لِوُجُودِ الْقِمَارِ، فَكَانَتْ فَاسِدَةً إنْ سَبَقَ ذِكْرُ الثَّمَنِ بَحْرٌ
(وَ) بَيْعُ (ثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ) أَوْ عَبْدٍ مِنْ عَبْدَيْنِ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ، فَلَوْ قَبَضَهُمَا وَهَلَكَا مَعًا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ كُلٍّ.
إذْ الْفَاسِدُ مُعْتَبَرٌ بِالصَّحِيحِ وَلَوْ مُرَتَّبَيْنِ، فَقِيمَةُ الْأَوَّلِ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ وَالْقَوْلُ لِلضَّامِنِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ خِيَارُ التَّعْيِينِ، فَلَوْ شَرَطَ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ جَازَ لِمَا مَرَّ
(وَالْمَرَاعِي) أَيْ الْكَلَأُ (وَإِجَارَتُهَا) أَمَّا بُطْلَانُ بَيْعِهَا فَلِعَدَمِ الْمِلْكِ لِحَدِيثِ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ فِي الْمَاءِ وَالْكَلَأِ وَالنَّارِ»
ــ
[رد المحتار]
بِالْأَوَّلَيْنِ دَلَالَةً (قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْقِمَارِ) أَيْ بِسَبَبِ تَعْلِيقِ التَّمْلِيكِ بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ إنْ سَبَقَ ذِكْرُ الثَّمَنِ) عِبَارَةُ الْبَحْرِ: وَلَا بُدَّ فِي هَذِهِ الْبُيُوعِ أَنْ يَسْبِقَ الْكَلَامُ مِنْهُمَا عَلَى الثَّمَنِ. اهـ أَيْ لِتَكُونَ عِلَّةُ الْفَسَادِ مَا ذَكَرَ وَإِلَّا كَانَ الْفَسَادُ لِعَدَمِ ذِكْرِ الثَّمَنِ إنْ سَكَتَا عَنْهُ، لِمَا مَرَّ أَنَّ الْبَيْعَ مَعَ نَفْيِ الثَّمَنِ بَاطِلٌ وَمَعَ السُّكُوتِ عَنْهُ فَاسِدٌ.
(قَوْلُهُ وَثَوْبٍ مِنْ ثَوْبَيْنِ) قَيَّدَ بِالْقِيَمِيِّ، إذْ بَيْعُ الْمُبْهَمِ فِي الْمِثْلِيِّ جَائِزٌ كَقَفِيزٍ مِنْ صُبْرَةٍ (قَوْلُهُ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَةِ كُلٍّ) ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ مَقْبُوضٌ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْآخَرَ أَمَانَةٌ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَشَاعَتْ الْأَمَانَةُ وَالضَّمَانُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ إذْ الْفَاسِدُ مُعْتَبَرٌ بِالصَّحِيحِ) أَيْ مُلْحَقٌ بِهِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا بِأَنْ يَقْبِضَ ثَوْبَيْنِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا صَحَّ، فَإِذَا هَلَكَا ضَمِنَ نِصْفَ ثَمَنِ كُلِّ وَاحِدٍ، وَالْقِيمَةُ فِي الْفَاسِدِ كَالثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ رَدِّهِ) أَيْ رَدِّ مَا هَلَكَ أَوَّلًا فَتَعَيَّنَ مَضْمُونًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِلضَّامِنِ) أَيْ فِي تَعْيِينِ الْهَالِكِ، وَذَلِكَ بِأَنْ اخْتَلَفَ الثَّوْبَانِ أَوْ الْعَبْدَانِ وَادَّعَى الضَّامِنُ أَنَّ الْهَالِكَ هُوَ الْأَقَلُّ قِيمَةً وَعَكْسُ الْآخَرِ، وَلَوْ بَرْهَنَّا فَبُرْهَانُ الْبَائِعِ أَوْلَى فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا قَدَّمْنَا التَّصْرِيحَ بِهِ فِي خِيَارِ التَّعْيِينِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْفَسَادُ فِيمَا إذَا بَاعَ ثَوْبَيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ خِيَارُ التَّعْيِينِ) أَيْ فِيمَا دُونَ الْأَرْبَعَةِ، وَقَوْلُ الْبَحْرِ فِيمَا دُونَ الثَّلَاثَةِ فِيهِ قُصُورٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ شَرَطَ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ) بِنَصْبِ أَخْذَ مَصْدَرًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ لِشَرَطَ، بِأَنْ قَالَ بِعْتُك وَاحِدًا مِنْهُمَا عَلَى أَنَّك بِالْخِيَارِ تَأْخُذُ أَيَّهُمَا شِئْت فَإِنَّهُ يَجُوزُ اسْتِحْسَانًا، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ الْمَسْأَلَةِ بِفُرُوعِهَا فِي خِيَارِ الشَّرْطِ فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ خِيَارِ الشَّرْطِ وَالتَّعْيِينِ.
