للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَالْغَائِصِ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ الْغَوَّاصُ، وَالْبَيْعُ فِيهِمَا بَاطِلٌ لِلْغَرَرِ بَحْرٌ وَنَهْرٌ وَالْكَمَالُ وَابْنُ الْكَمَالِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَقَدْ نَظَمَهُ مُنْلَا خُسْرو فِي سَلْكِ الْمَقَاصِدِ فَتَبِعْتُهُ فِي الْمُخْتَصَرِ، وَيَجِبُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْبَاطِلُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ كَمَا مَرَّ

(وَالْمُزَابَنَةُ) هِيَ بَيْعُ الرُّطَبِ عَلَى النَّخْلِ بِتَمْرٍ مَقْطُوعٍ مِثْلُ كَيْلِهِ تَقْدِيرًا شُرُوحُ مَجْمَعٍ، وَمِثْلُهُ الْعِنَبُ بِالزَّبِيبِ عِنَايَةٌ لِلنَّهْيِ وَلِشُبْهَةِ الرِّبَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ رَطْبًا جَازَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ (وَالْمُلَامَسَةُ) لِلسِّلْعَةِ (وَالْمُنَابَذَةُ) أَيْ نَبْذُهَا لِلْمُشْتَرِي (وَإِلْقَاءُ الْحَجَرِ) عَلَيْهَا، وَهِيَ مِنْ بُيُوعِ الْجَاهِلِيَّةِ فَنُهِيَ عَنْهَا كُلُّهَا عَيْنِيٌّ

ــ

[رد المحتار]

بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك مَا يَخْرُجُ مِنْ إلْقَاءِ هَذِهِ الشَّبَكَةِ مَرَّةً بِكَذَا نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَالْغَائِصُ) بِأَنْ يَقُولَ: أَغُوصُ غَوْصَةً فَمَا أَخْرَجْتُهُ مِنْ اللَّآلِئِ فَهُوَ لَكَ بِكَذَا كَمَا فِي تَهْذِيبِ الْأَزْهَرِيّ، وَمُقْتَضَاهُ الْمُبَايَنَةُ بَيْنَ الْقَانِصِ بِالْقَافِ وَالْغَائِصِ بِالْغَيْنِ، وَفَسَّرَ الزَّيْلَعِيُّ ضَرْبَةَ الْقَانِصِ بِالْقَافِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْ الصَّيْدِ بِضَرْبَةِ الشَّبَكَةِ أَوْ بِغَوْصِ الصَّائِدِ فِي الْمَاءِ. قَالَ النَّهْرِ: وَهَذَا يُوهِمُ شُمُولَ الْقَانِصِ بِالْقَافِ لِلْغَائِصِ، وَالْوَاقِعُ مَا قَدْ عَلِمْتَهُ. وَجَعَلَ فِي السِّرَاجِ الْقَانِصُ صَيَّادُ الْبَرِّ وَالْغَائِصُ صَيَّادُ الْبَحْرِ. وَالْحَقُّ أَنَّ الصَّائِدَ بِالْآلَةِ وَهُوَ الْقَانِصُ بِالْقَافِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ فِي الْبَحْرِ أَوْ الْبَرِّ بِخِلَافِ الْغَائِصِ. اهـ. وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْقَانِصَ بِالْقَافِ مَنْ يَصْطَادُ الصَّيْدَ بَرًّا أَوْ بَحْرًا، وَأَمَّا الْغَائِصُ بِالْغَيْنِ فَهُوَ مَنْ يَغُوصُ لِاسْتِخْرَاجِ اللَّآلِئِ مَثَلًا

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفُ وَبَيْعُ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ.

(قَوْلُهُ وَالْمُزَابَنَةُ) مِنْ الزَّبْنِ: وَهُوَ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّهَا تُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ وَالْمُدَافَعَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْفَائِقِ (قَوْلُهُ مِثْلُ كَيْلِهِ تَقْدِيرًا) أَيْ بِأَنْ يُقَدَّرَ الرُّطَبُ الَّذِي عَلَى النَّخْلِ بِمِقْدَارِ مِائَةِ صَاعٍ مَثَلًا بِطَرِيقِ الظَّنِّ وَالْحَزْرِ فَيَبِيعُهُ بِقَدْرِهِ مِنْ التَّمْرِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْعِنَبُ) أَيْ عَلَى الْكَرْمِ (قَوْلُهُ وَلِشُبْهَةِ الرِّبَا) ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَكِيلٍ بِمَكِيلٍ مِنْ جِنْسِهِ مَعَ احْتِمَالِ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُمَا بِالْكَيْلِ (قَوْلُهُ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ أَيْ) مَا بِيعَ بِالتَّمْرِ الْمَقْطُوعِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ تَعْرِيفَ الْمُزَابَنَةِ بِأَنَّهَا بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ: أَيْ بِالْمُثَلَّثَةِ فِي الْأَوَّلِ وَالْمُثَنَّاةِ فِي الثَّانِي خِلَافُ التَّحْقِيقِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ بَيْعُ الرُّطَبِ بِتَمْرٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ بِالْمُثَلَّثَةِ حَمْلُ الشَّجَرِ رُطَبًا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ رُطَبًا جَازَ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَلَوْ كَانَ الرُّطَبُ عَلَى الْأَرْضِ كَالتَّمْرِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ مُتَسَاوِيًا عِنْدَ الْعُلَمَاءِ إلَّا أَبَا حَنِيفَةَ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الرِّبَا. اهـ (قَوْلُهُ فَنَهَى عَنْهَا كُلِّهَا) فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ» زَادَ مُسْلِمٌ أَمَّا الْمُلَامَسَةُ: فَأَنْ يَلْمِسَ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَوْبَ صَاحِبِهِ بِغَيْرِ تَأَمُّلٍ لِيَلْزَمَ اللَّامِسَ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ لَهُ عِنْدَ الرُّؤْيَةِ، وَهَذَا بِأَنْ يَكُونَ مَثَلًا فِي ظُلْمَةٍ أَوْ يَكُونَ الثَّوْبُ مَطْوِيًّا مَرْئِيًّا يَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمَسَهُ فَقَدْ بَاعَهُ مِنْهُ، وَفَسَادُهُ لِتَعْلِيقِ التَّمْلِيكِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى لَمَسَهُ وَجَبَ الْبَيْعُ وَسَقَطَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ: وَالْمُنَابَذَةُ: أَنْ يَنْبِذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَوْبَهُ إلَى الْآخَرِ وَلَا يَنْظُرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَى ثَوْبِ صَاحِبِهِ عَلَى جَعْلِ النَّبْذِ بَيْعًا، وَهَذِهِ كَانَتْ بُيُوعًا يَتَعَارَفُونَهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ وَكَذَا إلْقَاءُ الْحَجَرِ أَنْ يُلْقِيَ حَصَاةً وَثَمَّةَ أَثْوَابٍ فَأَيُّ ثَوْبٍ وَقَعَ عَلَيْهِ كَانَ الْمَبِيعَ بِلَا تَأَمُّلٍ وَرُؤْيَةٍ، وَلَا خِيَارَ بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْبِقَ تَرَاوُضَهُمَا عَلَى الثَّمَنِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَبِيعِ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ. وَمَعْنَى النَّهْيِ مَا فِي كُلٍّ مِنْ الْجَهَالَةِ وَتَعْلِيقِ التَّمْلِيكِ بِالْخَطَرِ فَإِنَّهُ فِي مَعْنَى إذَا وَقَعَ حَجَرِي عَلَى ثَوْبٍ فَقَدْ بِعْتُهُ مِنْكَ أَوْ بِعْتنِيهِ بِكَذَا أَوْ إذَا نَبَذْته أَوْ لَمَسْته كَذَا فِي الْفَتْحِ. وَذَكَرَ فِي الدُّرَرِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ إلْقَاءِ الْحَجَرِ أُلْحِقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>