للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجُوزُ تَرْكُ الْخَرَاجِ لِلْمَالِكِ لَا الْعُشْرِ، وَسَيَجِيءُ تَمَامُهُ مَعَ بَيَانِ بُيُوتِ الْمَالِ وَمَصَارِفِهَا فِي الْجِهَادِ وَنَظَمَهَا ابْنُ الشِّحْنَةِ فَقَالَ:

بُيُوتُ الْمَالِ أَرْبَعَةٌ لِكُلِّ ... مَصَارِفِ بَيِّنَتُهَا الْعَالِمُونَا

فَأَوَّلُهَا الْغَنَائِمُ وَالْكُنُوزُ ... رِكَازٌ بَعْدَهَا الْمُتَصَدِّقُونَا

ــ

[رد المحتار]

عَلَيْهِمْ لِمَصْلَحَةٍ لَهُمْ فَالْجَوَابُ هَكَذَا حَتَّى أُجْرَةُ الْحَرَّاسِينَ لِحِفْظِ الطَّرِيقِ وَاللُّصُوصِ وَنَصْبِ الدُّرُوبِ وَأَبْوَابِ السِّكَكِ وَهَذَا يُعْرَفُ وَلَا يُعْرَفُ خَوْفُ الْفِتْنَةِ ثُمَّ قَالَ: فَعَلَى هَذَا مَا يُؤْخَذُ فِي خُوَارِزْمَ مِنْ الْعَامَّةِ لِإِصْلَاحِ مُسَنَّاةِ الْجَيْحُونِ أَوْ الرُّبَضِ وَنَحْوِهِ مِنْ مَصَالِحِ الْعَامَّةِ دَيْنٌ وَاجِبٌ لَا يَجُوزُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ، وَلَيْسَ بِظُلْمٍ وَلَكِنْ يُعْلَمُ هَذَا الْجَوَابُ لِلْعَمَلِ بِهِ وَكَفِّ اللِّسَانِ عَنْ السُّلْطَانِ وَسَعَاتِهِ فِيهِ لَا لِلتَّشْهِيرِ حَتَّى لَا يَتَجَاسَرُوا فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ اهـ.

قُلْت: وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَا يَكْفِي لِذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ الْجُعْلُ إنْ وُجِدَ فَيْءٌ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ تَرْكُ الْخَرَاجِ لِلْمَالِكِ إلَخْ) سَيَأْتِي الْجِهَادُ مَتْنًا وَشَرْحًا مَا نَصُّهُ تَرَكَ السُّلْطَانُ أَوْ نَائِبُهُ الْخَرَاجَ لِرَبِّ الْأَرْضِ أَوْ وَهَبَهُ وَلَوْ بِشَفَاعَةٍ جَازَ عِنْدَ الثَّانِي وَحَلَّ لَهُ لَوْ مَصْرِفًا وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ بِهِ يُفْتَى وَمَا فِي الْحَاوِي مِنْ تَرْجِيحِ حِلِّهِ لِغَيْرِ الْمَصْرِفِ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَلَوْ تَرَكَ الْعُشْرَ لَا يَجُوزُ إجْمَاعًا وَيُخْرِجُهُ بِنَفْسِهِ لِلْفُقَرَاءِ سِرَاجٌ خِلَافًا لِمَا فِي قَاعِدَةِ: تَصَرُّفُ الْإِمَامِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ مِنْ الْأَشْبَاهِ مَعْزِيًّا لِلْبَزَّازِيَّةِ فَتَنَبَّهْ. اهـ.

قُلْت: وَاَلَّذِي فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ إذَا تَرَكَ الْعُشْرَ لِمَنْ عَلَيْهِ جَازَ غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ لَهُ فَقِيرًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى السُّلْطَانِ وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ السُّلْطَانُ الْعُشْرَ لِلْفُقَرَاءِ مِنْ بَيْتِ مَالِ الْخَرَاجِ لِبَيْتِ مَالِ الصَّدَقَةِ اهـ.

قُلْت: وَمَا فِي الْأَشْبَاهِ ذُكِرَ مِثْلُهُ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ: لَوْ غَنِيًّا كَانَ لَهُ جَائِزَةٌ مِنْ السُّلْطَانِ، وَيَضْمَنُ مِثْلَهُ مِنْ بَيْتِ الْخَرَاجِ لِبَيْتِ الصَّدَقَةِ وَلَوْ فَقِيرًا كَانَ صَدَقَةً عَلَيْهِ فَيَجُوزُ كَمَا لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ ثُمَّ صَرَفَهُ إلَيْهِ وَلِذَا قَالُوا بِأَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَخَذَ الزَّكَاةَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ فَافْتَقَرَ قَبْلَ صَرْفِهَا لِلْفُقَرَاءِ كَانَ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهَا إلَيْهِ كَمَا يَصْرِفُهَا إلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَنَظَمَهَا ابْنُ الشِّحْنَةِ) هُوَ مُحَمَّدٌ وَالِدُ شَارِحِ الْمَنْظُومَةِ عَبْدُ الْبِرِّ وَالنَّظْمُ مِنْ بَحْرِ الْوَافِرِ.

مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ بُيُوتِ الْمَالِ وَمَصَارِفِهَا (قَوْلُهُ: بُيُوتُ الْمَالِ أَرْبَعَةٌ) سَيَأْتِي فِي آخِرِ فَصْلِ الْجِزْيَةِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ نَوْعٍ بَيْتًا يَخُصُّهُ وَلَهُ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مِنْ أَحَدِهَا لِيَصْرِفَهُ لِلْآخَرِ وَيُعْطِيَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْفِقْهِ وَالْفَضْلِ فَإِنْ قَصَّرَ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ حَسِيبًا. اهـ.

وَقَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي رِسَالَتِهِ: ذَكَرُوا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْهَا بَيْتًا يَخُصُّهُ، وَلَا يَخْتَلِطُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، وَأَنَّهُ إذَا احْتَاجَ إلَى مَصْرِفِ خِزَانَةٍ وَلَيْسَ فِيهَا مَا يَفِي بِهِ يَسْتَقْرِضُ مِنْ خِزَانَةٍ غَيْرِهَا، ثُمَّ إذَا حَصَلَ لِلَّتِي اسْتَقْرَضَ لَهَا مَالٌ يُرَدُّ إلَى الْمُسْتَقْرِضِ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَصْرُوفُ مِنْ الصَّدَقَاتِ أَوْ خُمُسِ الْغَنَائِمِ عَلَى أَهْلِ الْخَرَاجِ وَهُمْ فُقَرَاءُ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا لِاسْتِحْقَاقِهِمْ لِلصَّدَقَاتِ بِالْفَقْرِ وَكَذَا فِي غَيْرِهِ إذَا صَرَفَهُ إلَى الْمُسْتَحِقِّ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِكُلٍّ مَصَارِفُ) أَيْ لِكُلِّ بَيْتٍ مَحَلَّاتٌ يُصْرَفُ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَأَوَّلُهَا الْغَنَائِمُ إلَخْ) أَيْ أَوَّلُ الْأَرْبَعَةِ بَيْتُ أَمْوَالِ الْغَنَائِمِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ ط وَيُسَمَّى هَذَا بَيْتَ مَالِ الْخُمُسِ أَيْ خُمُسِ الْغَنَائِمِ وَالْمَعَادِنِ وَالرِّكَازِ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فَقَوْلُهُ الرِّكَازُ وَفِي نُسْخَةٍ " رِكَازٌ " مُنَوَّنًا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ بِحَذْفِ حَرْفِ الْعَطْفِ (قَوْلُهُ: وَبَعْدَهَا الْمُتَصَدِّقُونَا) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ وَالْأَوْلَى وَبَعْدَهُ بِالتَّذْكِيرِ أَيْ بَعْدَ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ أَوَّلَهَا اكْتَسَبَ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ

<<  <  ج: ص:  >  >>