قَبْلَهُ) يَعْنِي السِّجِلَّاتِ
ــ
[رد المحتار]
لَا بِلَادُ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُظْهِرُوا فِيهَا حُكْمَ الْكُفْرِ، وَالْقُضَاةُ مُسْلِمُونَ وَالْمُلُوكُ الَّذِينَ يُطِيعُونَهُمْ عَنْ ضَرُورَةٍ مُسْلِمُونَ وَلَوْ كَانَتْ عَنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ مِنْهُمْ فَفُسَّاقٌ وَكُلُّ مِصْرٍ فِيهِ وَالٍ مِنْ جِهَتِهِمْ تَجُوزُ فِيهِ إقَامَةُ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَأَخْذُ الْخَرَاجِ وَتَقْلِيدُ الْقُضَاةِ، وَتَزْوِيجُ الْأَيَامَى لِاسْتِيلَاءِ الْمُسْلِمِ عَلَيْهِ وَأَمَّا إطَاعَةُ الْكُفْرِ فَذَاكَ مُخَادَعَةٌ، وَأَمَّا بِلَادٌ عَلَيْهَا وُلَاةٌ كُفَّارٌ فَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ إقَامَةُ الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ وَيَصِيرُ الْقَاضِي قَاضِيًا بِتَرَاضِي الْمُسْلِمِينَ، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَلْتَمِسُوا وَالِيًا مُسْلِمًا مِنْهُمْ اهـ وَعَزَاهُ مِسْكِينٌ فِي شَرْحِهِ إلَى الْأَصْلِ وَنَحْوُهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. مَطْلَبٌ فِي حُكْمِ تَوْلِيَةِ الْقَضَاءِ فِي بِلَادٍ تَغَلَّبَ عَلَيْهَا الْكُفَّارُ
وَفِي الْفَتْحِ: وَإِذَا لَمْ يَكُنْ سُلْطَانٌ، وَلَا مَنْ يَجُوزُ التَّقَلُّدُ مِنْهُ كَمَا هُوَ فِي بَعْضِ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ غَلَبَ عَلَيْهِمْ الْكُفَّارُ كَقُرْطُبَةَ الْآنَ يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّفِقُوا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَيَجْعَلُونَهُ وَالِيًا فَيُوَلَّى قَاضِيًا وَيَكُونُ هُوَ الَّذِي يَقْضِي بَيْنَهُمْ وَكَذَا يُنَصِّبُوا إمَامًا يُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ اهـ. وَهَذَا هُوَ الَّذِي تَطْمَئِنُّ النَّفْسُ إلَيْهِ فَلْيُعْتَمَدْ نَهْرٌ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: وَهَذَا إلَى مَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْفَتْحِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ تَقَلُّدِ الْقَضَاءِ مِنْ كَافِرٍ عَلَى خِلَافِ مَا مَرَّ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة، وَلَكِنْ إذَا وَلَّى الْكَافِرُ عَلَيْهِمْ قَاضِيًا وَرَضِيَهُ الْمُسْلِمُونَ صَحَّتْ تَوْلِيَتُهُ بِلَا شُبْهَةٍ تَأَمَّلْ، ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْبِلَادَ الَّتِي لَيْسَتْ تَحْتَ حُكْمِ سُلْطَانٍ بَلْ لَهُمْ أَمِيرٌ مِنْهُمْ مُسْتَقِلٌّ بِالْحُكْمِ عَلَيْهِمْ بِالتَّغَلُّبِ أَوْ بِاتِّفَاقِهِمْ عَلَيْهِ يَكُونُ ذَلِكَ الْأَمِيرُ فِي حُكْمِ السُّلْطَانِ فَيَصِحُّ مِنْهُ تَوْلِيَةُ الْقَاضِي عَلَيْهِمْ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ سُلْطَانِ الْخَوَارِجِ وَأَهْلِ الْبَغْيِ) تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا فِي بَابِ الْبُغَاةِ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ الْعَزْلُ) فَإِذَا وَلَّى سُلْطَانُ الْبُغَاةِ بَاغِيًا وَعَزَلَ الْعَدْلَ، ثُمَّ ظَهَرْنَا عَلَيْهِمْ احْتَاجَ قَاضِي أَهْلِ الْعَدْلِ إلَى تَجْدِيدِ التَّوْلِيَةِ نَهْرٌ.
(قَوْلُهُ: نَفَّذَهُ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مُوَافِقًا أَوْ مُخْتَلِفًا فِيهِ كَمَا فِي سَائِرِ الْقُضَاةِ وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ، وَيَدُلُّ بِمَفْهُومِهِ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ لَوْ كَانَ مِنْ الْبُغَاةِ فَإِنَّ قَضَايَاهُ تَنْفُذُ كَسَائِرِ فُسَّاقِ أَهْلِ الْعَدْلِ؛ وَلِأَنَّ الْفَاسِقَ يَصْلُحُ قَاضِيًا فِي الْأَصَحِّ، وَذَكَرَ فِي الْفُصُولِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِيهِ:
الْأَوَّلُ مَا ذَكَرْنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ.
الثَّانِي عَدَمُ النَّفَاذِ، فَإِذَا رُفِعَ إلَى الْعَادِلِ لَا يُمْضِيهِ.
الثَّالِثُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُحْكَمِ بِمُضِيِّهِ لَوْ وَافَقَ رَأْيَهُ وَإِلَّا أَبْطَلَهُ اهـ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ النَّاصِحِيُّ) لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. مَطْلَبٌ فِي الْعَمَلِ بِالسِّجِلَّاتِ وَكُتُبِ الْأَوْقَافِ الْقَدِيمَةِ.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا تَقَلَّدَ طَلَبَ دِيوَانَ قَاضٍ قَبْلَهُ) فِي الْقَامُوسِ الدِّيوَانُ وَيُفْتَحُ مُجْتَمَعُ الصُّحُفِ وَالْكِتَابُ يُكْتَبُ فِيهِ أَهْلُ الْجَيْشِ، وَأَهْلُ الْعَطِيَّةِ وَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - جَمْعُهُ دَوَاوِينُ وَدَيَاوِينُ اهـ فَقَوْلُهُ: مُجْتَمَعُ الصُّحُفِ بِمَعْنَى قَوْلِ الْكَنْزِ، وَهُوَ الْحَوَائِطُ الَّتِي فِيهَا السِّجِلَّاتُ وَالْمُحَاضَرَاتُ وَغَيْرُهَا، وَالْخَرَائِطُ جَمْعُ خَرِيطَةٍ شِبْهُ الْكِيسِ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ: يَعْنِي السِّجِلَّاتِ تَفْسِيرٌ بِالْمَعْنَى الثَّانِي، وَقَوْلُ الْبَحْرِ تَبَعًا لِمِسْكِينٍ أَنَّ مَا فِي الْكَنْزِ مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الدِّيوَانَ نَفْسُ السِّجِلَّاتِ وَالْمَحَاضِرُ لَا الْكِيسُ فِيهِ نَظَرٌ فَافْهَمْ وَالسِّجِلُّ لُغَةً: كِتَابُ الْقَاضِي وَالْمَحَاضِرُ جَمْعُ مَحْضَرٍ وَفِي الدُّرَرِ أَنَّ الْمَحْضَرَ مَا كُتِبَ فِيهِ مَا جَرَى بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ مِنْ إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ، وَالْحُكْمُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ نُكُولٍ عَلَى وَجْهٍ يَرْفَعُ الِاشْتِبَاهَ، وَكَذَا السِّجِلُّ وَالصَّكُّ مَا كُتِبَ فِيهِ الْبَيْعُ وَالرَّهْنُ وَالْإِقْرَارُ وَغَيْرُهَا وَالْحُجَّةُ وَالْوَثِيقَةُ؛ يَتَنَاوَلَانِ الثَّلَاثَةَ اهـ، وَالْعُرْفُ الْآنَ مَا كُتِبَ فِي الْوَاقِعَةِ وَبَقِيَ عِنْدَ الْقَاضِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ خَطُّهُ وَالْحُجَّةُ مَا عَلَيْهِ عَلَامَةُ الْقَاضِي أَعْلَاهُ وَخَطُّ الشَّاهِدِينَ أَسْفَلَهُ وَأُعْطِيَ