أَوْ مِنْ قَصَبَةِ أَنْفٍ لَمْ يُقَدْ لِامْتِنَاعِ حِفْظِ الْمُمَاثَلَةِ وَهِيَ الْأَصْلُ فِي جَرَيَانِ الْقِصَاصِ (وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ أَكْبَرَ مِنْهَا) لِاتِّحَادِ الْمَنْفَعَةِ (وَكَذَا) الْحُكْمُ فِي (الرِّجْلِ وَالْمَارِنِ وَالْأُذُنِ، وَ) كَذَا (عَيْنٌ ضُرِبَتْ فَزَالَ ضَوْءُهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ) غَيْرُ مُنْخَسِفَةٍ (فَيُجْعَلُ عَلَى وَجْهِهِ قَطَنٌ رَطْبٌ وَتُقَابَلُ عَيْنُهُ بِمِرْآةٍ مُحْمَاةٍ، وَلَوْ قُلِعَتْ لَا) قِصَاصَ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ.
وَفِي الْمُجْتَبَى: فَقَأَ الْيُمْنَى وَيُسْرَى الْفَاقِئِ ذَاهِبَةٌ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَتُرِكَ أَعْمَى. وَعَنْ الثَّانِي لَا قَوَدَ فِي فَقْءِ عَيْنٍ حَوْلَاءَ
ــ
[رد المحتار]
الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا يَكُونُ مِنْ الْمَفْصِلِ (قَوْلُهُ أَوْ قَصَبَةِ أَنْفٍ) أَتَى بِمِنْ عَطْفًا عَلَى مِنْ الْأُولَى لَا عَلَى سَاعِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِقَطْعِ الْقَصَبَةِ كُلِّهَا أَوْ نِصْفِهَا؛ لِأَنَّهَا عَظْمٌ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ (قَوْلُهُ لِامْتِنَاعِ حِفْظِ الْمُمَاثَلَةِ) لِأَنَّهُ قَدْ يَكْسِرُ زِيَادَةً مِنْ عُضْوِ الْجَانِي أَوْ يَقَعُ خَلَلٌ فِيهِ زَائِدٌ ط (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ أَكْبَرَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمَقْطُوعَةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا شَجَّهُ مُوضِحَةً فَأَخَذَتْ الشَّجَّةُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الْمَشْجُوجِ وَلَا تَأْخُذُ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّاجِّ لِكِبَرِ رَأْسِهِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ الْكِبَرُ، وَخُيِّرَ الْمَشْجُوجُ بَيْنَ الِاقْتِصَاصِ بِمِقْدَارِ شَجَّتِهِ وَبَيْنَ أَخْذِ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ، لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي ذَلِكَ الشَّيْنُ، وَبِالِاقْتِصَاصِ بِمِقْدَارِهَا يَكُونُ الشَّيْنُ فِي الثَّانِيَةِ أَقَلَّ، وَبِأَخْذِهِ مَا بَيْنَ قَرْنَيْ الشَّاجِّ زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ فَانْتَفَتْ الْمُمَاثَلَةُ صُورَةً وَمَعْنًى، فَإِنْ شَاءَ اسْتَوْفَاهَا مَعْنًى وَهُوَ بِمِقْدَارِ شَجَّتِهِ وَيَتْرُكُ الصُّورَةَ؛ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ أَرْشَهَا. أَمَّا الْيَدُ الْكَبِيرَةُ وَالصَّغِيرَةُ فَمَنْفَعَتُهُمَا لَا تَخْتَلِفُ عِنَايَةٌ وَغَيْرُهَا، وَقُيِّدَ بِالْكِبَرِ لِأَنَّهُ لَا تُقْطَعُ الصَّحِيحَةُ بِالشَّلَّاءِ وَلَا الْيَمِينُ بِالْيُسْرَى وَعَكْسُهُ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَيَأْتِي تَمَامُهُ (قَوْلُهُ وَالْمَارِنِ) هُوَ مَا لَانَ مِنْ الْأَنْفِ، وَاحْتُرِزَ بِهِ عَنْ الْقَصَبَةِ كَمَا مَرَّ. قَالَ ط: وَإِذَا قُطِعَ بَعْضُهُ لَا يَجِبُ ذَخِيرَةٌ. وَفِي الْأَرْنَبَةِ حُكُومَةُ عَدْلٍ عَلَى صَحِيحِ خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ؛ وَإِنْ كَانَ أَنْفُ الْقَاطِعِ أَصْغَرَ خُيِّرَ الْمَقْطُوعُ أَنْفُهُ الْكَبِيرُ إنْ شَاءَ قَطَعَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْشَ مُحِيطٌ. وَكَذَا إذَا كَانَ قَاطِعُ الْأَنْفِ أَخْشَمَ لَا يَجِدُ الرِّيحَ، أَوْ أَصْرَمَ الْأَنْفِ أَوْ بِأَنْفِهِ نُقْصَانٌ مِنْ شَيْءٍ أَصَابَهُ فَإِنَّ الْمَقْطُوعَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَطْعِ وَبَيْنَ أَخْذِ دِيَةِ أَنْفِهِ ظَهِيرِيَّةٌ اهـ (قَوْلُهُ وَالْأُذُنِ) أَيْ كُلِّهَا؛ وَكَذَا بَعْضُهَا إنْ كَانَ لِلْقَطْعِ حَدٌّ يُعْرَفُ تُمْكِنُ فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ وَإِلَّا سَقَطَ الْقِصَاصُ إتْقَانِيٌّ، وَلَوْ كَانَتْ أُذُنُ الْقَاطِعِ صَغِيرَةً أَوْ خَرْقَاءَ أَوْ مَشْقُوقَةً وَالْمَقْطُوعَةُ كَبِيرَةً أَوْ سَالِمَةً خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، إنْ شَاءَ قَطَعَ وَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ نِصْفَ الدِّيَةِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَقْطُوعَةُ نَاقِصَةً كَانَ لَهُ حُكُومَةُ عَدْلٍ تَتَارْخَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا عَيْنٌ إلَخْ) وَلَوْ كَبِيرَةً بِصَغِيرَةٍ وَعَكْسُهُ، وَكَذَا يُقْتَصُّ مِنْ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى لَا بِالْعَكْسِ بَلْ فِيهِ الدِّيَةُ خِلَافًا لِلْخَانِيَّةِ. وَلَوْ ذَهَبَ بَيَاضُهَا ثُمَّ أَبْصَرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَيْ إنْ عَادَ كَمَا كَانَ، فَلَوْ دُونَهُ فَحُكُومَةٌ كَمَا لَوْ ابْيَضَّتْ مَثَلًا كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الذَّخِيرَةِ دُرٌّ مُنْتَقًى.
أَقُولُ: قَوْلُهُ وَكَذَا يُقْتَصُّ إلَخْ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ خِلَافُهُ. وَاَلَّذِي فِي الْخَانِيَّةِ هُوَ مَا يَذْكُرُهُ عَنْ الْمُجْتَبَى قَرِيبًا. وَفِي الْجَوْهَرَةِ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا تُؤْخَذُ الْعَيْنُ الْيُمْنَى بِالْيُسْرَى وَلَا الْيُسْرَى بِالْيُمْنَى اهـ وَيَأْتِي تَمَامُهُ قَرِيبًا فَتَنَبَّهْ (قَوْلُهُ فَزَالَ ضَوْءُهَا) قَالَ بَعْضُهُمْ: يُعْرَفُ ذَلِكَ إذَا أَخْبَرَ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ ابْنُ مُقَاتِلٍ بِأَنْ لَا تَدْمَعَ إذَا قُوبِلَتْ مَفْتُوحَةً لِلشَّمْسِ (قَوْلُهُ فَيُجْعَلُ إلَخْ) هَذِهِ الْحَادِثَةُ وَقَعَتْ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَشَاوَرَ الصَّحَابَةَ فَلَمْ يُجِيبُوهُ حَتَّى جَاءَ عَلِيٌّ وَقَضَى بِالْقِصَاصِ وَبَيَّنَ هَكَذَا وَلَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ فَاتَّفَقُوا عَلَيْهِ مِعْرَاجٌ (قَوْلُهُ بِمِرْآةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَمَدِّ الْهَمْزَةِ: آلَةُ الرُّؤْيَةِ. وَرَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا فُولَاذٌ صَقِيلٌ يُرَى بِهِ الْوَجْهُ لَا الْمِرْآةُ الْمَعْرُوفَةُ مِنْ الزُّجَاجِ
(قَوْلُهُ وَعَنْ الثَّانِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُجْتَبَى: وَلَوْ فَقَأَ عَيْنًا حَوْلَاءَ وَالْحَوَلُ لَا يَضُرُّ بِبَصَرِهِ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَإِلَّا فَفِيهِ حُكُومَةُ عَدْلٍ. عَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا قِصَاصَ فِي فَقْءِ الْعَيْنِ الْحَوْلَاءِ مُطْلَقًا اهـ. وَظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي الْخَانِيَّةِ نَقْلًا عَنْ أَبِي الْحَسَنِ، لَكِنْ قَالَ قَبْلَهُ بِوَرَقَةٍ: وَلَا قِصَاصَ فِي عَيْنِ الْأَحْوَلِ، وَظَاهِرُهُ الْإِطْلَاقُ، وَعَادَتُهُ تَقْدِيمُ مَا هُوَ الْأَشْهَرُ فَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الشَّارِحُ، وَكَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ الْمَيْلُ إلَيْهِ فَافْهَمْ.
[تَنْبِيهٌ] ضَرَبَ عَيْنَ إنْسَانٍ فَابْيَضَّتْ بِحَيْثُ لَا يُبْصِرُ بِهَا لَا قِصَاصَ فِيهِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ فَقَأَ عَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute