وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْأَوْصَافِ (وَقْتَ الْعَقْدِ سِنًّا وَجَمَالًا وَمَالًا وَبَلَدًا وَعَصْرًا وَعَقْلًا وَدِينًا وَبَكَارَةً وَثُيُوبَةً وَعِفَّةً وَعِلْمًا وَأَدَبًا وَكَمَالَ خُلُقٍ) وَعَدَمَ وَلَدٍ. وَيُعْتَبَرُ حَالُ الزَّوْجِ أَيْضًا، ذَكَرَهُ الْكَمَالُ
ــ
[رد المحتار]
وَقَدْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا سَاوَتْ الْمَرْأَةُ امْرَأَتَيْنِ مِنْ أَقَارِبِ أَبِيهَا مَعَ اخْتِلَافِ مَهْرِهِمَا، هَلْ يُعْتَبَرُ بِالْمَهْرِ الْأَقَلِّ أَوْ الْأَكْثَرِ؟ وَيَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ مَهْرٍ اعْتَبَرَهُ الْقَاضِي وَحَكَمَ بِهِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِقِلَّةِ التَّفَاوُتِ اهـ وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ التَّفَاوُتُ كَثِيرًا.
وَقَالَ الْخَيْرُ الرَّمْلِيُّ: نَصَّ عُلَمَاؤُنَا عَلَى أَنَّ التَّفْوِيضَ لِقُضَاةِ الْعَهْدِ فَسَادٌ. وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَظْمُ الْفَقِيهِ اعْتِبَارُ الْأَقَلِّ لِلتَّيَقُّنِ بِهِ. اهـ.
قُلْت: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يُنْظَرُ فِي مَهْرِ كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الْمَرْأَتَيْنِ، فَمَنْ وَافَقَ مَهْرُهَا مَهْرَ مِثْلِهَا تُعْتَبَرُ، إذْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ حَصَلَ فِي مَهْرِ إحْدَاهُمَا مُحَابَاةٌ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ فِي الْأَوْصَافِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِإِغْنَاءِ قَوْلِهِ سِنًّا إلَخْ عَنْهُ مَعَ احْتِيَاجِهِ مَعَ تَكَلُّفٍ فِي الْإِعْرَابِ (قَوْلُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ) ظَرْفٌ لِمِثْلِهَا الثَّانِيَةِ بِالنَّظَرِ لِلْمَتْنِ، وَلِتُعْتَبَرَ بِالنَّظَرِ لِلشَّارِحِ. اهـ. ح.
وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَرَدْنَا أَنْ نَعْرِفَ مَهْرَ مِثْلِ الْمَرْأَةِ تَزَوَّجَتْ بِلَا تَسْمِيَةٍ مَثَلًا نَنْظُرُ إلَى صِفَاتِهَا وَقْتَ تَزَوُّجِهَا مِنْ سِنٍّ وَجَمَالٍ إلَخْ وَإِلَى امْرَأَةٍ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا كَانَتْ حِينَ تَزَوَّجَتْ فِي السِّنِّ وَالْجَمَالِ إلَخْ مِثْلُ الْأُولَى، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا حَدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْ زِيَادَةِ جَمَالٍ وَنَحْوِهِ أَوْ نَقْصٍ أَفَادَهُ الرَّحْمَتِيُّ (قَوْلُنَا سِنًّا) أَرَادَ بِهِ الصِّغَرَ أَوْ الْكِبَرَ بَحْرٌ، وَمِثْلُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ تَحْدِيدَ السِّنِّ بِالْعَدَدِ كَعِشْرِينَ سَنَةً مَثَلًا، بَلْ مُطْلَقُ الصِّغَرِ أَوْ الْكِبْرِ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّفَاوُتُ عُرْفًا فَبِنْتُ عِشْرِينَ مِثْلُ بِنْتِ ثَلَاثِينَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: لِأَنَّ مَهْرَ الْمِثْلِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ، فَإِنَّ الْغَنِيَّةَ تُنْكَحُ بِأَكْثَرَ مَا تُنْكَحُ بِهِ الْفَقِيرَةُ، وَكَذَا الشَّابَّةُ مَعَ الْعَجُوزِ، وَالْحَسْنَاءُ مَعَ الشَّوْهَاءِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ بَقِيَّةَ الصِّفَاتِ كَذَلِكَ، فَيُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي أَصْلِ الصِّفَةِ احْتِرَازًا عَنْ ضِدِّهَا لَا عَنْ الزِّيَادَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَجَمَالًا) وَقِيلَ لَا يُعْتَبَرُ الْجَمَالُ فِي بَيْتِ الْحَسَبِ وَالشَّرَفِ بَلْ فِي أَوْسَاطِ النَّاسِ، وَهَذَا جَيِّدٌ فَتْحٌ. وَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُهُ مُطْلَقًا بَحْرٌ، وَكَذَا رَدَّهُ فِي النَّهْرِ بِإِطْلَاقِ عِبَارَةِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ.
قُلْت: وَوَجْهُهُ أَنَّ الْكَلَامَ فِيمَنْ كَانَتْ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا، فَإِذَا سَاوَتْ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فِي الْحَسَبِ وَالشَّرَفِ وَزَادَتْ عَلَيْهَا فِي الْجَمَالِ كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِيهَا أَكْثَرَ (قَوْلُهُ وَبَلَدًا وَعَصْرًا) فَلَوْ كَانَتْ مِنْ قَوْمِ أَبِيهَا اخْتَلَفَ مَكَانُهُمَا أَوْ زَمَانُهُمَا لَا يُعْتَبَرُ بِمَهْرِهَا لِأَنَّ الْبَلَدَيْنِ تَخْتَلِفُ عَادَةُ أَهَلِهِمَا فِي غَلَاءِ الْمَهْرِ وَرُخْصِهِ، فَلَوْ زُوِّجَتْ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي زُوِّجَ فِيهِ أَقَارِبُهَا لَا يُعْتَبَرُ بِمُهُورِهِنَّ فَتْحٌ، وَمِثْلُهُ فِي كَافِي الْحَاكِمِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ كُتُبِ مُحَمَّدٍ، حَيْثُ قَالَ: وَلَا يُنْظَرُ إلَى نِسَائِهَا إذَا كُنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهَا لِأَنَّ مُهُورَ الْبُلْدَانِ مُخْتَلِفَةٌ. اهـ. وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَإِنْ قُلْنَا بِالِاكْتِفَاءِ بِبَعْضِ هَذِهِ الصِّفَاتِ عَلَى مَا يَأْتِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَعَقْلًا) هُوَ قُوَّةٌ مُمَيِّزَةٌ بَيْنَ الْأُمُورِ الْحَسَنَةِ وَالْقَبِيحَةِ، أَوْ هَيْئَةٍ مَحْمُودَةٍ لِلْإِنْسَانِ فِي مِثْلِ حَرَكَاتِهِ وَسَكَنَاتِهِ كَمَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى شَامِلٌ لِمَا شَرَطَهُ فِي النُّتَفِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ وَالتَّقْوَى وَالْعِفَّةِ وَكَمَالِ الْخُلُقِ قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَدِينًا) أَيْ دِيَانَةً وَصَلَاحًا قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ وَلَدٍ) أَيْ إنْ كَانَ مَنْ اُعْتُبِرَ لَهَا الْمَهْرُ كَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ اُعْتُبِرَ مَهْرُ مِثْلِهَا بِمَهْرِ مَنْ لَهَا وَلَدٌ ط (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ الْكَمَالُ) أَيْ نَقْلًا عَنْ الْمَشَايِخِ، وَفَسَّرَهُ بِأَنْ يَكُونَ زَوْجُ هَذِهِ كَأَزْوَاجِ أَمْثَالِهَا مِنْ نِسَائِهَا فِي الْمَالِ وَالْحَسَبِ وَعَدَمِهِمَا اهـ أَيْ وَكَذَا فِي بَقِيَّةِ الصِّفَاتِ، فَإِنَّ الشَّابَّ وَالْمُتَّقِي مَثَلًا يُزَوَّجُ بِأَرْخَصَ مِنْ الشَّيْخِ وَالْفَاسِقِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute