للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْتَدُّ بِهِ

(خَلَطَتْ) امْرَأَةٌ أَمَرَهَا زَوْجُهَا بِأَدَاءِ فِطْرَتِهِ (حِنْطَتَهُ بِحِنْطَتِهَا بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ وَدَفَعَتْ إلَى فَقِيرٍ جَازَ عَنْهَا لَا عَنْهُ) لِمَا مَرَّ أَنَّ الِانْخِلَاطَ عِنْدَ الْإِمَامِ اسْتِهْلَاكٌ يَقْطَعُ حَقَّ صَاحِبِهِ وَعِنْدَهُمَا لَا يَقْطَعُ فَيَجُوزُ إنْ أَجَازَ الزَّوْجُ ظَهِيرِيَّةٌ وَلَوْ بِالْعَكْسِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: لَمْ أَرَهُ، وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ جَوَازُهُ عَنْهُمَا بِلَا إجَازَتِهَا

(وَلَا يَبْعَثُ الْإِمَامُ عَلَى صَدَقَةِ الْفِطْرِ سَاعِيًا) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَفْعَلْهُ بَدَائِعُ.

(وَصَدَقَةُ الْفِطْرِ كَالزَّكَاةِ فِي الْمَصَارِفِ) وَفِي كُلِّ حَالٍ (إلَّا فِي) جَوَازِ (الدَّفْعِ إلَى الذِّمِّيِّ) وَعَدَمِ سُقُوطِهَا بِهَلَاكِ الْمَالِ وَقَدْ مَرَّ

(وَلَوْ دَفَعَ صَدَقَةَ فِطْرِهِ إلَى زَوْجَةِ عَبْدِهِ جَازَ) وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَتُهَا عَلَيْهِ عُمْدَةُ الْفَتَاوَى لِلشَّهِيدِ. [خَاتِمَةٌ] وَاجِبَاتُ الْإِسْلَامِ سَبْعَةٌ: الْفِطْرَةُ، وَنَفَقَةُ ذِي رَحِمٍ، وَوِتْرٌ وَأُضْحِيَّةٌ، وَعُمْرَةٌ وَخِدْمَةُ أَبَوَيْهِ، وَالْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا حَدَّادِيٌّ.

ــ

[رد المحتار]

وَيَتَحَصَّلُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ الدَّفْعَ إلَى مُتَعَدِّدٍ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا كَكَرَاهَةِ التَّأْخِيرِ، إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ النَّاسُ عَنْ الْيَوْمِ لَمْ يَحْصُلْ الْإِغْنَاءُ أَصْلًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَرَّقُوا لِحُصُولِ الْإِغْنَاءِ بِالْجُمُوعِ كَمَا عَلَّلَ بِهِ الْكَرْخِيُّ فَلَمْ يَكُنْ مُخَالِفًا لِأَمْرِ النَّدْبِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لِلْمَجْمُوعِ لَا لِلْأَفْرَادِ بِقَرِينَةِ أَنَّ ذَا الْعِيَالِ لَا يَسْتَغْنِي بِفِطْرَةِ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَلَا يُؤْمَرُ ذَلِكَ الْوَاحِدُ بِإِغْنَائِهِ تَأَمَّلْ. وَمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّهُ بِالتَّأْخِيرِ يَكُونُ قَاضِيًا لَا مُؤَدِّيًا فَيَأْثَمُ لِلْحَدِيثِ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ الْفَتْحِ وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ الْبَابِ تَرْجِيحَ خِلَافِهِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ: يُعْتَدُّ بِهِ) تَصْحِيحٌ لِنَفْيِ الْمُصَنِّفِ الْخِلَافَ تَبَعًا لِلْبَحْرِ بِأَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ خِلَافٍ خَاصٍّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ بِالْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِقَوْلِهِ وَيَجُوزُ أَخْذُ وَاحِدٍ مِنْ جَمْعٍ وَدَفْعُ وَاحِدٍ لِجَمْعٍ عَلَى الصَّحِيحِ فِيهِمَا. اهـ.

قُلْت: وَلَعَلَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ هُنَا مَا إذَا خَلَطَ الْجَمَاعَةُ صَدَقَاتِهِمْ وَدَفَعُوهَا لِوَاحِدٍ أَمَّا لَوْ دَفَعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ لِلْوَاحِدِ فَيَبْعُدُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَمَرَهَا زَوْجُهَا) أَفَادَ أَنَّهَا إنْ أَدَّتْ عَنْهُ بِدُونِ إذْنِهِ لَمْ يُجْزِهِ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ) أَمَّا لَوْ بِإِذْنِهِ لَا تَمْلِكُهُ بِالْخَلْطِ فَيُجْزِئُ عَنْهُ ط (قَوْلُهُ: لَا عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهَا بِالدَّفْعِ مِنْ مَالِهِ وَقَدْ مَلَكَتْهُ بِالْخَلْطِ بِدُونِ إذْنِهِ فَكَانَتْ مُتَبَرِّعَةً وَلَزِمَهَا ضَمَانُ حِنْطَتِهِ.

قُلْت: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُجِزْ الزَّوْجُ مَا فَعَلَتْ أَوْ لَمْ تُوجَدْ دَلَالَةُ الْإِذْنِ لِمَا فِي الْفَصْلِ التَّاسِعِ مِنْ زَكَاةِ التَّتَارْخَانِيَّة: دَفَعَ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ دَرَاهِمَ يَتَصَدَّقُ بِهَا عَنْ زَكَاتِهِمَا فَخَلَطَهَا ثُمَّ دَفَعَهَا ضَمِنَ إلَّا إذَا جَدَّدَ الْإِذْنَ أَوْ أَجَازَ الْمَالِكَانِ أَوْ وَجَدَ دَلَالَةَ الْإِذْنِ بِالْخَلْطِ كَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِذْنِ مِنْ أَرْبَابِ الْحِنْطَةِ بِخَلْطِ ثَمَنِ الْغَلَّاتِ، وَكَذَا الطَّحَّانُ ضَمِنَ إذَا خَلَطَ حِنْطَةَ النَّاسِ إلَّا فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ مَأْذُونًا بِالْخَلْطِ عُرْفًا اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ بَابِ زَكَاةِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ إنْ أَجَازَ الزَّوْجُ) أَيْ يَجُوزُ عَنْهُ أَيْضًا وَلَا حَاجَةَ إلَى التَّقْيِيدِ بِالْإِجَازَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ أَوَّلًا أَمَرَهَا زَوْجُهَا أَلَّا يُقَالَ إنَّهُ إشَارَةٌ إلَى الْجَوَازِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْأَمْرُ ابْتِدَاءً لَكِنْ لَا بُدَّ فِي جَوَازِ الْإِجَازَةِ مِنْ كَوْنِ الْحِنْطَةِ قَائِمَةً فِي يَدِ الْفَقِيرِ.

فَفِي التَّتَارْخَانِيَّة سَأَلَ الْبَقَّالِيُّ عَمَّنْ تَصَدَّقَ بِطَعَامِ الْغَيْرِ عَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَالَ تَوَقَّفَتْ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ فَتُعْتَبَرُ شَرَائِطُهَا مِنْ قِيَامِ الْعَيْنِ وَنَحْوِهِ فَإِنْ لَمْ يُجِزْ ضَمِنَ اهـ وَفِيهَا مِنْ الْفَصْلِ التَّاسِعِ أَيْضًا عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ تَصَدَّقَ بِمَالِهِ عَنْ رَجُلٍ بِلَا أَمَرَهُ جَازَ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنْ أَجَازَهُ الرَّجُلُ وَلَوْ بِمَالِ الرَّجُلِ، فَإِنْ أَجَازَهُ وَالْمَالُ قَائِمٌ جَازَ عَنْهُ، وَلَوْ هَالِكًا جَازَ عَنْ الْمُتَطَوِّعِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ أَمَرَتْهُ بِأَدَاءِ فِطْرَتِهَا فَخَلَطَ حِنْطَتَهَا بِحِنْطَتِهِ ط (قَوْلُهُ: وَمُقْتَضَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ أَدَّى عَنْهَا بِلَا إذْنٍ أَجْزَأَ اسْتِحْسَانًا لِلْإِذْنِ عَادَةً فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَدَائِهِ عَنْهَا مِنْ مَالِهِ وَإِذَا خَلَطَ حِنْطَتَهَا بِحِنْطَتِهِ فِي مَسْأَلَتِنَا صَارَتْ مِلْكَهُ فَيَجُوزُ عَنْهُ وَعَنْهَا، وَمِثْلُهُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَغَيْرِهِمَا رَجُلٌ لَهُ أَوْلَادٌ وَامْرَأَةٌ كَالَ الْحِنْطَةَ لِأَجْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَتَّى يُعْطِيَ صَدَقَةَ الْفِطْرِ ثُمَّ جَمَعَ وَدَفَعَ إلَى الْفَقِيرِ بِنِيَّتِهِمْ يَجُوزُ عَنْهَا. اهـ.

قُلْت: لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّ دَفْعَهَا الْحِنْطَةَ إلَيْهِ مِنْ مَالِهَا قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهَا أَرَادَتْ أَدَاءَ الْفِطْرَةِ مِنْ مَالِهَا لِتَنَالَ فَضِيلَةَ صَدَقَةٍ وَذَلِكَ يُنَافِي إذْنَهَا لَهُ عَادَةً بِالدَّفْعِ مِنْ مَالِهِ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْجَوَازِ حَيْثُ أَرَادَتْ ذَلِكَ.

[تَنْبِيهٌ] مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْجَمْعِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إفْرَازُ كُلِّ فِطْرَةٍ عَنْ غَيْرِهَا عِنْدَ الدَّفْعِ وَلَكِنْ لِيُنْظَرَ أَنَّ الْإِفْرَازَ أَوَّلًا شَرْطٌ أَمْ لَا بَلْ يَكْفِيهِ دَفْعُ مُدٍّ شَامِيٍّ مَثَلًا جُمْلَةً وَاحِدَةً عَنْ أَرْبَعَةٍ وَيَكُونُ قَوْلُهُ كَالَ الْحِنْطَةَ إلَخْ بَيَانًا لِلْوَاقِعِ لَمْ أَرَهُ وَيَنْبَغِي الثَّانِي لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِيمَا لَوْ أَرَادَ دَفْعَ قِيمَةِ الْحِنْطَةِ وَعَنْ عِيَالِهِ وَالْأَحْوَطُ

<<  <  ج: ص:  >  >>