للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ مُتَعَارَفًا أَوْ عَلَّقَهُ بِأَمْرٍ كَائِنٍ كَإِنْ أَعْطَيْته شَرِيكِي فَقَدْ أَبْرَأْتُك وَقَدْ أَعْطَاهُ صَحَّ وَكَذَا بِمَوْتِهِ وَيَكُونُ وَصِيَّةً وَلَوْ لِوَارِثِهِ

ــ

[رد المحتار]

بِالتَّمْلِيكَاتِ فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ بَحْرٌ عَنْ الْعَيْنِيِّ. وَفِيهِ أَنَّ الْإِبْرَاءَ عَنْ الدَّيْنِ لَيْسَ مِنْ مُبَادَلَةِ الْمَالِ بِالْمَالِ، فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَبْطُلَ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَكَوْنُهُ مُعْتَبَرًا بِالتَّمْلِيكَاتِ لَا يَدُلُّ إلَّا عَلَى بُطْلَانِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ وَلِذَلِكَ فَرَّعَهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى هَذَا فَيَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ فِي الْقِسْمِ الْآتِي، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَأَمَّلْهُ ح وَهَكَذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّ الْإِبْرَاءَ يَصِحُّ تَقْيِيدُهُ بِالشَّرْطِ، وَعَلَيْهِ فُرُوعٌ كَثِيرَةٌ مَذْكُورَةٌ فِي آخِرِ كِتَابِ الصُّلْحِ، وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ.

هُنَاكَ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَصِحُّ تَقْيِيدُهُ لَا تَعْلِيقُهُ اهـ وَأَوْضَحْنَاهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ، لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الشَّرْطُ مُتَعَارَفًا كَمَا يَأْتِي، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ فَلِذَا ذَكَرَهُ هُنَا فَافْهَمْ. وَمِنْ فُرُوعِهِ مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمَبْسُوطِ: لَوْ قَالَ لِلْخَصْمِ إنْ حَلَفْت فَأَنْتَ بَرِيءٌ فَهَذَا بَاطِلٌ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْبَرَاءَةِ بِخَطَرٍ وَهِيَ لَا تَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ اهـ وَيَصِحُّ تَفْرِيعُ الْإِبْرَاءِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْأُولَى أَيْضًا إذَا كَانَ الشَّرْطُ غَيْرَ مُتَعَارَفٍ، وَمِنْهُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ الْعَزْمِيَّةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ الشَّرْطُ مُتَعَارَفًا) كَمَا لَوْ أَبْرَأَتْهُ مُطَلَّقَتُهُ بِشَرْطِ الْإِمْهَارِ فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُتَعَارَفٌ، وَتَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ بِشَرْطٍ مُتَعَارَفٍ جَائِزٌ، فَإِنْ قَبِلَ الْإِمْهَارَ وَهَمَّ، بِأَنْ يُمْهِرَهَا فَأَبَتْ وَلَمْ تُزَوِّجْ نَفْسَهَا مِنْهُ لَا يَبْرَأُ لِفَوَاتِ الْإِمْهَارِ الصَّحِيحِ؛ وَلَوْ أَبْرَأَتْهُ الْمَبْتُوتَةُ بِشَرْطِ تَجْدِيدِ النِّكَاحِ بِمَهْرٍ وَمَهْرُ مِثْلِهَا مِائَةٌ، فَلَوْ جَدَّدَ لَهَا نِكَاحًا بِدِينَارٍ فَأَبَتْ لَا يَبْرَأُ بِدُونِ الشَّرْطِ. قَالَتْ الْمُسَرَّحَةُ لِزَوْجِهَا: تَزَوَّجْنِي فَقَالَ هَبِي لِي الْمَهْرَ الَّذِي لَك عَلَيَّ فَأَتَزَوَّجُك، فَأَبْرَأَتْهُ مُطْلَقًا غَيْرَ مُعَلَّقٍ بِشَرْطِ التَّزَوُّجِ يَبْرَأُ إذَا تَزَوَّجَهَا وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ مُعَلَّقٌ دَلَالَةً، وَقِيلَ لَا يَبْرَأُ، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ بَحْرٌ عَنْ الْقُنْيَةِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ التَّعْلِيقَ يَكُونُ بِالدَّلَالَةِ، وَيَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ فَلْيُحْفَظْ ذَلِكَ رَمْلِيٌّ، وَالْمُرَادُ بِالتَّعْلِيقِ الْمَذْكُورِ التَّقْيِيدُ بِالشَّرْطِ بِقَرِينَةِ الْأَمْثِلَةِ الْمَذْكُورَةِ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِأَمْرٍ كَائِنٍ إلَخْ) مِنْهُ مَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ إنْ كَانَ لِي عَلَيْك دَيْنٌ فَقَدْ أَبْرَأْتُك وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ بَرِئَ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِشَرْطٍ كَائِنٍ فَتَنَجَّزَ اهـ (قَوْلُهُ كَإِنْ أَعْطَيْته شَرِيكِي إلَخْ) هَذَا ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ بِأَلْفَاظٍ فَارِسِيَّةٍ وَفَسَّرَهُ الْوَانِيُّ بِذَلِكَ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَرَاءَةِ هُنَا بَرَاءَةُ الْإِسْقَاطِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا قَبَضَهُ شَرِيكُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْإِبْرَاءَ عَنْ بَاقِي الدَّيْنِ.

مَطْلَبٌ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ

(قَوْلُهُ وَكَذَا بِمَوْتِهِ إلَخْ) فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ قَالَ لِمَدْيُونِهِ إذَا مِتّ فَأَنْتَ بَرِيءٌ مِنْ الدَّيْنِ جَازَ وَيَكُونُ وَصِيَّةً، وَلَوْ قَالَ: إنْ مِتَّ أَيْ بِفَتْحِ التَّاءِ لَا يَبْرَأُ وَهُوَ مُخَاطَرَةٌ كَإِنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَأَنْتَ بَرِيءٌ لَا يَبْرَأُ اهـ. وَفِيهَا: لَوْ قَالَتْ الْمَرِيضَةُ لِزَوْجِهَا إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَمَهْرِي عَلَيْك صَدَقَةٌ أَوْ أَنْتِ فِي حِلٍّ مِنْهُ فَمَاتَتْ فِيهِ فَمَهْرُهَا عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذِهِ مُخَاطَرَةٌ فَلَا تَصِحُّ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>