للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنَّهُمَا لَيْسَا مِمَّا يَحْلِفُ بِهِ فَلَمْ يَجُزْ تَعْلِيقُهُمَا بِالشَّرْطِ، وَهَذَا فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَمَا بَسَطَهُ فِي النَّهْرِ، وَالصَّحِيحُ إلْحَاقُ الِاعْتِكَافِ بِالنَّذْرِ (وَالْمُزَارَعَةُ وَالْمُعَامَلَةُ) أَيْ الْمُسَاقَاةُ لِأَنَّهُمَا إجَارَةٌ (وَالْإِقْرَارُ)

ــ

[رد المحتار]

كَلَامِهِمْ هُنَا عَلَى مَا يُنَاقِضُهُ ثُمَّ يَعْتَرِضُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ أَخْطَئُوا وَتَدَاوَلُوا الْخَطَأَ حَتَّى لَا يَبْقَى لِأَحَدٍ ثِقَةٌ بِكَلَامِهِمْ الَّذِي يَتَوَافَقُونَ عَلَيْهِ، مَعَ أَنَّا نَرُدُّ عَلَى مَنْ خَرَجَ عَنْ كَلَامِهِمْ بِمَا يَتَدَاوَلُونَهُ فَإِنَّهُمْ قُدْوَتُنَا وَعُمْدَتُنَا شَكَرَ اللَّه سَعْيَهُمْ، بَلْ الْوَاجِبُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى وَفْقِ مَرَامِهِمْ، وَذَلِكَ كَمَا مَثَّلَ بِهِ فِي الْحَوَاشِي الْعَزْمِيَّةِ بِقَوْلِهِ فَسَادُ الِاعْتِكَافِ بِالشَّرْطِ، بِأَنْ قَالَ مَنْ عَلَيْهِ اعْتِكَافُ أَيَّامٍ نَوَيْت أَنْ أَعْتَكِفَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ لِأَجْلِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا أَصُومَ أَوْ أُبَاشِرَ امْرَأَتِي فِي الِاعْتِكَافِ أَوْ أَنْ أَخْرُجَ عَنْهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْت بِحَاجَةٍ أَوْ بِغَيْرِ حَاجَةٍ يَكُونُ الِاعْتِكَافُ فَاسِدًا وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ بِأَنْ يَقُولَ نَوَيْت أَنْ أَعْتَكِفَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ لَكِنْ هَذَا تَصْوِيرٌ لِنَفْسِ الِاعْتِكَافِ لَا لِإِيجَابِهِ فَيُصَوَّرُ إيجَابُهُ بِأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا بِشَرْطِ أَنْ لَا أَصُومَ إلَخْ أَوْ إنْ رَضِيَ زَيْدٌ، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الشُّرُوعَ فِيهِ مُوجِبٌ أَيْضًا، فَإِذَا شَرَعَ فِيهِ بِالنِّيَّةِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ الْفَاسِدِ لَمْ يَصِحَّ إيجَابُهُ فَافْهَمْ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى مَا أَلْهَمَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا لَيْسَا مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ) هَذَا صَحِيحٌ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ، أَمَّا الِاعْتِكَافُ فَيُحْلَفُ بِهِ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا عَلِمْت أَفَادَهُ ح.

(قَوْلُهُ وَالصَّحِيحُ إلْحَاقُ الِاعْتِكَافِ بِالنَّذْرِ) أَيْ فِي صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ بِالشَّرْطِ، وَهَذَا التَّصْحِيحُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ النَّهْرِ وَإِنْ كَانَتْ الْأُخْرَى هِيَ الَّتِي عَلَيْهَا الْأَكْثَرُ فَهُوَ ضَعِيفٌ لِلرِّوَايَةِ الَّتِي مَشَى عَلَيْهَا أَصْحَابُ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ، وَقَدْ عَلِمْت الْجَوَابَ الصَّوَابَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا إجَارَةٌ) فَيَكُونَانِ مُعَاوَضَةَ مَالٍ بِمَالٍ فَيَفْسُدَانِ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ، وَلَا يَجُوزُ تَعْلِيقُهُمَا بِالشَّرْطِ، كَمَا لَوْ قَالَ زَارَعْتُكَ أَرْضِي أَوْ سَاقَيْتُك كَرْمِي عَلَى أَنْ تُقْرِضَنِي أَلْفًا أَوْ إنْ قَدِمَ زَيْدٌ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ. قَالَ الرَّمْلِيُّ: وَبِهِ يُعْلَمُ فَسَادُ مَا يَقَعُ فِي بِلَادِنَا مِنْ الْمُزَارَعَةِ بِشَرْطِ مُؤْنَةِ الْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَوْ مِنْ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ وَالْإِقْرَارُ) بِأَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا إنْ أَقْرَضْتنِي كَذَا أَوْ إنْ قَدِمَ فُلَانٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ عَيْنِيٌّ. وَفِي الْمَبْسُوطِ: ادَّعَى عَلَيْهِ مَالًا فَقَالَ إنْ لَمْ آتِك بِهِ غَدًا فَهُوَ عَلَيَّ لَمْ يَلْزَمْهُ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ غَدًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ الْإِقْرَارِ بِالْخَطَرِ. وَفِيهِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ إنْ حَلَفَ أَوْ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ فَحَلَفَ فُلَانٌ وَجَحَدَ الْمُقِرُّ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْإِقْرَارَ بِشَرْطٍ فِيهِ خَطَرٌ، وَالتَّعْلِيقُ بِالشَّرْطِ يُخْرِجُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ إقْرَارًا اهـ بَحْرٌ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ عَلَى أَنْ يَحْلِفَ تَعْلِيقٌ لَا شَرْطٌ، لَكِنْ قَدْ يُطْلَقُ التَّعْلِيقُ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالشَّرْطِ. وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّ ظَاهِرَ الْإِطْلَاقِ دُخُولُ الْإِقْرَارِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ مِثْلَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنَا مُقِرٌّ بِطَلَاقِهَا أَوْ بِعِتْقِهِ فَلَا يَقَعُ، بِخِلَافِ تَعْلِيقِ الْإِنْشَاءِ، وَيَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّهُ لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِنْشَاءِ بِهِ وَقَعَ أَوْ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ لَمْ يَقَعْ. هَذَا. وَقَدْ حَكَى الزَّيْلَعِيُّ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ خِلَافًا فِي أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُعَلَّقَ بَاطِلٌ أَوْ لَا. وَنَقَلَ عَنْ الْمَبْسُوطِ مَا يَشْهَدُ لِصِحَّتِهِ فَظَاهِرُهُ تَصْحِيحُهُ وَالْحَقُّ تَضْعِيفُهُ لِتَصْرِيحِهِمْ هُنَا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ وَأَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ اهـ مُلَخَّصًا. وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ حَيْثُ اعْتَمَدَ عَلَى كَلَامِهِمْ هُنَا كَانَ عَلَيْهِ الْتِزَامُهُ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ وَالِاعْتِكَافِ. قُلْت: إنَّمَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ فِيهِمَا بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ مُخَالَفَتِهِ لِكَلَامِهِمْ، وَلَا يَلْزَمُ إطْرَادُهُ فِي بَاقِي الْمَسَائِلِ، نَعَمْ فِي كَوْنِ الْإِقْرَارِ مِمَّا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِبُطْلَانِهِ بِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِهِ هُنَا بُطْلَانُهُ لِمَا عَلِمْته مِمَّا مَرَّ مِرَارًا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْفُرُوعِ بَعْضُهُ مِمَّا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ وَبَعْضُهُ مِمَّا لَا يَبْطُلُ، فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْلٍ صَرِيحٍ، وَلَا سِيَّمَا وَقَدْ اقْتَصَرَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى ذِكْرِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فَلْيُرَاجَعْ

<<  <  ج: ص:  >  >>