وَأَمَّا بُطْلَانُ إجَارَتِهَا فَلِأَنَّهَا عَلَى اسْتِهْلَاكِ عَيْنٍ ابْنُ كَمَالٍ، وَهَذَا إذَا نَبَتَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ أَنْبَتَهُ بِسَقْيٍ وَتَرْبِيَةٍ مَلَكَهُ وَجَازَ بَيْعُهُ عَيْنِيٌّ، وَقِيلَ لَا
قَالَ وَبَيْعُ الْقَصِيلِ وَالرَّطْبَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إنْ لِيَقْطَعَهُ أَوْ لِيُرْسِلَ دَابَّتَهُ فَتَأْكُلَ جَازَ وَإِنْ لِيَتْرُكَهُ لَمْ يَجُزْ، وَحِيلَتُهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ لِضَرْبِ فُسْطَاطِهِ أَوْ لِإِيقَافِ دَوَابِّهِ أَوْ لِمَنْفَعَةٍ أُخْرَى كَمَقِيلٍ وَمُرَاحٍ، وَتَمَامُهُ فِي وَقْفِ الْأَشْبَاهِ.
ــ
[رد المحتار]
إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَفِي الْمَاءِ سَقْيُ الدَّوَابِّ وَالِاسْتِقَاءُ مِنْ الْآبَارِ وَالْحِيَاضِ وَالْأَنْهَارِ الْمَمْلُوكَةِ، وَفِي الْكَلَإِ الِاحْتِشَاشُ، وَلَوْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ غَيْرَ أَنَّ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ الْمَنْعَ مِنْ دُخُولِهِ، وَلِغَيْرِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّ لِي فِي أَرْضِك حَقًّا فَإِمَّا أَنْ تُوصِلَنِي إلَيْهِ أَوْ تَحُشَّهُ أَوْ تَسْتَقِي وَتَدْفَعَهُ لِي، وَصَارَ كَثَوْبِ رَجُلٍ وَقَعَ فِي دَارِ رَجُلٍ إمَّا أَنْ يَأْذَنَ لِلْمَالِكِ فِي دُخُولِهِ لِيَأْخُذَهُ، وَإِمَّا أَنْ يُخْرِجَهُ إلَيْهِ فَتْحٌ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا بُطْلَانُ إجَارَتِهَا) مَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ الْكَمَالِ مِنْ بُطْلَانِ إجَارَتِهَا مُخَالِفٌ لِسَوْقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا: وَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَهَلْ الْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ ذَكَرَ فِي الشُّرْبِ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ حَتَّى يَمْلِكَ الْآجِرُ الْأُجْرَةَ بِالْقَبْضِ وَيَنْفُذَ عِتْقُهُ فِيهِ. اهـ قَالَ فِي النَّهْرِ: فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ اهـ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ بُطْلَانُ بَيْعِ الْكَلَإِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا) أَيْ لَا يَمْلِكُهُ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقُدُورِيِّ؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ ثَابِتَةٌ، وَإِنَّمَا تَنْقَطِعُ بِالْحِيَازَةِ وَسَوْقُ الْمَاءِ لَيْسَ بِحِيَازَةٍ وَعَلَى الْجَوَازِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ، وَاخْتَارَهُ الشَّهِيدُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَعَلَيْهِ فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَنْبَغِي أَنَّ حَافِرَ الْبِئْرِ يَمْلِكُ الْمَاءَ بِتَكَلُّفِهِ الْحَفْرَ وَالطَّيِّ لِتَحْصِيلِ الْمَاءِ كَمَا يَمْلِكُ الْكَلَأَ بِتَكَلُّفِهِ سَوْقَ الْمَاءِ إلَى الْأَرْضِ لِيَنْبُتَ فَلَهُ مَنْعُ الْمُسْتَقِي، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي أَرْضٍ مَمْلُوكَةٍ لَهُ اهـ. وَأَقُولُ: يُمْكِنُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ سَقْيَ الْكَلَأِ كَانَ سَبَبًا فِي إنْبَاتِهِ فَنَبَتَ، بِخِلَافِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ مَوْجُودٌ قَبْلَ حَفْرِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ بِالْحَفْرِ نَهْرٌ.
