للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَثَرَتْ وَفَسَدَ الْمَتَاعُ لَا يَضْمَنُ إجْمَاعًا وَقَدَّمْنَا.

قُلْتُ عَنْ الْأَشْبَاهِ مُعَزِّيًا لِلزَّيْلَعِيِّ: إنَّ الْوَدِيعَةَ بِأَجْرٍ مَضْمُونَةٌ فَلْيُحْفَظْ (وَلَا يَضْمَنُ بِهِ بَنِي آدَمَ مُطْلَقًا مِمَّنْ غَرِقَ فِي السَّفِينَةِ أَوْ سَقَطَ عَنْ الدَّابَّةِ وَإِنْ كَانَ بِسُوقِهِ أَوْ وُقُودِهِ) ؛ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ لَا يَضْمَنُ بِالْعَقْدِ بَلْ بِالْجِنَايَةِ وَلَا جِنَايَةَ لِإِذْنِهِ فِيهِ (وَإِنْ انْكَسَرَ دَنٌّ فِي الطَّرِيقِ) إنْ شَاءَ الْمَالِكُ (ضَمَّنَ الْحَمَّالَ قِيمَتَهُ فِي مَكَانِ حَمْلِهِ وَلَا أَجْرَ أَوْ فِي مَوْضِعِ الْكَسْرِ وَأَجْرُهُ بِحِسَابِهِ) وَهَذَا لَوْ انْكَسَرَ بِصُنْعِهِ وَإِلَّا بِأَنْ زَاحَمَهُ النَّاسُ فَانْكَسَرَ فَلَا ضَمَانَ خِلَافًا لَهُمَا.

(وَلَا ضَمَانَ عَلَى حَجَّامٍ وَبِزَاغِ) أَيْ بَيْطَارٍ (وَفِصَادٍ لَمْ يُجَاوِزْ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ، فَإِنْ جَاوَزَ) الْمُعْتَادَ (ضَمِنَ الزِّيَادَةَ كُلَّهَا إذَا لَمْ يَهْلَكْ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (وَإِنْ هَلَكَ ضَمِنَ نِصْفَ دِيَةِ النَّفْسِ) لِتَلَفِهَا بِمَأْذُونٍ فِيهِ وَغَيْرِ مَأْذُونٍ فِيهِ فَيَتَنَصَّفُ، ثُمَّ فَرَّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ:

ــ

[رد المحتار]

الْمَتَاعِ، وَقَالُوا: إذَا كَانَ الْمَتَاعُ فِي سَفِينَتَيْنِ وَصَاحِبُهُ فِي إحْدَاهُمَا وَهُمَا مَقْرُونَتَانِ أَوْ لَا إلَّا أَنْ سَيَّرَهُمَا وَحَبَسَهُمَا جَمِيعًا لَا يَضْمَنُ الْمَلَّاحُ، وَكَذَا الْقِطَارُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ حُمُولَةٌ وَرَبُّهَا عَلَى بَعِيرٍ أَنَّ الْمَتَاعَ فِي يَدِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ الْحَافِظُ لَهُ بَدَائِعُ، وَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي قَرِيبًا. (قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا) أَيْ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ أَرَادَ بِهِ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ الْمُودِعَ بِأَجْرٍ يُخَالِفُ الْأَجِيرَ الْمُشْتَرَكَ وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ، وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَضْمَنُ إلَخْ كَمَا فَعَلَ الزَّيْلَعِيُّ. وَذَكَرَ الْفَرْقَ بِأَنَّ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ فِي الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ هُوَ الْعَمَلُ وَالْحِفْظُ وَاجِبٌ تَبَعًا بِخِلَافِ الْمُودِعِ بِأَجْرٍ فَإِنَّهُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ مَقْصُودٌ بِبَدَلٍ.

أَقُولُ: وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْوَدِيعَةِ أَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ بِهِ يُفْتَى اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: دَفَعَ إلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ وَاسْتَأْجَرَهُ وَشَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ إذَا تَلِفَ لَا أَثَرَ لَهُ فِيمَا عَلَيْهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ الْحَمَّامِيَّ عِنْدَ اشْتِرَاطِ الْأَجْرِ لِلْحِفْظِ وَالثِّيَابِيُّ كَالْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ اهـ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ، وَقِيلَ عَدَمُ الضَّمَانِ إذَا كَانَ كَبِيرًا يَسْتَمْسِكُ عَلَى الدَّابَّةِ وَيَرْكَبُ وَحْدَهُ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمَتَاعِ ط عَنْ الْمَكِّيِّ (قَوْلُهُ بَلْ بِالْجِنَايَةِ) وَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَضَمَانُ الْعُقُودِ لَا تَتَحَمَّلُهُ الْعَاقِلَةُ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ لِإِذْنِهِ فِيهِ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَصِيلًا أَوْ وَلِيًّا لِعَبْدٍ أَوْ صَغِيرٍ. (قَوْلُهُ وَإِنْ انْكَسَرَ دَنٌّ إلَخْ) فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَنْ الْمُنْتَقَى: حَمَلَ مَتَاعًا وَصَاحِبُهُ مَعَهُ فَعَثَرَ وَسَقَطَ الْمَتَاعُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ عِثَارَهُ جِنَايَةُ يَدِهِ: اسْتَأْجَرَ حُمُولَةً بِعَيْنِهَا وَرَبُّ الْمَتَاعِ مَعَهُ فَسَاقَ الْمُكَارِي فَعَثَرَتْ الدَّابَّةُ ضَمِنَ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ مُشْتَرَكٌ أَفْسَدَهُ بِيَدِهِ اهـ وَلْيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ وَلَعَلَّهُ اخْتِلَافُ رِوَايَةٍ أَوْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا سَاقَهَا بِعُنْفٍ تَأَمَّلْ: ثُمَّ رَأَيْتُ صَاحِبَ الذَّخِيرَةِ فَرَّقَ بَيْنَ مَا إذَا كَانَ صَاحِبُ الْمَتَاعِ رَاكِبًا عَلَيْهَا فَعَثَرَتْ مِنْ سَوْقِ الْأَجِيرِ لَا يَضْمَنُ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ يَسِيرُ خَلْفَهَا مَعَ الْأَجِيرِ فَيَضْمَنُ وَتَمَامُهُ فِيهَا (قَوْلُهُ فِي الطَّرِيقِ) قَيَّدَ بِهِ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَإِنْ حَمَلَهُ إلَى بَيْتِ صَاحِبِهِ ثُمَّ أَنْزَلَهُ الْحَمَّالُ مِنْ رَأْسِهِ وَصَاحِبُ الزِّقِّ فَوَقَعَ مِنْ أَيْدِيهِمَا ضَمِنَ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ الْأَوَّلُ ثُمَّ رَجَعَ وَقَالَ لَا يَضْمَنُ. (قَوْلُهُ بِصُنْعِهِ) يَشْمَلُ مَا لَوْ زَلِقَتْ رِجْلُهُ فِي الطَّرِيقِ أَوْ غَيْرِهِ فَسَقَطَ وَفَسَدَ حَمْلُهُ بَدَائِعُ. (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) ؛ لِأَنَّ الْمَتَاعَ أَمَانَةٌ عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لَهُمَا) فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ فِي مَوْضِعِ الْكَسْرِ بِلَا خِيَارٍ كَمَا فِي التَّبْيِينِ. وَفِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ زَحَمَهُ النَّاسُ حَتَّى فَسَدَ لَمْ يَضْمَنْ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ حِفْظُ نَفْسِهِ عَنْ ذَلِكَ فَكَانَ بِمَعْنَى الْحَرْقِ الْغَالِبِ وَلَوْ كَانَ الْحَمَّالُ هُوَ الَّذِي زَاحَمَ النَّاسَ ضَمِنَ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ اهـ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ أَيْ بَيْطَارٍ) فَهُوَ خَاصٌّ بِالْبَهَائِمِ. (قَوْلُهُ لَمْ يُجَاوِزْ الْمَوْضِعَ الْمُعْتَادَ) أَيْ وَكَانَ بِالْإِذْنِ. قَالَ فِي الْكَافِي: عِبَارَةُ الْمُخْتَصَرِ نَاطِقَةٌ بِعَدَمِ التَّجَاوُزِ وَسَاكِتَةٌ عَنْ الْإِذْنِ، وَعِبَارَةُ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ نَاطِقَةٌ بِالْإِذْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>