(قَوْلُهُ وَالْمَرَاعِي) فِي الْمِصْبَاحِ: الرِّعْيُ بِالْكَسْرِ وَالْمَرْعَى بِمَعْنَى وَاحِدٍ، وَهُوَ مَا تَرْعَاهُ الدَّوَابُّ وَالْجَمْعُ الْمَرَاعِي بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَيْ الْكَلَأُ) فَسَّرَهَا بِالْكَلَإِ دَفْعًا لِوَهْمِ أَنْ يُرَادَ مَكَانُ الرَّعْيِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فَتْحٌ: أَيْ إذَا كَانَ مَمْلُوكًا كَمَا لَا يَخْفَى وَالْكَلَأُ كَجَبَلٍ: الْعُشْبُ رَطْبُهُ وَيَابِسُهُ قَامُوسٌ: قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَدْخُلُ فِيهِ جَمِيعُ أَنْوَاعِ مَا تَرْعَاهُ الْمَوَاشِي رَطْبًا كَانَ أَوْ يَابِسًا، بِخِلَافِ الْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّ الْكَلَأَ مَا لَا سَاقَ لَهُ وَالشَّجَرُ لَهُ سَاقٌ فَلَا تَدْخُلُ فِيهِ، حَتَّى يَجُوزَ بَيْعُهَا إذَا نَبَتَتْ فِي أَرْضِهِ لِكَوْنِهَا مِلْكَهُ وَالْكَمْأَةُ كَالْكَلَإِ. اهـ (قَوْلُهُ أَمَّا بُطْلَانُهَا) هَذَا مُخَالِفٌ لِسَوْقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي ذِكْرِ الْفَاسِدِ، فَمُرَادُهُ أَنَّ بَيْعَهَا فَاسِدٌ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي شَرْحِهِ، نَعَمْ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَصَرَّحَ مُنْلَا خُسْرو بِفَسَادِ هَذَا الْبَيْعِ، وَصَرَّحَ فِي شَرْحِ الْوُقَايَةِ بِبُطْلَانِهِ وَعَلَّلَهُ بِعَدَمِ الْإِحْرَازِ.
اهـ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ شَرْحُ كَلَامِهِ عَلَى وَفْقِ مَرَامِهِ مَعَ بَيَانِ الْقَوْلِ الْآخَرِ، وَكَأَنَّ الشَّارِحَ لَمَّا رَأَى الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ مُعَلَّلًا بِعَدَمِ الْمِلْكِ حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ مَا لَا يَمْلِكُ بَاطِلٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ لَكِنَّهُ لَا يُوَافِقُ غَرَضَ الْمُصَنِّفُ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ فَلِعَدَمِ الْمِلْكِ) لِاشْتِرَاكِ النَّاسِ فِيهِ اشْتَرَاكَ إبَاحَةٍ لَا مِلْكٍ، وَلِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لِلْمُشْتَرِي فِيهِ فَائِدَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَلَّكُهُ بِدُونِ بَيْعٍ فَتْحٌ (قَوْلُهُ لِحَدِيثِ: النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ) أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ بِلَفْظِ " الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ " إلَخْ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ وَفِي آخِرِهِ " ثَمَنُهُ حَرَامٌ " أَيْ ثَمَنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا، وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ عَدِيٍّ. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ نُوحٌ أَفَنْدِي، وَمَعْنَى الشَّرِكَةِ فِي النَّارِ الِاصْطِلَاءُ بِهَا وَتَجْفِيفُ الثِّيَابِ لَا أَخَذُ الْجَمْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute