للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَمَهْرُ الْأَمَةِ بِقَدْرِ الرَّغْبَةِ فِيهَا

(وَيُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي ثُبُوتِ مَهْرِ الْمِثْلِ لِمَا ذُكِرَ (إخْبَارُ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَفْظُ الشَّهَادَةِ) فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ شُهُودٌ عُدُولٌ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ بِيَمِينِهِ، وَمَا فِي الْمُحِيطِ مِنْ أَنَّ لِلْقَاضِي فَرْضَ الْمَهْرِ حَمَلَهُ فِي النَّهْرِ عَلَى مَا إذَا رَضِيَا بِذَلِكَ

ــ

[رد المحتار]

كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ

(قَوْلُهُ وَمَهْرُ الْأَمَةِ إلَخْ) قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ أَوَّلَ الْبَابِ. قَالَ ح: دَخَلَ فِي إطْلَاقِهِ مَا إذَا كَانَ لَهَا قَوْمُ أَبٍ، كَمَا إذَا تَزَوَّجَ حُرٌّ أَمَةَ رَجُلٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ الْحُرِّيَّةَ فَبِنْتُهُ أَمَةٌ، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا لَكِنْ خَالَفَتْهُمْ فِي الْحُرِّيَّةِ فَلَمْ تَحْصُلْ الْمُمَاثَلَةُ

(قَوْلُهُ أَيْ فِي ثُبُوتِ مَهْرِ الْمِثْلِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ فِيهِ عَائِدٌ إلَى مَهْرِ الْمِثْلِ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ وَهُوَ ثُبُوتٌ (قَوْلُهُ لِمَا ذُكِرَ) عِلَّةٌ لِثُبُوتِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَالْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ الْمُمَاثَلَةُ سِنًّا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَمْرَيْنِ: الْمُمَاثَلَةِ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ مَهْرَ الْأُولَى كَانَ كَذَا ح. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِمَا ذُكِرَ، فَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ: أَيْ لِثُبُوتِهِ بِسَبَبِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْأَوْصَافِ (قَوْلُهُ شُهُودٌ عُدُولٌ) أَشَارَ إلَى اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ مَعَ الْعَدَدِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إثْبَاتُ الْمَالِ وَالشَّرْطُ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلزَّوْجِ) لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلزِّيَادَةِ الَّتِي تَدَّعِيهَا الْمَرْأَةُ (قَوْلُهُ وَمَا فِي الْمُحِيطِ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُنْتَقَى، وَهُوَ مَا مَرَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَبَيْنَ مَا فِي الْمُحِيطِ حَيْثُ قَالَ: فَإِنْ فَرَضَ الْقَاضِي أَوْ الزَّوْجُ بَعْدَ الْعَقْدِ جَازَ، لِأَنَّهُ يَجْرِي ذَلِكَ مَجْرَى التَّقْدِيرِ لِمَا وَجَبَ بِالْعَقْدِ مِنْ مَهْرِ الْمِثْلِ زَادَ أَوْ نَقَصَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى الْوَاجِبِ صَحِيحَةٌ وَالْحَطُّ عَنْهُ جَائِزٌ اهـ.

وَوَجْهُ الْمُخَالَفَةِ أَنَّ ظَاهِرَ مَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقَضَاءُ بِمَهْرٍ بِدُونِ الشَّهَادَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ مِنْ الزَّوْجِ. وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مَا فِي الْمُحِيطِ يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا رَضِيَا بِذَلِكَ وَإِلَّا فَالزِّيَادَةُ عَلَى مَهْرِ الْمِثْلِ عِنْدَ إبَائِهِ وَالنَّقْصُ عَنْهُ عِنْدَ إبَائِهَا لَا يَجُوزُ. اهـ.

