للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي النَّهْرِ

(وَعَزْلُ الْوَكِيلِ وَالِاعْتِكَافُ)

ــ

[رد المحتار]

قُلْت: وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ مُشْكِلٌ فَإِنَّ الْمَوْتَ فِي الْأُولَيَيْنِ مُحَقَّقُ الْوُجُودِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْمُخَاطَرَةِ هُوَ الْمَوْتَ مَعَ بَقَاءِ الدَّيْنِ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ تَعْلِيقَهُ بِمَوْتِ نَفْسِهِ أَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ عَلَى أَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَتَعْلِيقُ الْوَصِيَّةِ صَحِيحٌ كَمَا سَيَأْتِي حَتَّى تَصِحَّ مِنْ الْعَبْدِ بِقَوْلِهِ إذَا عَتَقْت فَثُلُثُ مَالِي وَصِيَّةٌ كَمَا فِي وَصَايَا الزَّيْلَعِيِّ، بِخِلَافِ تَعْلِيقِهِ بِمَوْتِ الْمَدْيُونِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ جَعْلُهُ وَصِيَّةً فَبَقِيَ مَحْضَ إبْرَاءٍ وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ هَلْ يَبْقَى الدَّيْنُ إلَى مَوْتِهِ فَكَانَ مُخَاطَرَةً فَلَمْ يَصِحَّ، وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْمَهْرِ فِيهَا مُخَاطَرَةٌ مِنْ حَيْثُ تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ عَلَى مَوْتِهَا مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنَّهُ لَا يُعْلَمُ هَلْ يَكُونُ أَوْ لَا، لَكِنْ عَلِمْت أَنَّ الْوَصِيَّةَ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِمَا لَيْسَ فِيهِ مُخَاطَرَةٌ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَصِحَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ لَوْ كَانَتْ لِأَجْنَبِيٍّ مَعَ أَنَّ حَقِيقَةَ الْوَصِيَّةِ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَيَصِحُّ تَعْلِيقُهَا بِالْعِتْقِ كَمَا عَلِمَتْ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُخَاطَرَةُ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَعْلَمُ هَلْ تُجِيزُ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ أَوْ لَا أَوْ هَلْ يَكُونُ أَجْنَبِيًّا عَنْهَا وَقْتَ الْمَوْتِ حَتَّى تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ أَوْ لَا لَمْ يَبْقَ فَائِدَةٌ لِقَوْلِهَا مِنْ مَرَضِي هَذَا، وَيَلْزَمُ مِنْهُ صِحَّةُ التَّعْلِيقِ إذَا قَالَتْ إنْ مِتّ بِدُونِ قَوْلِهَا مِنْ مَرَضِي هَذَا وَيَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ فِي النَّهْرِ) حَيْثُ قَالَ بَعْدَ مَسْأَلَةِ الْمَهْرِ السَّابِقَةِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ أَجَازَتْهُ الْوَرَثَةُ يَصِحُّ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ كَوْنُهُ وَارِثًا اهـ. وَفِيهِ أَنَّ الْمَانِعَ كَوْنُهُ مُخَاطَرَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي عِبَارَةِ الْخَانِيَّةِ ط

(قَوْلُهُ وَعَزْلُ الْوَكِيلِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ عَزَلْتُك عَلَى أَنْ تُهْدِيَ إلَيَّ شَيْئًا، أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ عَيْنِيٌّ. قَالَ فِي الْبَحْرِ، تَعْلِيلُهُ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ لَا كَوْنَهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ. وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا خَطَأٌ أَيْضًا وَأَنَّهُ مِمَّا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ لَا مِمَّا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ اهـ مُلَخَّصًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ مَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ مَا كَانَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهَا بَلْ هُوَ مِنْ التَّقْيِيدَاتِ كَمَا مَرَّ فَيَبْطُلُ تَعْلِيقُهُ فَيَكُونُ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ فَلَمْ يَكُنْ ذِكْرُهُ هُنَا خَطَأً فَافْهَمْ، وَقَيَّدَ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ تُخَالِفُهُ حَيْثُ يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَالِاعْتِكَافُ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: عِنْدِي أَنَّ ذِكْرَهُ هُنَا خَطَأٌ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ اعْتِكَافُ شَهْرٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ ثُمَّ دَخَلَ لَزِمَهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا فَإِذَا صَحَّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَمْ يَبْطُلْ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: مَا جَازَ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لَمْ يَبْطُلْ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَكَيْفَ وَالْإِجْمَاعُ عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْمَنْذُورِ مِنْ الْعِبَادَاتِ أَيِّ عِبَادَةٍ كَانَتْ، حَتَّى أَنَّ الْوَقْفَ كَمَا يَأْتِي لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَلَوْ عَلَّقَ النَّذْرَ بِهِ بِشَرْطٍ صَحَّ التَّعْلِيقُ. وَفِي الْخَانِيَّةِ: الِاعْتِكَافُ سُنَّةٌ مَشْرُوعَةٌ يَجِبُ بِالنَّذْرِ وَالتَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ وَالشُّرُوعِ فِيهِ.

ثُمَّ قَالَ: وَأَجْمَعُوا أَنَّ النَّذْرَ لَوْ كَانَ مُعَلَّقًا قَالَ إنْ قَدِمَ غَائِبِي أَوْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فُلَانًا فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا فَعَجَّلَ شَهْرًا قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ فَهَذِهِ الْعِبَارَةُ دَالَّةٌ عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَهَذَا الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ مِمَّا أَخْطَئُوا فِيهِ وَالْخَطَأُ هُنَا أَقْبَحُ لِكَثْرَةِ الصَّرَائِحِ بِصِحَّةِ تَعْلِيقِهِ، وَأَنَا مُتَعَجِّبٌ لِكَوْنِهِمْ تَدَاوَلُوا هَذِهِ الْعِبَارَاتِ مُتُونًا وَشُرُوحًا وَفَتَاوَى، وَقَدْ يَقَعُ كَثِيرًا أَنَّ مُؤَلِّفًا يَذْكُرُ شَيْئًا خَطَأً فَيَنْقُلُونَهُ بِلَا تَنْبِيهٍ فَيَكْثُرُ النَّاقِلُونَ وَأَصْلُهُ لِوَاحِدٍ مُخْطِئٍ اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ. وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ نَفْسَ الِاعْتِكَافِ لَا يُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهُوَ مَرْدُودٌ بِمَا فِي هِبَةِ النِّهَايَةِ جُمْلَةُ مَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَعَدَّ مِنْهَا تَعْلِيقَ إيجَابِ الِاعْتِكَافِ بِالشَّرْطِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ مَا إذَا قَالَ أَوْجَبْت عَلَيَّ الِاعْتِكَافَ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ لَكِنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَتَدَبَّرْهُ اهـ. ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ كَلَامَهُمْ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى رِوَايَةٍ فِي الِاعْتِكَافِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا الْأَكْثَرُ اهـ.

قُلْت: وَفِيهِ نَظَرٌ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ مَا هُنَا مَذْكُورٌ فِي الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ وَالْفَتَاوَى، بَلْ الصَّوَابُ فِي الْجَوَابِ أَنَّهُ إذَا كَانَ كَلَامُهُمْ فِيمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُمْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الِاعْتِكَافِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَا بِمُطْلَقِ شَرْطٍ، وَإِذَا أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ تَعْلِيقَ الِاعْتِكَافِ بِشَرْطٍ مُلَائِمٍ كَإِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي صَحِيحٌ كَيْفَ يَصِحُّ حَمْلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>