للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا إذَا عَلَّقَهُ بِمَجِيءِ الْغَدِ أَوْ بِمَوْتِهِ فَيَجُوزُ وَيَلْزَمُهُ لِلْحَالِ عَيْنِيٌّ (وَالْوَقْفُ وَ) وَالرَّابِعَ عَشَرَ (التَّحْكِيمُ) كَقَوْلِ الْمُحَكِّمَيْنِ إذَا أَهَلَّ الشَّهْرُ فَاحْكُمْ بَيْنَنَا لِأَنَّهُ صُلْحٌ مَعْنًى، فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَا إضَافَتُهُ عِنْدَ الثَّانِي، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ وَبَقِيَ إبْطَالُ الْأَجَلِ. فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ

ــ

[رد المحتار]

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا عَلَّقَهُ بِمَجِيءِ الْغَدِ) كَقَوْلِهِ عَلَيَّ أَلْفٌ إذَا جَاءَ غَدٌ أَوْ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ أَفْطَرَ النَّاسُ، لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ بَلْ هُوَ دَعْوَى الْأَجَلِ إلَى الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَدَعْوَاهُ الْأَجَلَ لَا تُقْبَلُ إلَّا بِحُجَّةٍ زَيْلَعِيٌّ مِنْ كِتَابِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَوْتِهِ) مَثَّلَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إنْ مِتّ فَهُوَ عَلَيْهِ مَاتَ أَوْ عَاشَ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَعْلِيقٍ لِأَنَّ مَوْتَهُ كَائِنٌ لَا مَحَالَةَ بَلْ مُرَادُهُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهِ لِيَشْهَدُوا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا جَحَدَتْ الْوَرَثَةُ فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِلْإِقْرَارِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْوَقْفُ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُحْلَفُ بِهِ، فَلَوْ قَالَ إنْ قَدِمَ وَلَدِي فَدَارِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَجَاءَ وَلَدُهُ لَا تَصِيرُ وَقْفًا لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا جَزَمَ بِهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْإِسْعَافِ حَيْثُ قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ أَوْ رَأْسُ الشَّهْرِ أَوْ إذَا كَلَّمْت فُلَانًا أَوْ إذَا تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَأَرْضِي صَدَقَةٌ مَوْقُوفَةٌ يَكُونُ بَاطِلًا لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ وَالْوَقْفُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالْخَطَرِ. وَفِيهِ أَيْضًا: وَقَفَ أَرْضَهُ عَلَى أَنَّ لَهُ أَصْلَهَا أَوْ عَلَى أَنْ لَا يَزُولَ مِلْكُهُ عَنْهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَبِيعَ أَصْلَهَا وَيَتَصَدَّقَ بِثَمَنِهَا كَانَ الْوَقْفُ بَاطِلًا، وَحُكِيَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ عَدَمَ صِحَّةِ تَعْلِيقِهِ رِوَايَةٌ، وَالظَّاهِرُ ضَعْفُهَا لِجَزْمِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ بِهَا نَهْرٌ، وَصَوَابُهُ أَنْ يَقُولَ وَالظَّاهِرُ اعْتِمَادُهَا أَوْ ضَعْفُ مُقَابَلَتِهَا، اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلْحِكَايَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَحُكِيَ تَأَمَّلْ، وَمُقْتَضَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الْإِسْعَافِ ثَانِيًا أَنَّ الْوَقْفَ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ وَأَنَّ الْمُفْتَى بِهِ جَوَازُ شَرْطِ اسْتِبْدَالِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ الْمُصَنِّفِ لَهُ هُنَا أَنَّهُ مِمَّا يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ، بَلْ ذُكِرَ فِي الْعَزْمِيَّةِ أَنَّ قَاضِيَ خَانْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ.

وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا فِي الْإِسْعَافِ بِأَنَّ الشَّرْطَ الْفَاسِدَ لَا يُبْطِلُ عَقْدَ التَّبَرُّعِ إذَا لَمْ يَكُنْ مُوجِبُهُ نَقْضَ الْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ، فَإِنَّ اشْتِرَاطَ أَنْ تَبْقَى رَقَبَةُ الْأَرْضِ لَهُ أَوْ أَنْ لَا يَزُولَ مِلْكُهُ عَنْهَا أَوْ أَنْ يَبِيعَهَا بِلَا اسْتِبْدَالٍ نَقْضٌ لِلتَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ صُلْحٌ مَعْنًى) قَالَ فِي الدُّرَرِ فَإِنَّهُ تَوْلِيَةٌ صُورَةً وَصُلْحٌ مَعْنًى، إذْ لَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِتَرَاضِيهِمَا لِقَطْعِ الْخُصُومَةِ بَيْنَهُمَا فَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ صُلْحٌ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ وَلَا إضَافَتُهُ، وَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ تَوْلِيَةٌ يَصِحُّ فَلَا يَصِحُّ بِالشَّكِّ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَفْسُدُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُبَادَلَةَ مَالٍ بِمَالٍ (قَوْلُهُ عِنْدَ الثَّانِي) وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَجُوزُ كَالْوَكَالَةِ وَالْإِمَارَةِ وَالْقَضَاءِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ كَمَا فِي قَضَاءِ الْخَانِيَّةِ) وَمِثْلُهُ فِي بُيُوعِ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ إبْطَالُ الْأَجَلِ) بَقِيَ أَيْضًا تَعَلُّقُ الْكَفَالَةِ بِشَرْطٍ غَيْرِ مُلَائِمٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْإِقَالَةُ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهَا، وَيَأْتِي مِثَالُهُ، وَالْكِتَابَةُ بِشَرْطٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ قَرِيبًا، وَالْعَفْوُ عَنْ الْقَوَدِ وَالْإِعَارَةِ فَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَالَ لِلْقَاتِلِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ عَفَوْتُك عَنْ الْقَوَدِ لَا يَصِحُّ لِمَعْنَى التَّمْلِيكِ. قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ أَعَرْتُك تَبْطُلُ لِأَنَّهَا تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ، وَقِيلَ تَجُوزُ كَالْإِجَارَةِ، وَقِيلَ تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ؛ وَلَوْ قَالَ أَعَرْتُك غَدًا تَصِحُّ الْعَارِيَّةُ اهـ.

وَبَقِيَ أَيْضًا عَزْلُ الْقَاضِي فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا يَأْتِي، وَسَيَذْكُرُ الشَّارِحُ أَنَّ مَا لَا تَصِحُّ إضَافَتُهُ لَا يُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ فَفِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ) بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا حَلَّ نَجْمٌ وَلَمْ تُؤَدِّ فَالْمَالُ حَالٌّ صَحَّ وَصَارَ حَالًّا هَكَذَا عِبَارَةُ الْبَزَّازِيَّةِ. وَاعْتَرَضَهَا فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهَا سَهْوٌ ظَاهِرٌ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَبَقِيَ الْأَجَلُ فَكَيْفَ يَقُولُ صَحَّ. وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ: وَإِبْطَالُ الْأَجَلِ يَبْطُلُ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ؛ وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا حَلَّ نَجْمٌ إلَخْ فَجَعَلَهَا مَسْأَلَةً أُخْرَى وَهُوَ الصَّوَابُ اهـ. وَذَكَرَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ أَنَّ الْعِبَارَتَيْنِ مُشْكِلَتَانِ، وَأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْأَجَلَ يَبْطُلُ، وَأَنَّهُ إذَا عَلَّقَ عَلَى شَرْطٍ فَاسِدٍ كَعَدَمِ أَدَاءِ نَجْمٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ يَبْطُلُ بِهِ الْأَجَلُ فَيَصِيرُ الْمَالُ حَالًّا اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>