أَقُولُ: قَدَّمْنَا عَنْ الْبَدَائِعِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَمَا فُرِضَ بَعْدَ الْعَقْدِ أَوْ زِيدَ لَا يُنَصَّفُ أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يَجِبُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ طَلَبَتْ الْفَرْضَ مِنْ الزَّوْجِ يَلْزَمُهُ، وَلَوْ امْتَنَعَ يُجْبِرُهُ الْقَاضِي عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ نَابَ مَنَابَهُ فِي الْفَرْضِ اهـ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْمُرَادَ فَرْضُ مَهْرِ الْمِثْلِ وَإِنْ فَرَضَ الْقَاضِي عِنْدَ عَدَمِ التَّرَاضِي، فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ مَا فِي الْمُحِيطِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ. وَأَمَّا قَوْلُ الْمُحِيطِ زَادَ أَوْ نَقَصَ إلَخْ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى صُورَةِ فَرْضِ الزَّوْجِ إذَا رَضِيَتْ بِهَا. وَبَيَانُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهٍ تَنْدَفِعُ بِهِ الْمُخَالَفَةُ أَنَّك قَدْ عَلِمْت أَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ إنَّمَا يَجِبُ بِالنَّظَرِ إلَى مَنْ يُسَاوِيهَا مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا، وَقَدْ عَلِمْت أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ، فَإِذَا تَزَوَّجَتْ بِلَا مَهْرٍ وَطَلَبَتْ مِنْ الزَّوْجِ أَنْ يَفْرِضَ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا فَامْتَنَعَ وَرَافَعَتْهُ إلَى الْقَاضِي وَأَتَتْ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِأَنَّ فُلَانَةَ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا تُسَاوِيهَا فِي الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ وَأَنَّهَا تَزَوَّجَتْ بِكَذَا يَحْكُمُ لَهَا الْقَاضِي بِمِثْلِ مَهْرِ فُلَانَةَ الْمَذْكُورَةِ بِلَا زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ، وَإِنَّمَا يُمْكِنُ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ عِنْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ بِالتَّرَاضِي كَمَا قُلْنَا.

وَإِذَا كَانَ فَرْضُ الْقَاضِي مَبْنِيًّا عَلَى مَا قُلْنَا مِنْ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ تَنْدَفِعُ الْمُخَالَفَةُ الَّتِي ادَّعَاهَا فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهُ لَا مُسَوِّغَ لِحَمْلِ مَا فِي الْمُحِيطِ، عَلَى أَنَّ الْقَاضِي يَفْرِضُ لَهَا مَهْرًا بِرَأْيِهِ وَيُلْزِمُ أَحَدَهُمَا بِالزِّيَادَةِ أَوْ النَّقْصِ بِلَا رِضَاهُ مَعَ إمْكَانِ الْمَصِيرِ إلَى الْوَاجِبِ لَهَا شَرْعًا عِنْدَ وُجُودِ مَنْ يُسَاوِيهَا فِي الصِّفَاتِ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ حَمْلَ كَلَامِ الْمُحِيطِ عَلَى حُكْمِ الْقَاضِي عِنْدَ عَدَمِ وُجُودِ مَنْ يُسَاوِيهَا مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا وَمِنْ الْأَجَانِبِ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَالْمُنْتَقَى أَيْضًا لِأَنَّ كَلَامَهُمَا فِي مَهْرِ الْمِثْلِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ وُجُودِ الْمُمَاثِلِ، فَيَتَوَقَّفُ ثُبُوتُهُ عَلَى الشَّهَادَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ. أَمَّا عِنْدَ عَدَمِ الْمُمَاثِلِ يَكُونُ تَقْدِيرًا لِمَهْرِ الْمِثْلِ جَارِيًا مَجْرَاهُ لَا عَيْنَهُ، فَيَنْظُرُ فِيهِ الْقَاضِي نَظَرَ تَأَمُّلٍ وَاجْتِهَادٍ، فَيَحْكُمُ بِهِ بِدُونِ شُهُودٍ وَإِقْرَارٍ مِنْ الزَّوْجِ، فَمَوْضُوعُ الْكَلَامَيْنِ مُخْتَلِفٌ كَمَا لَا يَخْفَى. وَعَلَى هَذَا لَا يَتَأَتَّى أَيْضًا فِيهِ زِيَادَةٌ أَوْ نُقْصَانٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>