مَطْلَبٌ صَاحِبُ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ وَقَالَ الرَّمْلِيُّ: إنَّ صَاحِبَ الْبِئْرِ لَا يَمْلِكُ الْمَاءَ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: وَانْتِفَاخُ حَيَوَانٍ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ فَرَاجِعْهُ، وَهَذَا مَا دَامَ فِي الْبِئْرِ، أَمَّا إذَا أَخْرَجَهُ مِنْهَا بِالِاحْتِيَالِ كَمَا فِي السَّوَانِي فَلَا شَكَّ فِي مِلْكِهِ لَهُ لِحِيَازَتِهِ لَهُ فِي الْكِيزَانِ ثُمَّ صَبَّهُ فِي الْبِرَكِ بَعْدَ حِيَازَتِهِ. تَأَمَّلْ، ثُمَّ حَرَّرَ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا فِي الْبِئْرِ وَمَا فِي الْجِبَابِ وَالصَّهَارِيجِ الْمَوْضُوعَةِ فِي الْبُيُوتِ لِجَمْعِ مَاءِ الشِّتَاءِ بِأَنَّهَا أُعِدَّتْ لِإِحْرَازِ الْمَاءِ فَيَمْلِكُ مَا فِيهَا، فَلَوْ آجَرَ الدَّارَ لَا يُبَاحُ لِلْمُسْتَأْجِرِ مَاؤُهَا إلَّا بِإِبَاحَةِ الْمُؤْجِرِ اهـ مُلَخَّصًا
(قَوْلُهُ قَالَ) أَيْ الْعَيْنِيُّ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ الْقَصِيلِ وَالرَّطْبَةِ) فِي الْمِصْبَاحِ قَصَلْتُهُ قَصْلًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَطَعْتَهُ فَهُوَ قَصِيلٌ وَمَقْصُولٌ، مِنْهُ الْقَصِيلُ: وَهُوَ الشَّعِيرُ يُجَزُّ إذَا اخْضَرَّ لِعَلَفِ الدَّوَابِّ، وَالرَّطْبَةُ. الْغَضَّةُ خَاصَّةً قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ وَالْجَمْعُ رِطَابٌ مِثْلُ كَلْبَةٍ وَكِلَابٍ، وَالرُّطْبُ وِزَانُ قُفْلٍ: الْمَرْعَى الْأَخْضَرُ مِنْ بُقُولِ الرَّبِيعِ. وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ الرُّطْبَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ: الْخَلَا، وَهُوَ الْغَضُّ مِنْ الْكَلَإِ (قَوْلُهُ وَحِيلَتُهُ) أَيْ حِيلَةُ جَوَازِ بَيْعِ الْكَلَإِ وَكَذَا إجَارَتُهُ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْحِيلَةُ فِي جَوَازِ إجَارَتِهِ أَنْ يَسْتَأْجِرَهَا أَرْضًا لِإِيقَافِ الدَّوَابِّ فِيهَا أَوْ لِمَنْفَعَةٍ أُخْرَى بِقَدْرِ مَا يُرِيدُ صَاحِبُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْأُجْرَةِ فَيَحْصُلُ بِهِ غَرَضُهُمَا اهـ. وَفِي الْفَتْحِ: وَالْحِيلَةُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الْأَرْضَ لِيَضْرِبَ فِيهَا فُسْطَاطَهُ أَوْ لِيَجْعَلَهُ حَظِيرَةً لِغَنَمِهِ ثُمَّ يَسْتَبِيحَ الْمَرْعَى فَيَحْصُلُ مَقْصُودُهُمَا (قَوْلُهُ كَمَقِيلٍ وَمُرَاحٍ) الْمَقِيلُ: مَكَانُ الْقَيْلُولَةِ، وَهِيَ النَّوْمُ نِصْفَ النَّهَارِ. وَالْمُرَاحُ: بِالضَّمِّ حَيْثُ تَأْوِي الْمَاشِيَةُ بِاللَّيْلِ وَبِالْفَتْحِ اسْمُ الْمَوْضِعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute